649
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

فَقالَ أحَدُنا لِصاحِبِهِ : اِذهَب بِنا إلى‏ هذا لِنَسأَلَهُ ، فَإِنَّ عِندَهُ خَبَرَ الكوفَةِ ، فَمَضَينا حَتَّى انتَهَينا إلَيهِ ، فَقُلنا : السَّلامُ عَلَيكَ ، فَقالَ : وعَلَيكُمُ السَّلامُ ، قُلنا : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ قالَ : أسَدِيٌّ ، قُلنا : ونَحنُ أسَدِيّانِ ، فَمَن أنتَ ؟ قالَ : أنَا بَكرُ بنُ فُلانٍ ، وَانتَسَبنا لَهُ ثُمَّ قُلنا لَهُ : أخبِرنا عَنِ النّاسِ وَراءَكَ .
قالَ : نَعَم ، لَم أخرُج مِنَ الكوفَةِ حَتّى‏ قُتِلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، وهانِئُ بنُ عُروَةَ ، ورَأَيتُهُما يُجَرّانِ بِأَرجُلِهِما فِي السّوقِ .
فَأَقبَلنا حَتّى‏ لَحِقنَا الحُسَينَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ ، فَسايَرناهُ حَتّى‏ نَزَلَ الثَّعلَبِيَّةَ مُمسِياً ، فَجِئناهُ حينَ نَزَلَ ، فَسَلَّمنا عَلَيهِ فَرَدَّ عَلَينَا السَّلامَ ، فَقُلنا لَهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ! إنَّ عِندَنا خَبَراً ، إن شِئتَ حَدَّثناكَ عَلانِيَةً وإن شِئتَ سِرّاً ، فَنَظَرَ إلَينا وإلى‏ أصحابِهِ ، ثُمَّ قالَ : ما دونَ هؤُلاءِ سِترٌ .
فَقُلنا لَهُ : رَأَيتَ الرّاكِبَ الَّذِي استَقبَلتَهُ عَشِيَّ أمسِ ؟ قالَ : نَعَم ، وقَد أرَدتُ مَسأَلَتَهُ ، فَقُلنا : قَد وَاللَّهِ استَبرَأنا لَكَ خَبَرَهُ ، وكَفَيناكَ مَسأَلَتَهُ ، وهُوَ امرُؤٌ مِنّا ذو رَأيٍ وصِدقٍ وعَقلٍ ، وإنَّهُ حَدَّثَنا أنَّهُ لَم يَخرُج مِنَ الكوفَةِ حَتّى‏ قُتِلَ مُسلِمٌ وهانِئٌ ، ورَآهُما يُجَرّانِ فِي السّوقِ بِأَرجُلِهِما .
فَقالَ : (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ)۱ رَحمَةُ اللَّهِ عَلَيهِما ! يُكَرِّرُ ذلِكَ مِراراً ، فَقُلنا لَهُ : نَنشُدُكَ اللَّهَ في نَفسِكَ وأهلِ بَيتِكَ ، إلَّا انصَرَفتَ مِن مَكانِكَ هذا ، فَإِنَّهُ لَيسَ لَكَ بِالكوفَةِ ناصِرٌ ولا شيعَةٌ ، بَل نَتَخَوَّفُ أن يَكونوا عَلَيكَ .
فَنَظَرَ إلى‏ بَني عَقيلٍ ، فَقالَ : ما تَرَونَ ؟ فَقَد قُتِلَ مُسلِمٌ؟ فَقالوا : وَاللَّهِ لا نَرجِعُ حَتّى‏ نُصيبَ ثَأرَنا ، أو نَذوقَ ما ذاقَ .
فَأَقبَلَ عَلَينَا الحُسَينُ عليه السلام وقالَ : لا خَيرَ فِي العَيشِ بَعدَ هؤُلاءِ . فَعَلِمنا أنَّهُ قَد عَزَمَ رَأيَهُ عَلَى المَسيرِ ، فَقُلنا لَهُ : خارَ اللَّهُ لَكَ ! فَقالَ : رَحِمَكُمَا اللَّهُ !

1.البقرة : ۱۵۶ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
648

وكانَ مِن أهلِ الثَّعلَبِيَّةِ ، ولَم يَكُن فِي الطَّريقِ رَجُلٌ أكبَرَ مِنهُ ، فَقُلتُ : مِثلُ مَن كُنتَ حينَ مَرَّ بِكُم حُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام ؟
قالَ : غُلامٌ يَفَعتُ - قالَ : - فَقامَ إلَيهِ أخٌ لي كانَ أكبَرَ مِنّي يُقالُ لَهُ زُهَيرٌ ، قالَ : أيِ ابنَ بِنتِ رَسولٍ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، إنّي أراكَ في قِلَّةٍ مِنَ النّاسِ !
فَأَشارَ الحُسَينُ عليه السلام بِسَوطٍ في يَدِهِ هكَذا ، فَضَرَبَ حَقيبَةً وَراءَهُ ، فَقالَ : ها إنَّ هذِهِ مَملوءَةٌ كُتُباً ، فَكَأَنَّهُ شَدَّ مِن مُنَّةِ ۱ أخي .
قالَ سُفيانُ : فَقُلتُ لَهُ : ابنُ كَم أنتَ ؟ قالَ : ابنُ سِتَّ عَشرَةَ ومِئَةٍ .
قالَ سُفيانُ: وكُنّا استَودَعناهُ طَعاماً لَنا ومَتاعاً، فَلَمّا رَجَعنا طَلَبناهُ مِنهُ، قالَ: إن كانَ طَعاماً فَلَعَلَّ الحَيَّ قَد أكَلوهُ ! فَقُلنا : إنّا للَّهِ‏ِ ذَهَبَ طَعامُنا ! فَإِذا هُوَ يَمزَحُ مَعي، فَأَخرَجَ إلَينا طَعامَنا ومَتاعَنا. ۲

۷ / ۲۲

خَبَرُ شَهادَةِ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ‏

۶۹۰.الإرشاد عن عبد اللَّه بن سليمان والمنذر بن المشمعلّ الأسديّين : لَمّا قَضَينا حَجَّنا ، لَم تَكُن لَنا هِمَّةٌ إلَّا اللَّحاقَ بِالحُسَينِ عليه السلام فِي الطَّريقِ ، لِنَنظُرَ ما يَكونُ مِن أمرِهِ ، فَأَقبَلنا تُرقِلُ ۳ بِنا نِياقُنا مُسرعَينِ حَتّى‏ لَحِقنا بِزَرودَ ، فَلَمّا دَنَونا مِنهُ ، إذا نَحنُ بِرَجُلٍ مِن أهلِ الكوفَةِ قَد عَدَلَ عَنِ الطَّريقِ حينَ رَأَى الحُسَينَ عليه السلام ، فَوَقَفَ الحُسَينُ عليه السلام كَأَنَّهُ يُريدُهُ ، ثُمَّ تَرَكَهُ ومَضى‏ ، ومَضَينا نَحوَهُ .

1.المُنّةُ - بالضمّ - : القوّة ، وخصّ بعضهم به قوّة القلب (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۴۱۵ «منن») .

2.تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۴ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱۵ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۱۰ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۵ نحوه وليس فيهما ذيله من «فكأنّه» وفيها «بجير» بدل «بحير» .

3.أرقَلَ : أسرع (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۸۶ «رقلة») .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8147
صفحه از 850
پرینت  ارسال به