وقَد عَلِمتُم أنَّ هؤُلاءِ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَوَلَّوا عَن طاعَةِ الرَّحمنِ ، وأظهَرُوا الفَسادَ ، وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَيءِ ، وأحَلّوا حَرامَ اللَّهِ ، وحَرَّموا حَلالَهُ ، وأنَا أحَقُّ مِن غَيري بِهذَا الأَمرِ ؛ لِقَرابَتي مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وقَد أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم بِبَيعَتِكُم أنَّكُم لا تَخذُلونّي ، فَإِن وَفَيتُم لي بِبَيعَتِكُم فَقَدِ استَوفَيتُم حَقَّكُم وحَظَّكُم ورُشدَكُم ، ونَفسي مَعَ أنفُسِكُم ، وأهلي ووُلدي مَعَ أهاليكُم وأولادِكُم ، فَلَكُم فِيَّ اُسوَةٌ .
وإن لَم تَفعَلوا ونَقَضتُم عَهدَكُم ومَواثيقَكُم ، وخَلَعتُم بَيعَتَكُم ، فَلَعَمري ما هِيَ مِنكُم بِنُكرٍ ، لَقَد فَعَلتُموها بِأَبي وأخي وابنِ عَمّي ، هَلِ المَغرورُ إلّا مَنِ اغتَرَّ بِكُم ، فَإِنَّما حَقَّكُم أخطَأتُم ونَصيبَكُم ضَيَّعتُم ، ومَن نَكَثَ فَإِنَّما يَنكُثُ عَلى نَفسِهِ ، وسَيُغنِي اللَّهُ عَنكُم ، وَالسَّلامُ .
قالَ : ثُمَّ طَوى الكِتابَ وخَتَمَهُ ، ودَفَعَهُ إلى قَيسِ بنِ مُسهِرٍ الصَّيداوِيِّ ، وأمَرَهُ أن يَسيرَ إلَى الكوفَةِ . ۱
۷۲۲.أنساب الأشراف : تَياسَرَ الحُسَينُ عليه السلام إلى طَريقِ العُذَيبِ وَالقادِسِيَّةِ ، وبَينَهُ - حينَئِذٍ - وبَينَ العُذَيبِ ثَمانِيَةٌ وثَلاثونَ ميلاً ، ثُمَّ إنَّ الحُسَينَ عليه السلام سارَ في أصحابِهِ وَالحُرُّ بنُ يَزيدَ يُسايِرُهُ .
وخَطَبَ الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : إنَّ هؤُلاءِ قَومٌ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ ، فَأَظهَرُوا الفَسادَ ، وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَيءِ ، وأنَا أحَقُّ مَن غَيَّرَ ، وقَد أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم ، فَإِن تُتِمّوا عَلَيَّ بَيعَتَكُم تُصيبوا رُشدَكُم . ووَبَّخَهُم بِما فَعَلوا بِأَبيهِ وأخيهِ قَبلَهُ .
فَقامَ زُهَيرُ بنُ القَينِ فَقالَ : وَاللَّهِ لَو كُنّا فِي الدُّنيا مُخَلَّدينَ ، لَآثَرنا فِراقَها في نُصرَتِكَ ومُواساتِكَ . فَدَعا لَهُ الحُسَينُ عليه السلام بِخَيرٍ . ۲