489
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

وَاللَّهِ لا تَذوقُ الماءَ يَابنَ عَقيلٍ أو تَذوقَ المَوتَ ، فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ : وَيلَكَ يا هذا ، ما أجفاكَ وأفَظَّكَ وأغلَظَكَ ! ! اُشهِدُ عَلَيكَ أنَّكَ إن كُنتَ مِن قُرَيشٍ فَإِنَّكَ مُلصَقٌ ۱ ، وإن كُنتَ مِن غَيرِ قُرَيشٍ فَإِنَّكَ مُدَّعٍ إلى‏ غَيرِ أبيكَ . مَن أنتَ يا عَدُوَّ اللَّهِ ؟
فَقالَ : أنَا مَن عَرَفَ الحَقَّ إذ أنكَرتَهُ ، ونَصَحَ لِإِمامِهِ إذ غَشَشتَهُ ۲ ، وسَمِعَ وأطاعَ إذ خالَفتَهُ ، أنَا مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ .
فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ : أنتَ أولى‏ بِالخُلودِ وَالحَميمِ ، إذ آثَرتَ طاعَةَ بَني سُفيانَ عَلى‏ طاعَةِ الرَّسولِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله .
ثُمَّ قالَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَيحَكُم يا أهلَ الكوفَةِ ! اِسقوني شُربَةً مِن ماءٍ . فَأَتاهُ غُلامٌ لِعَمرِو بنِ حُرَيثٍ الباهِلِيِّ بِقُلَّةٍ فيها ماءٌ ، وقَدَحٍ فيها ، فَناوَلَهُ القُلَّةَ ، فَكُلَّما أرادَ أن يَشرَبَ امتَلَأَ القَدَحُ دَماً ، فَلَم يَقدِر أن يَشرَبَ مِن كَثرَةِ الدَّمِ ، وسَقَطَت ثَنِيَّتاهُ فِي القَدَحِ ، فَامتَنَعَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِن شُربِ الماءِ .
قالَ : واُتِيَ بِهِ حَتّى‏ اُدخِلَ عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ. ۳

۴۵۳.البداية والنهاية : لَمَّا انتَهى‏ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ إلى‏ بابِ القَصرِ ، إذا عَلى‏ بابِهِ جَماعَةٌ مِنَ الاُمَراءِ مِن أبناءِ الصَّحابَةِ ، مِمَّن يَعرِفُهُم ويَعرِفونَهُ ، يَنتَظِرونَ أن يُؤذَنَ لَهُم عَلَى ابنِ زِيادٍ ، ومُسلِمٌ مُخَضَّبٌ بِالدِّماءِ في وَجهِهِ وثِيابِهِ ، وهُوَ مُثخَنٌ بِالجِراحِ ، وهُوَ في غايَةِ العَطَشِ ، وإذا قُلَّةٌ مِن ماءٍ بارِدٍ هُنالِكَ ، فَأَرادَ أن يَتَناوَلَها لِيَشرَبَ مِنها ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن اُولئِكَ : وَاللَّهِ لا تَشرَبُ مِنها حَتّى‏ تَشرَبَ مِنَ الحَميمِ !
فَقالَ لَهُ : وَيلَكَ يَابنَ ناهِلَةَ ۴ ، أنتَ أولى‏ بِالحَميمِ وَالخُلودِ في نارِ الجَحيمِ مِنّي . ثُمَّ

1.في الطبعة المعتمدة : «مصلق» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .

2.في المصدر : «فششته» ، وهو تصحيف .

3.الفتوح : ج ۵ ص ۵۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۰ وفيه «لعمرو بن حريث المخزومي» .

4.هكذا في المصدر ، والظاهر : «يابن باهلة» كما مرّ في بعض النقول السابقة ، نسبة إلى قبيلة «باهلة» .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
488

فَقالَ ابنُ عَقيلٍ : لِاُمِّكَ الثُّكلُ ، ما أجفاكَ وما أفَظَّكَ! وأقسى‏ قَلبَكَ وأغلَظَكَ ! ! أنتَ يَابنَ باهِلَةَ أولى‏ بِالحَميمِ وَالخُلودِ في نارِ جَهَنَّمَ مِنّي . ثُمَّ جَلَسَ مُتَسانِداً إلى‏ حائِطٍ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني قُدامَةُ بنُ سَعدٍ : أنَّ عَمرَو بنَ حُرَيثٍ بَعَثَ غُلاماً يُدعى‏ سُلَيمانَ ، فَجاءَهُ بِماءٍ في قُلَّةٍ فَسَقاهُ .
قال أبو مِخنَفٍ : وحَدَّثَني سَعيدُ بنُ مُدركِ بنِ عُمارَةَ : أنَّ عُمارَةَ بنَ عُقبَةَ بَعَثَ غُلاماً لَهُ يُدعى‏ قَيساً ، فَجاءَهُ بِقُلَّةٍ عَلَيها مِنديلٌ ومَعَهُ قَدَحٌ ، فَصَبَّ فيه ماءً ثُمَّ سَقاهُ ، فَأَخَذَ كُلَّما شَرِبَ امتَلَأَ القَدَحُ دَماً ، فَلَمّا مَلَأَ القَدَحَ المَرَّةَ الثّالِثَةَ ذَهَبَ لِيَشرَبَ فَسَقَطَت ثَنِيَّتاهُ فيهِ . فَقَالَ : اَلحَمدُ للَّهِ‏ِ ، لَو كانَ لي مِنَ الرِّزقِ المَقسومِ شَرِبتُهُ. ۱

۴۵۱.المحاسن والمساوئ عن أبي معشر : أرسَلَ [ابنُ زِيادٍ] إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَخَرَجَ عَلَيهِم بِسَيفِهِ ، فَما زالَ يُناوِشُهُم ويُقاتِلُهُم حَتّى‏ جُرِحَ واُسِرَ ، فَعَطِشَ وقالَ : اِسقوني ماءً ، ومَعَهُ رَجُلٌ مِن آلِ أبي مُعَيطٍ ، ورَجُلٌ مِن بَني سُلَيمٍ .
فَقالَ شِمرُ بنُ ذي جَوشَنٍ : وَاللَّهِ لا نَسقيكَ إلّا مِنَ البِئرِ . وقالَ المُعَيطِيُّ : وَاللَّهِ لا نَسقيهِ إلّا مِنَ الفُراتِ . فَأَتاهُ غُلامٌ لَهُ بِإِبريقٍ مِن ماءٍ ، وقَدَحٍ قَواريرَ ومِنديلٍ فَسَقاهُ ، فَتَمَضمَضَ فَخَرَجَ الدَّمُ ، فَما زالَ يَمُجُّ ۲ الدَّمَ ولا يُسيغُ ۳ شَيئاً ، حَتّى‏ قالَ : أخِّرهُ عَنّي ، فَلَمّا أصبَحَ دَعاهُ عُبَيدُ اللَّهِ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ. ۴

۴۵۲.الفتوح : فَجَعَلَ [مُسلِمٌ‏] يَقولُ : اِسقوني شُربَةً مِنَ الماءِ ، فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ :

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۵ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۳ ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۷ وفيه «نسيماً» بدل «قيساً» ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۶۰ وفيه «عمرو بن حريث» بدل «عمارة بن عقبة» وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۵ وراجع : مروج الذهب : ج ۳ ص ۶۸ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۴ وروضة الواعظين : ص ۱۹۵ .

2.مَجَّ الرجلُ الماء من فيه : رمى‏ به (المصباح المنير : ص ۵۶۴ «مج») .

3.يُسيغُ : يبتلعُ (المصباح المنير : ص ۲۹۶ «سوغ») .

4.المحاسن والمساوئ : ص ۶۰ ، الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۱۰ وفيه «شهر بن حوشب» بدل «شمر بن ذي جوشن» ، المحن : ص ۱۴۵ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12012
صفحه از 850
پرینت  ارسال به