المَوضِعِ وَاللَّهِ نَخلٌ ، ولا أحسَبُكُم تَرَونَ إلّا هَوادِيَ الخَيلِ وأطرافَ الرِّماحِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وأنا وَاللَّهِ أرى ذلِكَ .
فَمَضَوا لِوُجوهِهِم ، ولَحِقَهُمُ الحُرُّ بنُ يَزيدَ في أصحابِهِ ، فَقالَ لِلحُسَينِ عليه السلام : إنّي اُمِرتُ أن اُنزِلَكَ في أيِّ مَوضِعٍ لَقيتُكَ ، واُجَعجِعَ بِكَ ، ولا أترُكَكَ أن تَزولَ مِن مَكانِكَ .
قالَ : إذاً اُقاتِلَكَ ، فَاحذَر أن تَشقى بِقَتلي ثَكِلَتكَ اُمُّكَ !
فَقالَ : أما وَاللَّهِ لَو غَيرُكَ مِنَ العَرَبِ يَقولُها - وهُوَ عَلى مِثلِ الحالِ الَّتي أنتَ عَلَيها - ما تَرَكتُ ذِكرَ اُمِّهِ بِالثُّكلِ أن أقولَهُ كائِناً مَن كانَ ، ولكِن - وَاللَّهِ - ما لي إلى ذِكرِ اُمِّكَ مِن سَبيلٍ إلّا بِأَحسنِ ما يُقدَرُ عَلَيهِ .
وأقبَلَ يَسيرُ وَالحُرُّ يُسايِرُهُ ويَمنَعُهُ مِنَ الرُّجوعِ مِن حَيثُ جاءَ ، ويَمنَعُ الحُسَينُ عليه السلام مِن دُخولِ الكوفَةِ ، حَتّى نَزَلَ بِأَقساسِ مالِكٍ ۱ ، وكَتَبَ الحُرُّ إلى عُبَيدِ اللَّهِ يُعلِمُهُ ذلِكَ . ۲
۷۱۲.الأخبار الطوال : فَلَمَّا انتَصَفَ النَّهارُ وَاشتَدَّتِ الحَرُّ - وكانَ ذلِكَ فِي القَيظِ - تَراءَت لَهُمُ الخَيلُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِزُهَيرِ بنِ القَينِ : أما هاهُنا مَكانٌ يُلجَأُ إلَيهِ ، أو شَرَفٌ نَجعَلُهُ خَلفَ ظُهورِنا ونَستَقبِلُ القَومَ مِن وَجهٍ واحِدٍ ؟
قالَ لَهُ زُهَيرٌ : بَلى ، هذا جَبَلُ ذي جُشَمٍ يَسرَةً عَنكَ ، فَمِل بِنا إلَيهِ فَإِن سَبَقتَ إلَيهِ فَهُوَ كَما تُحِبُّ ، فَسارَ حَتّى سَبَقَ إلَيهِ ، وجَعَلَ ذلِكَ الجَبَلَ وَراءَ ظَهرِهِ .
وأقبَلَتِ الخَيلُ - وكانوا ألفَ فارِسٍ - مَعَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ التَّميمِيِّ ، ثُمَّ اليَربوعِيِّ ، حَتّى إذا دَنَوا ، أمَرَ الحُسَينُ عليه السلام فِتيانَهُ أن يَستَقبلوهُم بِالماءِ ، فَشَرِبوا ، وتَغَمَّرَت خَيلُهُم ، ثُمَّ جَلَسوا جَميعاً في ظِلِّ خُيولِهِم ، وأعِنَّتُها في أيديهِم ، حَتّى إذا حَضَرَتِ الظُّهرُ قالَ الحُسَينُ عليه السلام لِلحُرِّ : أتُصَلّي مَعَنا ، أم تُصَلّي بِأَصحابِكَ واُصَلّي بِأَصحابي ؟ قالَ الحُرُّ : بَل