كَراهَةَ أن يَدخُلَهَا الحُسَينُ عليه السلام وأنا بِها ، وَاللَّهِ ما اُريدُ أن أراهُ ولا يَراني ، فَأَتاهُ الرَّسولُ فَأَخبَرَهُ ، فَأَخَذَ الحُسَينُ عليه السلام نَعلَيهِ فَانتَعَلَ ، ثُمَّ قامَ فَجاءَهُ حَتّى دَخَلَ عَلَيهِ ، فَسَلَّمَ وجَلَسَ ، ثُمَّ دَعاهُ إلَى الخُروجِ مَعَهُ ، فَأَعاد إلَيهِ ابنُ الحُرِّ تِلكَ المَقالَةَ .
فَقالَ : فَإِن لا تَنصُرنا فَاتَّقِ اللَّهَ أن تَكونَ مِمَّن يُقاتِلُنا ، فَوَاللَّهِ لا يَسمَعُ وَاعِيَتَنا أحَدٌ ثُمَّ لا يَنصُرُنا إلّا هَلَكَ . قالَ : أمّا هذا فَلا يَكونُ أبَداً إن شاءَ اللَّهُ .
ثُمَّ قامَ الحُسَينُ عليه السلام مِن عِندِهِ حَتّى دَخَلَ رَحلَهُ . ۱
۷۲۷.الأخبار الطوال : ارتَحَلَ الحُسَينُ عليه السلام مِن مَوضِعِهِ ذلِكَ مُتَيامِناً ۲ عَن طَريقِ الكوفَةِ ، حَتّى انتَهى إلى قَصرِ بَني مُقاتِلٍ ، فَنَزَلوا جَميعاً هُناكَ ، فَنَظَرَ الحُسَينُ عليه السلام إلى فُسطاطٍ مَضروبٍ ، فَسَأَلَ عَنهُ ، فَاُخبِرَ أنَّهُ لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ الحُرِّ الجُعفِيِّ ، وكانَ مِن أشرافِ أهلِ الكوفَةِ ، وفُرسانِهِم .
فَأَرسَلَ الحُسَينُ عليه السلام إلَيهِ بَعضَ مَواليهِ يَأمُرُهُ بِالمَصيرِ إلَيهِ ، فَأَتاهُ الرَّسولُ ، فَقالَ : هذَا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام يَسأَلُكَ أن تَصيرَ إلَيهِ .
فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ : وَاللَّهِ ما خَرَجتُ مِنَ الكوفَةِ إلّا لِكَثرَةِ مَن رَأَيتُهُ خَرَجَ لِمُحارَبَتِهِ ، وخِذلانِ شيعَتِهِ ، فَعَلِمتُ أنَّهُ مَقتولٌ ولا أقدِرُ عَلى نَصرِهِ ، فَلَستُ اُحِبُّ أن يَراني ولا أراهُ .
فَانتَعَلَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى مَشى ودَخَلَ عَلَيهِ قُبَّتَهُ ، ودَعاهُ إلى نُصرَتِهِ ، فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ : وَاللَّهِ إنّي لَأَعلَمُ أنَّ مَن شايَعَكَ كانَ السَّعيدَ فِي الآخِرَةِ ، ولكِن ما عَسى أن اُغنِيَ عَنكَ ، ولَم اُخُلِّف لَكَ بِالكوفَةِ ناصِراً ؟! فَأنشُدُكَ اللَّهَ أن تَحمِلَني عَلى هذِهِ الخُطَّةِ ؛ فَإِنَّ نَفسي لَم تَسمَع بَعدُ بِالمَوتِ ، ولكِن فَرَسي هذِهِ المُلحِقَةُ ، وَاللَّهِ ما طَلَبتُ عَلَيها شَيئاً قَطُّ إلّا لَحِقتُهُ ،