557
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

القَتلِ وَالقِتالِ .
فَقالَ لَهُ : يا أبا عَبدِ الرَّحمنِ ، أما عَلِمتَ أنَّ مِن هَوانِ الدُّنيا عَلَى اللَّهِ أنَّ رَأسَ يَحيَى بنِ زَكَرِيّا اُهدِيَ إلى‏ بَغِيٍّ مِن بَغايا بَني إسرائيلَ؟!
أما عَلِمتَ أنَّ بَني إسرائيلَ كانوا يَقتُلونَ ما بَينَ طُلوعِ الفَجرِ إلى‏ طُلوعِ الشَّمسِ سَبعينَ نَبِيّاً ، ثُمَّ يَجلِسونَ في أسواقِهِم يَبيعونَ ويَشتَرونَ كَأَن لَم يَصنَعوا شَيئاً ، فَلَم يُعَجِّلِ اللَّهُ عَلَيهِم ، بَل أمهَلَهُم وأخَذَهُم بَعدَ ذلِكَ أخذَ عَزيزٍ مُقتَدِرٍ ! اِتَّقِ اللَّهَ يا أبا عَبدِ الرَّحمنِ ، ولا تَدَعَنَّ نُصرَتي . ۱

۵۴۹.العقد الفريد عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر : قيلَ لِأَبي - عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ - : إنَّ الحُسَينَ عليه السلام تَوَجَّهَ إلَى العِراقِ ، فَلَحِقَهُ عَلى‏ ثَلاثِ مَراحِلَ مِنَ المَدينَةِ - وكانَ غائِباً عِندَ خُروجِهِ - فَقالَ : أينَ تُريدُ ؟ فَقالَ : اُريدُ العِراقَ ، وأخرَجَ إلَيهِ كُتُبَ القَومِ ، ثُمَّ قالَ : هذِهِ بَيعَتُهُم وكُتُبُهُم . فَناشَدَهُ اللَّهَ أن يَرجِعَ ، فَأَبى‏ .
فَقالَ : اُحَدِّثُكَ بِحَديثٍ ما حَدَّثتُ بِهِ أحَداً قَبلَكَ : إنَّ جِبريلَ أتَى النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله يُخَيِّرُهُ بَينَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، فَاختارَ الآخِرَةَ ، وإنَّكُم بَضعَةٌ مِنهُ ، فَوَاللَّهِ لا يَليها أحَدٌ مِن أهلِ بَيتِهِ أبَداً ، وما صَرَفَهَا اللَّهُ عَنكُم إلّا لِما هُوَ خَيرٌ لَكُم .
فَارجِع ؛ فَأَنتَ تَعرِفُ غَدرَ أهلِ العِراقِ ، وما كانَ يَلقى‏ أبوكَ مِنهُم . فَأَبى‏ ، فَاعتَنَقَهُ وقالَ : اِستَودَعتُكَ اللَّهَ مِن قَتيلٍ ! ۲

۵۵۰.سير أعلام النبلاء عن الشعبي : كانَ ابنُ عُمَرَ قَدِمَ المَدينَةَ ، فَاُخبِرَ أنَّ الحُسَينَ عليه السلام قَد تَوَجَّهَ إلَى العِراقِ ، فَلَحِقَهُ عَلى‏ مَسيرَةِ لَيلَتَينِ ، فَقالَ : أينَ تُريدُ ؟ قالَ : العِراقَ ، ومَعَهُ طَواميرُ ۳ وكُتُبٌ ، فَقالَ : لا تَأتِهِم ، قالَ : هذِهِ كُتُبُهُم وبَيعَتُهُم .

1.الملهوف : ص ۱۰۲ ، مثير الأحزان : ص ۴۱ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۶۵ .

2.العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۹ ، عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ۱ ص ۲۱۱ عن الشعبي .

3.الطَّامُور والطُّومار : الصحيفة ، جمعها طوامير (تاج العروس : ج ۷ ص ۱۴۶ «طمر») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
556

اللَّهِ بنُ عُمَرَ وعَبدُ اللَّهِ بنُ عَيّاشِ بنِ أبي رَبيعَةَ ۱ بِالأَبواءِ ۲ ، مُنصَرِفَينِ مِنَ العُمرَةِ ، فَقالَ لَهُمَا ابنُ عُمَرَ : اُذَكِّرُكُمَا اللَّهَ إلّا رَجَعتُما فَدَخَلتُما في صالِحِ ما يَدخُلُ فيهِ النّاسُ ، وتَنظُرا ، فَإِنِ اجتَمَعَ النّاسُ عَلَيهِ لَم تَشُذّا ، وإنِ افتُرِقَ عَلَيهِ كانَ الَّذي تُريدانِ .
وقالَ ابنُ عُمَرَ لِحُسَينٍ عليه السلام : لا تَخرُج ، فَإِنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله خَيَّرَهُ اللَّهُ بَينَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ فَاختارَ الآخِرَةَ ، وأنتَ بَضعَةٌ مِنهُ ، ولا تَنالُها - يَعنِي الدُّنيا - فَاعتَنَقَهُ وبَكى‏ ووَدَّعَهُ .
فَكانَ ابنُ عُمَرَ يَقولُ : غَلَبَنا حُسَينٌ عليه السلام عَلَى الخُروجِ ، ولَعَمري لَقَد رَأى‏ في أبيهِ وأخيهِ عِبرَةً ، ورَأى‏ مِنَ الفِتنَةِ وخِذلانِ النّاسِ لَهُم ما كانَ يَنبَغي لَهُ ألّا يَتَحَرَّكَ ما عاشَ ، وأن يَدخُلَ في صالِحِ ما دَخَلَ فيهِ النّاسُ ، فَإِنَّ الجَماعَةَ خَيرٌ . ۳

۵۴۸.الملهوف : جاءَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ - في مَكَّةَ - فَأَشارَ إلَيهِ بِصُلحِ أهلِ الضَّلالِ ، وحَذَّرَهُ مِنَ

1.عبد اللَّه بن عيّاش بن أبي ربيعة المخزومي ، أبو الحارث . كان أبوه قديم الإسلام ، فهاجر إلى الحبشة فولد عبداللَّه بها . أدرك ثمان سنين من حياة النبيّ صلى اللَّه عليه وآله . قال في وصف الإمام أمير المومنين عليه السلام بقوله : «إنّ عليّاً كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم ، وكان له البسطة في العشيرة والقدم في الإسلام والصهر لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، والفقه في السنّة ، والنجدة في الحرب ، والجود بالماعون» . مات بمكّة يوم جاءهم نعي يزيد بن معاوية سنة (۶۴ ه) وهو ابن اثنين وستّين سنة ، ودفن بالحجون (راجع : الطبقات الكبرى : ج ۵ ص ۲۸ واُسد الغابة: ج ۳ ص ۳۵۶ و ج ۴ ص ۹۶ والإصابة : ج ۴ ص ۱۷۵ والثقات: ج ۳ ص ۲۱۸ وتاريخ دمشق : ج ۳۱ ص ۳۸۵ - ۳۹۲) .

2.راجع: الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۴۴ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۱۶ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۷ وفيه «عبد اللَّه بن عبّاس بن أبي ربيعة» ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۰۸ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۲۹۶ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۰۸ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۶۲ وفيه «وعبد اللَّه بن عبّاس وابن أبي ربيعة» .

تعداد بازدید : 9572
صفحه از 850
پرینت  ارسال به