القَصرِ ، وأتى إلَى المَسجِدِ الأَعظَمِ فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ أتى هذَا البِلادَ ، وأظهَرَ العِنادَ وشَقَّ العَصا ، وقَد بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِن رَجُلٍ أصَبناهُ في دارِهِ ، ومَن جاءَ بِهِ فَلَهُ دِيَتُهُ ، اِتَّقُوا اللَّهَ عَبادَ اللَّهِ ، وَالزَموا طاعَتَكُم وبَيعَتَكُم ، ولا تَجعَلوا عَلى أنفُسِكُم سَبيلاً ، ومَن أتاني بِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ فَلَهُ عَشَرَةُ آلافِ دِرهَمٍ ، وَالمَنزِلَةُ الرَّفيعَةُ مِن يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، ولَهُ في كُلِّ يَومٍ حاجَةٌ مَقضِيَّةٌ . وَالسَّلامُ .
ثُمَّ نَزَلَ عَنِ المنِبَرِ ، ودَعَا الحُصَينَ بنَ نُمَيرٍ السَّكونِيَّ ، فَقالَ : ثَكِلَتكَ اُمُّكَ إن فاتَتكَ سِكَّةٌ مِن سِكَكِ الكوفَةِ لَم تُطبَق عَلى أهلِها ، أو يَأتوكَ بِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَوَاللَّهِ لَئِن خَرَجَ مِنَ الكوفَةِ سالِماً لَنُريقَنَّ ۱ أنفُسَنا في طَلَبِهِ ، فَانطَلِقِ الآنَ فَقَد سَلَّطتُكَ عَلى دورِ الكوفَةِ وسِكَكِها ، فَانصِبِ المَراصِدَ ، وجُدَّ الطَّلَبَ ، حَتّى تَأتِيَني بِهذَا الرَّجُلِ. ۲
۴۱۹.الأمالي للشجري عن سعيد بن خالد : قالَ عُبَيدُ اللَّهِ عَلَى المِنبَرِ : يا أهلَ الكوفَةِ ! وَاللَّهِ لا أدَعُ فِي الكوفَةِ بِيتَ مَدَرٍ ۳ إلّا هَدَمتُهُ ، ولا بَيتَ قَصَبٍ إلّا أحرَقتُهُ. ۴
۴۲۰.البداية والنهاية : أمّا عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ، فَإِنَّهُ نَزَلَ مِنَ القَصرِ بِمَن مَعَهُ مِنَ الاُمَراءِ وَالأَشرافِ ، بَعدَ العِشاءِ الآخِرَةِ ، فَصَلّى بِهِمُ العِشاءَ فِي المَسجِدِ الجامِعِ ، ثُمَّ خَطَبَهُم ، وطَلَبَ مِنهُم مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ ، وحَثَّ عَلى طَلَبِهِ ، ومَن وَجَدَهُ عِندَهُ ولَم يُعلِم بِهِ فَدَمُهُ هَدرٌ ۵ ، ومَن جاءَ بِهِ فَلَهُ دِيَتُهُ . وطَلَبَ الشُّرَطَ وحَثَّهُم عَلى ذلِكَ ، وتَهَدَّدَهُم. ۶
1.هو يريق بنفسه ريوقاً : يجود بها عند الموت (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۴۰ «ريق») .
2.الفتوح : ج ۵ ص ۵۱ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۸ نحوه .
3.المَدَرُ : قطع الطين ، وبعضهم يقول : الطين العلك الذي لا يخالطه رمل (المصباح المنير : ص ۵۶۷ «مدر») .
4.الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۷ .
5.ذهب دمه هدراً : أي باطلاً لا قَود فيه (المصباح المنير : ص ۶۳۵ «هدر») .
6.البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۵۵ .