فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا حُرُّ ! كَأَنَّكَ تُخبِرُني أنّي مَقتولٌ ! فَقالَ الحُرُّ : أبا عَبدِ اللَّهِ ! نَعَم ، ما أشُكُّ في ذلِكَ إلّا أن تَرجِعَ مِن حَيثُ جِئتَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : ما أدري ما أقولُ لَكَ ، ولكِنّي أقولُ كَما قالَ أخُو الأَوسِ حَيثُ يَقولُ :
سَأَمضيوما بِالمَوتِ عارٌ عَلَىالفَتىإذا ما نَوى خَيراً وجاهَدَ مُسلِما
وواسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفسِهِوفارَقَ مَذموماً وخالَفَ مُجرِما
اُقَدِّمُ نَفسي لا اُريدُ بَقاءَهالِتَلقى خَميساً ۱ فِي الوَغاءِ عَرَمرَما ۲
فَإِن عِشتُ لَم أندَم ۳ وإن مِتُّ لَم اُذَمّكَفى بِكَ ذُلّاً أن تَعيشَ مُرَغَّما . ۴
۷۱۱.مقاتل الطالبيّين عن أبي مخنف : إنَّ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ وَجَّهَ الحُرَّ بنَ يَزيدَ لِيَأخُذَ الطَّريقَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَلَمّا صارَ في بَعضِ الطَّريقِ لَقِيَهُ أعرابِيّانِ مِن بَني أسَدٍ ، فَسَأَلَهُما عَنِ الخَبَرِ ، فَقالا لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! إنَّ قُلوبَ النّاسِ مَعَكَ ، وسُيوفَهُم عَلَيكَ ، فَارجِع . وأخبَراهُ بِقَتلِ ابنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ ، فَاستَرجَعَ الحُسَينُ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ بَنو عَقيلٍ : لا نَرجِعُ وَاللَّهِ أبَداً ، أو نُدرِكَ ثَأرَنا ، أو نُقتَلَ بِأَجمَعِنا .
فَقالَ لِمَن كانَ لَحِقَ بِهِ مِنَ الأَعرابِ : مَن كانَ مِنكُم يُريدُ الاِنصِرافَ عَنّا فَهُوَ في حِلٍّ مِن بَيعَتِنا . فَانصَرَفوا عَنهُ ، وبَقِيَ في أهلِ بَيتِهِ ونَفَرٍ مِن أصحابِهِ .
ومَضى حَتّى دَنا مِنَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ ، فَلَمّا عايَنَ أصحابُهُ العَسكَرَ مِن بَعيدٍ كَبَّروا ، فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : ما هذَا التَّكبيرُ ؟ قالوا : رَأَينَا النَّخلَ ، فَقالَ بَعضُ أصحابِهِ : ما بِهذَا
1.الخَمِيسُ : الجيش . وقيل : الجيش الجرّار (لسان العرب : ج ۶ ص ۷۰ «خمس») .
2.العَرَمْرَمُ : الشديد والجيش الكثير (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۱۴۹ «عُرام») .
3.في المصدر : «لم اُلَم» ، وما أثبتناه هو الصحيح وبه يستقيم الوزن ، وكما في المصادر الاُخرى .
4.الفتوح : ج ۵ ص ۷۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۰ نحوه وراجع : المنتظم : ج ۵ ص ۳۳۵ وتذكرة الخواصّ : ص ۲۴۰ .