وأظهَروا الفَسادَ فِي الأَرضِ ، وأبطَلُوا الحُدودَ ، وشَرِبُوا الخُمورَ ، وَاستَأثَروا في أموالِ الفُقَراءِ وَالمَساكينِ ، وأنَا أولى مَن قامَ بِنُصرَةِ دينِ اللَّهِ ، وإعزازِ شَرعِهِ ، وَالجِهادِ في سَبيلِهِ ، لِتَكونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا . فَأَعرَضَ عَنهُ الفَرَزدَقُ وسارَ . ۱
۶۶۸.كشف الغمّة عن الفرزدق : لَقِيَنِي الحُسَينُ عليه السلام في مُنصَرَفي مِنَ الكوفَةِ ، فَقالَ : ما وَراءَكَ يا أبا فِراسٍ ؟ قُلتُ : أصدُقُكَ ؟ قالَ عليه السلام : الصِّدقُ اُريدُ .
قُلتُ : أمّا القلوبُ فَمَعَكَ ، وأمّا السُّيوفُ فَمَعَ بَني اُمَيَّةَ ، وَالنَّصرُ مِن عِندِ اللَّهِ .
قالَ : ما أراكَ إلّا صَدَقتَ . النّاسُ عَبيدُ المالِ ، وَالدّينُ لَغوٌ ۲ عَلى ألسِنَتِهِم ، يَحوطونَهُ ما دَرَّت ۳ بِهِ معايِشُهُم ، فَإِذا مُحِّصوا ۴
بِالبَلاءِ قَلَّ الدَّيّانونَ . ۵
۶۶۹.الفتوح : سارَ الحُسَينُ عليه السلام حَتّى نَزَلَ الشُّقوقَ ۶ ، فَإِذا هُوَ بِالفَرَزدَقِ بنِ غالِبٍ الشّاعِرِ قَد أقبَلَ عَلَيهِ ، فَسَلَّمَ ، ثُمَّ دَنا مِنهُ فَقَبَّلَ يَدَهُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : مِن أينَ أقبَلتَ يا أبا فِراسٍ ؟ فَقالَ : مِنَ الكوفَةِ يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ ! فَقالَ : كَيفَ خَلَّفتَ أهلَ الكوفَةِ ؟ فَقالَ : خَلَّفتُ النّاسَ مَعَكَ ، وسُيوفَهُم مَعَ بَني اُمَيَّةَ ، وَاللَّهُ يَفعَلُ في خَلقِهِ ما يَشاءُ .
1.تذكرة الخواصّ : ص ۲۴۰ وراجع : الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۶ والحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۴ .
2.اللَّغْوَ واللّغى : السَّقط وما لا يُعتدّ به من الكلام وغيره ، ولا يُحصل منه على فائدة ولا نفع ، وكاللغوى ؛ وهو ما كان من الكلام غير معقود عليه (تاج العروس : ج ۲۰ ص ۱۵۴ «لغو») وفي بعض النقول «لعقٌ على ألسنتِهم» ، وهو على الاستعارة ، مِن لَعِقَه لَعقاً : أي لَحسَهُ ، أي إنّ الدين لم يتجاوز ألسنتهم .
3.درّ اللبن : إذا زاد وكثر (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۵۸۷ «درر») .
4.التمحيص : الابتلاء والاختبار (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۵۶ «محص») .
5.كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۴۴ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۳ عن الطرمّاح الطائي الشاعر نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۹۵ ح ۹ ؛ بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱۳ ، بستان الواعظين : ص ۲۶۲ كلاهما نحوه .
6.شُقُوق : منزل بطريق مكّة بعد واقصة من الكوفة وبعدها تلقاء مكّة بطان (معجم البلدان : ج ۳ ص ۳۵۶) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .