669
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا حُرُّ ! كَأَنَّكَ تُخبِرُني أنّي مَقتولٌ ! فَقالَ الحُرُّ : أبا عَبدِ اللَّهِ ! نَعَم ، ما أشُكُّ في ذلِكَ إلّا أن تَرجِعَ مِن حَيثُ جِئتَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ما أدري ما أقولُ لَكَ ، ولكِنّي أقولُ كَما قالَ أخُو الأَوسِ حَيثُ يَقولُ :

سَأَمضي‏وما بِالمَوتِ عارٌ عَلَى‏الفَتى‏إذا ما نَوى‏ خَيراً وجاهَدَ مُسلِما
وواسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفسِهِ‏وفارَقَ مَذموماً وخالَفَ مُجرِما
اُقَدِّمُ نَفسي لا اُريدُ بَقاءَهالِتَلقى‏ خَميساً ۱ فِي الوَغاءِ عَرَمرَما ۲
فَإِن عِشتُ لَم أندَم ۳ وإن مِتُّ لَم اُذَمّ‏كَفى‏ بِكَ ذُلّاً أن تَعيشَ مُرَغَّما . ۴

۷۱۱.مقاتل الطالبيّين عن أبي مخنف : إنَّ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ وَجَّهَ الحُرَّ بنَ يَزيدَ لِيَأخُذَ الطَّريقَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَلَمّا صارَ في بَعضِ الطَّريقِ لَقِيَهُ أعرابِيّانِ مِن بَني أسَدٍ ، فَسَأَلَهُما عَنِ الخَبَرِ ، فَقالا لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! إنَّ قُلوبَ النّاسِ مَعَكَ ، وسُيوفَهُم عَلَيكَ ، فَارجِع . وأخبَراهُ بِقَتلِ ابنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ ، فَاستَرجَعَ الحُسَينُ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ بَنو عَقيلٍ : لا نَرجِعُ وَاللَّهِ أبَداً ، أو نُدرِكَ ثَأرَنا ، أو نُقتَلَ بِأَجمَعِنا .
فَقالَ لِمَن كانَ لَحِقَ بِهِ مِنَ الأَعرابِ : مَن كانَ مِنكُم يُريدُ الاِنصِرافَ عَنّا فَهُوَ في حِلٍّ مِن بَيعَتِنا . فَانصَرَفوا عَنهُ ، وبَقِيَ في أهلِ بَيتِهِ ونَفَرٍ مِن أصحابِهِ .
ومَضى‏ حَتّى‏ دَنا مِنَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ ، فَلَمّا عايَنَ أصحابُهُ العَسكَرَ مِن بَعيدٍ كَبَّروا ، فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : ما هذَا التَّكبيرُ ؟ قالوا : رَأَينَا النَّخلَ ، فَقالَ بَعضُ أصحابِهِ : ما بِهذَا

1.الخَمِيسُ : الجيش . وقيل : الجيش الجرّار (لسان العرب : ج ۶ ص ۷۰ «خمس») .

2.العَرَمْرَمُ : الشديد والجيش الكثير (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۱۴۹ «عُرام») .

3.في المصدر : «لم اُلَم» ، وما أثبتناه هو الصحيح وبه يستقيم الوزن ، وكما في المصادر الاُخرى‏ .

4.الفتوح : ج ۵ ص ۷۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۰ نحوه وراجع : المنتظم : ج ۵ ص ۳۳۵ وتذكرة الخواصّ : ص ۲۴۰ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
668

اُمِرنا إن لَقيناكَ لا نُفارِقُكَ حَتّى‏ نَأتِيَ بِكَ عَلَى الأَميرِ .
فَتَبَسَّمَ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ قالَ : يَابنَ يَزيدَ ! أوَ تَعلَمُ أنَّ المَوتَ أدنى‏ إلَيكَ مِن ذلِكَ ، ثُمَّ التَفَتَ الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : اِحمِلُوا النِّساءَ لِيَركَبوا ، حَتّى‏ نَنظُرَ مَا الَّذي يَصنَعُ هذا وأصحابُهُ !
قالَ : فَرَكِبَ أصحابُ الحُسَينِ عليه السلام وساقُوا النِّساءَ بَينَ أيديهِم ، فَقَدِمَت خَيلُ الكوفَةِ حَتّى‏ حالَت بَينَهُم وبَينَ المَسيرِ ، فَضَرَبَ الحُسَينُ عليه السلام بِيَدِهِ إلى‏ سَيفِهِ ثُمَّ صاحَ بِالحُرِّ : ثَكِلَتكَ اُمُّكَ ! مَا الَّذي تُريدُ أن تَصنَعَ ؟
فَقالَ الحُرُّ : أما وَاللَّهِ لَو قالَها غَيرُكَ مِنَ العَرَبِ لَرَدَدتُها عَلَيهِ كائِناً مَن كانَ ، ولكِن لا وَاللَّهِ ما لي إلى‏ ذلِكَ سَبيلٌ مِن ذِكرِ اُمِّكَ ، غَيرَ أنَّهُ لا بُدَّ أن أنطَلِقَ بِكَ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : إذَن وَاللَّهِ لا أتبَعُكَ أو تَذهَبَ نَفسي .
قالَ الحُرُّ : إذَن وَاللَّهِ لا اُفارِقُكَ أو تَذهَبَ نَفسي وأنفُسُ أصحابي !
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : بَرِّز أصحابي وأصحابَكَ وَابرُز إلَيَّ ، فَإِن قَتَلتَني خُذ بِرَأسي إلَى ابنِ زِيادٍ ، وإن قَتَلتُكَ أرَحتُ الخَلقَ مِنكَ .
فَقالَ الحُرُّ : أبا عَبدِ اللَّهِ ! إنّي لَم اُؤمَر بِقَتلِكَ ، وإنَّما اُمِرتُ ألّا اُفارِقَكَ أو اقدَمَ بِكَ عَلَى ابنِ زِيادٍ ، وأنَا وَاللَّهِ كارِهٌ إن يَبتَلِيَنِيَ ۱ اللَّهُ بِشَي‏ءٍ مِن أمرِكَ ، غَيرَ أنّي قَد أخَذتُ بِبَيعَةِ القَومِ وخَرَجتُ إلَيكَ ، وأنَا أعلَمُ أنَّهُ لا يُوافِي القِيامَةَ أحَدٌ مِن هذِهِ الاُمَّةِ إلّا وهُوَ يَرجو شَفاعَةَ جَدِّكَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، وأنَا خائِفٌ إن أنَا قاتَلتُكَ أن أخسَرَ الدُّنيا وَالآخِرَةَ ، ولِكن أنَا - أبا عَبدِ اللَّهِ - لَستُ أقدِرُ الرُّجوعَ إلَى الكوفَةِ في وَقتي هذا ، ولكِن خُذ عَنّي هذَا الطَّريقَ وَامضِ حَيثُ شِئتَ ، حَتّى‏ أكتُبَ إلَى ابنِ زِيادٍ أنَّ هذا خالَفَني فِي الطَّريقِ فَلَم أقدِر عَلَيهِ ، وأنَا أنشُدُكَ اللَّهَ في نَفسِكَ .

1.في المصدر : «سلبني» ، والتصويب من المصادر الاُخرى‏ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11836
صفحه از 850
پرینت  ارسال به