فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : الكوفَةَ ، فَقالَ الشَّيخُ : أنشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا انصَرَفتَ ؛ فَوَاللَّهِ ما تَقدَمُ إلّا عَلَى الأَسِنَّةِ وحَدِّ السُّيوفِ ، وإنَّ هؤُلاءِ الَّذينَ بَعَثوا إلَيكَ ، لَو كانوا كَفَوكَ مَؤوَنةَ القِتالِ ، ووَطَّؤوا لكَ الأَشياءَ فَقَدِمتَ عَلَيهِم ، كانَ ذلِكَ رَأياً ، فَأَمّا عَلى هذِهِ الحالِ الَّتي تَذكُرُ ، فَإِنّي لا أرى لَكَ أن تَفعَلَ .
فَقالَ لَهُ : يا عَبدَ اللَّهِ ، لَيسَ يَخفى عَلَيَّ الرَّأيُ ، ولكِنَّ اللَّهَ تَعالى لا يُغلَبُ عَلى أمرِهِ .
ثُمَّ قالَ عليه السلام : وَاللَّهِ لا يَدَعُونّي حَتّى يَستَخرِجوا هذِهِ العَلَقَةَ مِن جَوفي ، فَإِذا فَعَلوا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيهِم مَن يُذِلُّهُم ، حَتّى يَكونوا أذَلَّ فِرَقِ الاُمَمِ . ۱
۷۰۶.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن يزيد الرِّشك : حَدَّثَني مَن شافَهَ الحُسَينَ عليه السلام ، قالَ : رَأَيتُ أبنِيَةً مَضروبَةً بِفَلاةٍ مِنَ الأَرضِ ، فَقُلتُ : لِمَن هذِهِ ؟ قالوا : هذِهِ لِحُسَينٍ عليه السلام .
قالَ : فَأَتَيتُهُ فَإِذا شَيخٌ يَقرَأُ القُرآنَ ، وَالدُّموعُ تَسيلُ عَلى خَدَّيهِ ولِحيَتِهِ ، قالَ : قُلتُ : بِأَبي واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، ما أنزَلَكَ هذِهِ البِلادَ وَالفَلاةَ الَّتي لَيسَ بِها أحَدٌ ؟
قالَ : هذِهِ كُتُبُ أهلِ الكوفَةِ إلَيَّ ولا أراهُم إلّا قاتِلِيَّ ، فَإِذا فَعَلوا ذلِكَ لَم يَدَعوا للَّهِِ حُرمَةً إلَّا انتَهَكوها ، فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيهِم مَن يُذِلُّهُم ، حَتّى يَكونوا أذَلَّ مِن فَرَمِ الأَمَةِ ۲ - يَعني مِقنَعَتَها - . ۳
1.الإرشاد : ج ۲ ص ۷۶ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۷ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۵ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۹۹ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۹ كلاهما نحوه .
2.فَرَم الأمة : فُسّر هاهنا بالمقنعة . وقال ابن الأثير : قيل : هو خرقة الحيض (النهاية : ج ۳ ص ۴۴۱ «فرم») .
3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۵۸ ح ۴۴۱ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۶ وفيه «منفعتها» بدل «مقنعتها» ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۱۱ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱ نحوه ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۶۹ .