681
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

يَمنَعُكَ اللَّهُ بِهِ حَتّى‏ تَرى‏ مِن رَأيِكَ ، ويَستَبينَ لَكَ ما أنتَ صانِعٌ ، فَسِر حَتّى‏ اُنزِلَكَ مَناعَ جَبَلِنا الَّذي يُدعى‏ أجَأً ، اِمتَنَعنا وَاللَّهِ بِهِ مِن مُلوكِ غَسّانَ وحِميَرٍ ، ومِنَ النُّعمانِ بنِ المُنذِرِ ، ومِنَ الأَسوَدِ وَالأَحمَرِ ، وَاللَّهِ إن دَخَلَ عَلَينا ذُلٌّ قَطُّ ؛ فَأَسيرُ مَعَكَ حَتّى‏ اُنزِلَكَ القُرَيَّةَ ، ثُمَّ نَبعَثُ إلَى الرِّجالِ مِمَّن بِأَجَأٍ وسَلمى‏ مِن طَيِّئٍ ، ۱ فَوَاللَّهِ لا يَأتي عَلَيكَ عَشَرَةُ أيّامٍ حَتّى‏ تَأتِيَكَ طَيِّئٌ رِجالاً ورُكباناً ، ثُمَّ أقِم فينا ما بَدا لَكَ ، فَإِن هاجَكَ هَيجٌ فَأَنَا زَعيمٌ لَكَ بِعِشرينَ ألفَ طائِيٍّ يَضرِبونَ بَينَ يَدَيكَ بِأَسيافِهِم ، وَاللَّهِ لا يوصَلُ إلَيكَ أبَداً ومِنهُم عَينٌ تَطرِفُ .
فَقالَ لَهُ : جَزاكَ اللَّهُ وقَومَكَ خَيراً ! إنَّهُ قَد كانَ بَينَنا وبَينَ هؤُلاءِ القَومِ قَولٌ لَسنا نَقدِرُ مَعَهُ عَلَى الاِنصِرافِ ، ولا نَدري عَلامَ تَنصَرِفُ بِنا وبِهِمُ الاُمورُ في عاقِبِهِ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني جَميلُ بنُ مَرثَدٍ ، قالَ : حَدَّثَني الطِّرِمّاحُ بنُ عَدِيٍّ، قالَ: فَوَدَّعتُهُ وقُلتُ لَهُ : دَفَعَ اللَّهُ عَنكَ شَرَّ الجِنِّ وَالإِنسِ ، إنّي قَدِ امتَرتُ ۲ لِأَهلي مِنَ الكوفَةِ ميرَةً ، ومَعي نَفَقَةٌ لَهُم ، فَآتيهِم فَأَضَعُ ذلِكَ فيهِم ، ثُمَّ اُقبِلُ إلَيكَ إن شاءَ اللَّهُ ، فَإِن ألحَقكَ فَوَاللَّهِ لَأَكونَنَّ مِن أنصارِكَ .
قالَ : فَإِن كُنتَ فاعِلاً فَعَجِّل رَحِمَكَ اللَّهُ ! قالَ : فَعَلِمتُ أنَّهُ مُستَوحِشٌ إلَى الرِّجالِ حَتّى‏ يَسأَلُنِي التَّعجيلَ .
قالَ : فَلَمّا بَلَغتُ أهلي وَضَعتُ عِندَهُم ما يُصلِحُهُم ، وأوصَيتُ ، فَأَخَذَ أهلي يَقولونَ : إنَّكَ لَتَصنَعُ مَرَّتُكَ هذِهِ شَيئاً ما كُنتَ تَصنَعُهُ قَبلَ اليَومِ ! فَأَخبَرتُهُم بِما اُريدُ ، وأقبَلتُ في طَريقِ بَني ثُعَلٍ ، حَتّى‏ إذا دَنَوتُ مِن عُذَيبِ الهِجاناتِ استَقبَلَني سَماعَةُ بنُ بَدرٍ ، فَنَعاهُ إلَيَّ ، فَرَجَعتُ . ۳

1.راجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

2.المِيرَة : الطعام يمتاره الإنسان ، وامتارَ لهم : جلبَ لهم . ويقال : مارَهُم يميرهم : إذا أعطاهم المِيرة (تاج العروس : ج ۷ ص ۵۰۰ «مير») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۳ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۷۳ كلاهما نحوه وراجع : تجارب الاُمم : ج ۲ ص ۶۵ ، ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۲۸ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
680

