591
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

مِن عِندِ الحُسَينِ عليه السلام . ۱

۵۹۶.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : دَخَلَ عَبدُ اللَّهِ بنُ العَبّاسِ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام فَكَلَّمَهُ طَويلاً ، وقالَ : أنشُدُكَ اللَّهَ أن تَهلِكَ غَداً بِحالِ مَضيعَةٍ ، لا تأتِ العِراقَ ، وإن كُنتَ لابُدَّ فاعِلاً ، فَأَقِم حَتّى‏ يَنقَضِيَ المَوسِمُ وتَلقَى النّاسَ ، وتَعلَمَ عَلى‏ ما يَصدُرونَ ، ثُمَّ تَرى‏ رَأيَكَ - وذلِكَ في عَشرِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتّينَ - فَأَبَى الحُسَينُ عليه السلام إلّا أن يَمضِيَ إلَى العِراقِ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : وَاللَّهِ إنّي لَأَظُنُّكَ سَتُقتَلُ غَداً بَينَ نِسائِكَ وبَناتِكَ كَما قُتِلَ عُثمانُ بَينَ نِسائِهِ وبَناتِهِ ، وَاللَّهِ إنّي لَأَخافُ أن تَكونَ الَّذي يُقادُ بِهِ عُثمانُ ! فَإِنّا للَّهِ‏ِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ! فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أبَا العَبّاسِ ، إنَّكَ شَيخٌ قَد كَبَرتَ .
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : لَولا أن يُزرِيَ ذلِكَ بي أو بِكَ لَنَشَبتُ يَدَيَّ في رَأسِكَ ، ولَو أعلَمُ أنّا إذا تَناصَينا أقمتَ لَفَعَلتُ ، ولكن لا أخالُ ذلِكَ نافِعي !
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : لَأَن اُقتَلَ بِمَكانِ كَذا و كَذا أحَبُّ إلَيَّ أن تُستَحَلَّ بي - يَعني مَكَّةَ - قالَ : فَبَكَى ابنُ عَبّاسٍ وقالَ : أقرَرتَ عَينَ ابنِ الزُّبَيرِ . فَذاكَ الَّذي سَلا بِنَفسي عَنهُ .
ثُمَّ خَرَجَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبّاسٍ مِن عِندِهِ وهُوَ مُغضَبٌ ، وَابنُ الزُّبَيرِ عَلَى البابِ ، فَلَمّا رَآهُ قالَ : يَابنَ الزُّبَيرِ ، قَد أتى‏ ما أحبَبتَ ، قَرَّت عَينُكَ ، هذا أبو عَبدِ اللَّهِ يَخرُجُ ويَترُكُكَ وَالحِجازَ :

يا لَكِ مِن قُبَّرَةٍ بمَعمَرِخَلا لَكِ الجَوُّ فَبيضي وَاصفِري‏
ونَقِّري ما شِئتِ أن تُنَقِّري . ۲

1.الأخبار الطوال : ص ۲۴۳ و راجع : مقاتل الطالبيّين : ص ۱۱۰ .

2.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۵۰ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۲۰ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۱۱ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۱۱ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۹ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۲۹۷ كلاهما نحوه وليس فيهما صدره إلى «يمضي إلى العراق» ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۶۴ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
590

عَبّاسٍ ، فَأَقبَلَ حَتّى‏ دَخَلَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ : يَا بنَ عَمِّ ، قَد بَلَغَني أنَّكَ تُريدُ المَسيرَ إلَى العِراقِ . قالَ الحُسَينُ عليه السلام : أنَا عَلى‏ ذلِكَ . قالَ عَبدُ اللَّهِ : اُعيذُكَ بِاللَّهِ يَا بنَ عَمِّ مِن ذلِكَ ! قالَ الحُسَينُ عليه السلام : قَد عَزَمتُ ، ولا بُدَّ مِنَ المَسيرِ .
قالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ : أتَسيرُ إلى‏ قَومٍ طَرَدوا أميرَهُم عَنهُم ، وضَبَطوا بِلادَهُم ؟ فَإِن كانوا فَعَلوا ذلِكَ فَسِر إلَيهِم ، وإن كانوا إنَّما يَدعونَكَ إلَيهِم ، وأميرُهُم عَلَيهِم ، وعُمّالُهُ يَجبونَهُم ، فَإِنَّهُم إنَّما يَدعونَكَ إلَى الحَربِ ، ولا آمَنُهُم أن يَخذُلوكَ كَما خَذَلوا أباكَ وأخاكَ !
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ عَمِّ ! سَأَنظُرُ فيما قُلتَ .
وبَلَغَ عَبدَ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ ما يَهُمُّ بِهِ الحُسَينُ عليه السلام ، فَأَقبَلَ حَتّى‏ دَخَلَ عَلَيهِ ، فَقالَ لَهُ : لَو أقَمتَ بِهذَا الحَرَمِ ، وبَثَثتَ رُسُلَكَ فِي البُلدانِ ، وكَتَبتَ إلى‏ شيعَتِكَ بِالعِراقِ أن يَقدَموا عَلَيكَ ، فَإِذا قَوِيَ أمرُكَ نَفَيتَ عُمّالَ يَزيدَ عَن هذَا البَلَدِ ، وعَلَيَّ لَكَ المُكانَفَةُ وَالمُؤازَرَةُ ، وإن عَمِلتَ بِمَشورَتي ، طَلَبتَ هذَا الأَمرَ بِهذَا الحَرَمِ ؛ فَإِنَّهُ مَجمَعُ أهلِ الآفاقِ ، ومَورِدُ أهلِ الأَقطارِ ، لَم يُعدِمكَ بِإِذنِ اللَّهِ إدراكَ ما تُريدُ ، ورَجَوتُ أن تَنالَهُ .
قالوا : ولَمّا كانَ فِي اليَومِ الثّالِثِ ، عادَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبّاسٍ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ : يَا بنَ عَمِّ ، لا تَقرَب أهلَ الكوفَةِ ؛ فَإِنَّهُم قَومٌ غَدَرَةٌ ، وأقِم بِهذِهِ البَلدَةِ ، فَإِنَّكَ سَيِّدُ أهلِها ، فَإِن أبَيتَ فَسِر إلى‏ أرضِ اليَمَنِ ، فَإِنَّ بِها حُصوناً وشِعاباً ، وهِيَ أرضٌ طَويلَةٌ عَريضَةٌ ، ولِأَبيكَ فيها شيعَةٌ ، فَتَكونُ عَنِ النّاسِ في عُزلَةٍ ، وتَبُثُّ دُعاتَكَ فِي الآفاقِ ، فَإِنّي أرجو إن فَعَلتَ ذلِكَ أتاكَ الَّذي تُحِبُّ في عافِيَةٍ .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَا بنَ عَمِّ ، وَاللَّهِ إنّي لَأَعلَمُ أنَّكَ ناصِحٌ مُشفِقٌ ، غَيرَ أنّي قَد عَزَمتُ عَلَى الخُروجِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَإِن كُنتَ - لا مَحالَةَ - سائِراً ، فَلا تُخرِجِ النِّساءَ وَالصِّبيانَ ؛ فَإِنّي لا آمَنُ أن تُقتَلَ كَما قُتِلَ ابنُ عَفّانَ ، وصِبيَتُهُ يَنظُرونَ إلَيهِ .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : [يابن‏] عَمِّ ! ما أرى‏ إلَّا الخُروجَ بِالأَهلِ وَالوَلَدِ . فَخَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11930
صفحه از 850
پرینت  ارسال به