۶۶۶.الإرشاد عن الفرزدق : حَجَجتُ بِاُمّي في سَنَةِ سِتّينَ ، فَبَينا أنَا أسوقُ بَعيرَها حينَ دَخَلتُ الحَرَمَ إذ لَقيتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام خارِجاً مِن مَكَّةَ ، مَعَهُ أسيافُهُ وتِراسُهُ .
فَقُلتُ : لِمَن هذَا القِطارُ ؟ فَقيلَ : لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَتَيتُهُ فَسَلَّمتُ عَلَيهِ وقُلتُ لَهُ : أعطاكَ اللَّهُ سُؤلَكَ ، وأمَّلَكَ فيما تُحِبُّ ، بِأَبي أنتَ واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! ما أعجَلَكَ عَنِ الحَجِّ ؟
فَقالَ : لَو لَم أعجَل لَاُخِذتُ ، ثُمَّ قالَ لي : مَن أنتَ ؟ قُلتُ : اُمُرؤٌ مِنَ العَرَبِ ، فَلا وَاللَّهِ ما فَتَّشَني عَن أكثَرَ مِن ذلِكَ ، ثُمَّ قالَ لي : أخبِرني عَنِ النّاسِ خَلفَكَ ، فَقُلتُ : الخَبيرَ سَأَلتَ ، قُلوبُ النّاسِ مَعَكَ ، وأسيافُهُم عَلَيكَ ، وَالقَضاءُ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ ، وَاللَّهُ يَفعَلُ ما يَشاءُ .
فَقالَ : صَدَقتَ ، للَّهِِ الأَمرُ ، وكُلَّ يَومٍ رَبُّنا هُوَ في شَأنٍ ، إن نَزَلَ القَضاءُ بِما نُحِبُّ فَنَحمَدُ اللَّهَ عَلى نَعمائِهِ ، وهُوَ المُستَعانُ عَلى أداءِ الشُّكرِ ، وإن حالَ القَضاءُ دونَ الرَّجاءِ ، فَلَم يَبعُد مَن كانَ الحَقَّ نِيَّتُهُ ، وَالتَّقوى سَريرَتُهُ . فَقُلتُ لَهُ : أجَل ، بَلَّغَكَ اللَّهُ ما تُحِبُّ ، وكَفاكَ ما تَحذَرُ . ۱
۶۶۷.تذكرة الخواصّ : أمَّا الحُسَينُ عليه السلام ، فَإِنَّهُ خَرَجَ مِن مَكَّةَ سابِعَ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتّينَ ، فَلَمّا وَصَلَ بُستانَ بَني عامِرٍ ، لَقِيَ الفَرَزدَقَ الشّاعِرَ وكانَ يَومَ التَّروِيَةِ .
فَقالَ لَهُ : إلى أينَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! ما أعجَلَكَ عَنِ المَوسِمِ ؟! قالَ : لَو لَم أعجَل لَاُخِذتُ أخذاً ، فَأَخبِرني يا فَرَزدَقُ عَمّا وَراءَكَ ؟ فَقالَ : تَرَكتُ النّاسَ بِالعِراقِ قُلوبَهُم مَعَكَ ، وسُيوفَهُم مَعَ بَني اُمَيَّةَ ، فَاتَّقِ اللَّهَ في نَفسِكَ وَارجِع .
فَقالَ لَهُ : يا فَرَزدَقُ ! إنَّ هؤُلاءِ قَومٌ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَرَكوا طاعَةَ الرَّحمنِ ،