قالَ : ثُمَّ قالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : أخبِروني خَبَرَ النّاسِ وَراءَكُم ؟
فَقالَ لَهُ مُجَمِّعُ بنُ عَبدِ اللَّهِ العائِذِيُّ ، وهُوَ أحَدُ النَّفَرِ الأَربَعَةِ الَّذينِ جاؤوهُ : أمّا أشرافُ النّاسِ فَقَد اُعظِمَت رِشوَتُهُم ، ومُلِئَت غَرائِرُهُم ، يُستَمال وُدُّهُم ، ويُستَخلَصُ بِهِ نَصيحَتُهُم ، فَهُم إلبٌ ۱ واحِدٌ عَلَيكَ ، وأمّا سائِرُ النّاسِ بَعدُ ، فَإِنَّ أفئِدَتَهُم تَهوي إلَيكَ ، وسُيوفَهُم غَداً مَشهورَةٌ عَلَيكَ .
قالَ : أخبِروني ، فَهَل لَكُم بِرَسولي إلَيكُم ؟ قالوا : مَن هُوَ ؟ قالَ : قَيسُ بنُ مُسهِرٍ الصَّيداوِيُّ .
فَقالوا : نَعَم ، أخَذَهُ الحُصَينُ بنُ تَميمٍ ۲ ، فَبَعَثَ بِهِ إلَى ابنِ زِيادٍ ، فَأَمَرَهُ ابنُ زِيادٍ أن يَلعَنَكَ ويَلعَنَ أباكَ ، فَصَلّى‏ عَلَيكَ وعَلى‏ أبيكَ ، ولَعَنَ ابنَ زِيادٍ وأباهُ ، ودَعا إلى‏ نُصرَتِكَ ، وأخبَرَهُم بِقُدومِكَ ، فَأَمَرَ بِهِ ابنُ زِيادٍ فَاُلقِيَ مِن طَمارِ ۳ القَصرِ ؛ فَتَرَقرَقَت عَينا حُسَينٍ عليه السلام ولَم يَملِك دَمعَهُ ، ثُمَّ قالَ : (فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ). ۴ اللَّهُمَّ اجعَل لَنا ولَهُمُ الجَنَّةَ نُزُلاً ، وَاجمَع بَينَنا وبَينَهُم في مُستَقَرًّ مِن رَحمَتِكَ ، ورَغائِبِ مَذخورِ ثَوابِكَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني جَميلُ بنُ مَرثَدٍ مِن بَني مَعَنٍ ، عَنِ الطِّرِمّاحِ بنِ عَدِيٍّ ؛ أنَّهُ دَنا مِنَ الحُسَينِ عليه السلام فَقالَ لَهُ : وَاللَّه إِنّي لَأَنظُرُ فَما أرى‏ مَعَكَ أحَداً ، ولَو لَم يُقاتِلكَ إلّا هؤُلاءِ الَّذينَ أراهُم مُلازِميكَ لَكانَ كَفى‏ بِهِم ، وقَد رَأَيتُ قَبلَ خُروجي مِنَ الكوفَةِ إلَيكَ بِيَومٍ ظَهرَ الكوفَةِ ، وفيهِ مِنَ النّاسِ ما لَم تَرَ عَينايَ في صَعيدٍ واحِدٍ جَمعاً أكثَرَ مِنهُ ، فَسَأَلتُ عَنهُم ، فَقيلَ : اِجتَمَعوا لِيُعرَضوا ، ثُمَّ يُسَرَّحونَ إلَى الحُسَينِ .
فَأَنشُدُكَ اللَّهَ إن قَدَرتَ عَلى‏ ألّا تَقَدَّمَ عَلَيهِم شِبراً إلّا فَعَلتَ ! فإن أرَدتَ أن تَنزِلَ بَلَداً

1.الإلبُ - بالفتح والكسر - : القوم يجتمعون على عداوة إنسان (النهاية : ج ۱ ص ۵۹ «ألب») .

2.كذا في المصدر ، وفي أكثر المصادر : «الحصين بن نمير» .

3.طَمار - بوزن قَطام - : الموضع المرتفع العالي (النهاية : ج ۳ ص ۱۳۸ «طمر») .

4.الأحزاب : ۲۳ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11873
صفحه از 850
پرینت  ارسال به