هذِهِ الاُمَّةَ عَنِ الفِتنَةِ ، فَإِن قَبِلَ مِنكَ وأنابَ إلَيكَ ، فَلَهُ عِندِي الأَمانُ وَالكَرامَةُ الواسِعَةُ ، واُجري عَلَيهِ ما كانَ أبي يُجريهِ عَلى أخيهِ ، وإن طَلَبَ الزِّيادَةَ فَاضمَن لَهُ ما أراكَ اللَّهُ ، اُنفِذُ ضَمانَكَ وأقومُ لَهُ بِذلِكَ ، ولَهُ عَلَيَّ الأَيمانُ المُغَلَّظَةُ وَالمَواثيقُ المُؤَكَّدَةُ ، بِما تَطمَئِنُّ بِهِ نَفسُهُ ، ويَعتَمِدُ في كُلِّ الاُمورِ عَلَيهِ ، عَجِّل بِجَوابِ كِتابي ، وبِكُلِّ حاجَةٍ لَكَ إلَيَّ وقِبَلي ، وَالسَّلامُ .
قالَ هِشامُ بنُ مُحَمَّدٍ : وكَتَبَ يَزيدُ في أسفَلِ الكِتابِ :
يا أيُّهَا الرّاكِبُ الغادي لِطِيَّتِهِ ۱عَلى عُذافِرَةٍ في سَيرِها قُحَمُ
أبلِغ قُرَيشاً عَلى نَأيِ المَزارِ بِهابَيني وبَينَ الحُسَينِ اللَّهُ وَالرَّحِمُ
ومَوقِفٌ بِفِناءِ البَيتِ أنشُدُهُعَهدَ الإِلهِ غَداً يوفى بِهِ الذِّمَمُ
هنيتُمُ قَومَكُم فَخراً بِاُمِّكُمُاُمٌّ لَعَمري حَسانٌ عَفَّةٌ كَرَمُ
هِيَ الَّتي لا يُداني فَضلَها أحَدٌبِنتُ الرَّسولِ وخَيرُ النّاسِ قَد عَلِموا
إنّي لَأَعلَمُ أو ظَنّاً لِعالِمِهِوَالظَّنُّ يَصدُقُ أحياناً فَيَنتَظِمُ
أن سَوفَ يَترُكُكُم ما تَدَّعونَ بِهِقَتلى تَهاداكُمُ العُقبانُ وَالرَّخَمُ
يا قومَنا لا تَشُبُّوا الحَربَ إذ سَكَنَتوأمسِكوا بِحِبال السِّلمِ وَاعتَصِموا
قَد غَرَّتِ الحَربُ مَن قَد كانَ قَبلَكُمُمِنَ القُرونِ ۲ وقَد بادَت بِهَا الاُمَمُ
فَأَنصِفوا قَومَكُم لا تَهلِكوا بَذَخاًفَرُبَّ ذي بَذَخٍ زَلَّت بِهِ القَدَمُ
فَكَتَبَ إلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ : أمّا بَعدُ ، فَقَد وَرَدَ كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ لَحاقَ الحُسَينِ عليه السلام وَابنِ الزُّبَيرِ بِمَكَّةَ ، فَأَمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فَرَجُلٌ مُنقَطِعٌ عَنّا بِرَأيِهِ وهَواهُ ، يُكاتِمُنا مَعَ ذلِكَ أضغاناً يُسِرُّها في صَدرِهِ ، يوري عَلَينا وَريَ الزِّنادِ ۳ ، لا فَكَّ اللَّهُ أسيرَها ، فَارأَ في أمرِهِ
1.في المصدر : «لمطيَّتهِ» ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه ، وقد تقدّم شرحه .
2.في المصدر : «المقرون» ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه كما في مصادر اُخرى .
3.ورَتِ الزِّنادُ ، إذا خرجت نارُها (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۸۸ «وري») .