ولذلك فإنّ الكتب الكبيرة ؛ مثل بحار الأنوار ، والكتب التي يكثر الرجوع إليها ، مثل إبصار العين ، ونفس المهموم ، ومنتهى الآمال ، لا يمكن تصنيفها من خلال نظرة كلّية وعامّة ضمن إحدى المجموعتين السابقتين ، وكذلك لا يمكن اعتبار كتاب مثل الكبريت الأحمر معتبراً أو غير معتبر ، رغم كون مؤلّفه عالماً ، وهو محمّد باقر البيرجندي (۱۲۷۶ - ۱۳۵۲ ه . ق) الذي جمع كتابه بعد تتبّع كثير ؛ ذلك لأنّ بعض مصادره معتبر وبعضها ضعيف ، ورغم أنّ المؤلّف عمد أحياناً إلى نقد بعض الروايات ، إلّا أنّ النقل من الكتب الضعيفة دون نقد للمواضيع ليس بقليل هو الآخر .
وعلى هذا الأساس فإنّ كتابَي نفس المهموم وبحار الأنوار يُعدّان أكثر اعتباراً ؛ لأن الكثير من رواياتهما مقبولة ومستندة إلى الكتب القديمة والمعتبرة .
وخلاصة الكلام : إنّ مجرّد وجود رواية تاريخية في الكتب المتأخّرة أو المعاصرة وإن كانت مشهورة ، لا يبيح لنا اعتبارها سنداً تاريخيّاً يمكن الاعتماد عليه ، وأن ننسب ما ورد فيها إلى أهل البيت عليهم السلام ، بل يجب أن يُعْلَم مصدرها أيضاً ويقيّم ، فإذا كان مصدرها ضعيفاً أو لم يكن لها مصدر أساساً ، فسوف تخرج حينئذٍ عن دائرة الاعتماد . وهذه القاعدة تجري أيضاً في النقول الشفهيّة ؛ إذ إنّ الناقل وإن كان شخصاً عظيماً ، إلّا أنّ الفترة الزمنيّة الكبيرة التي تفصلنا عن عصر أهل البيت عليهم السلام ، إضافة إلى ما أثبتته التجربة من وقوع الأخطاء الكثيرة في النقول الشفهيّة ، يجعل الوثوق بمثل هذه النقول مخالفاً للسيرة العُقلائيّة .
رابعاً : متفرّدات المصادر المتأخّرة
تثير الدراسة التفصيليّة للروايات المتعلّقة بحادثة عاشوراء والتي جاءت في موسوعة الإمام الحسين عليه السلام ، التساؤلَ التالي في ذهن الباحث : لماذا لا نجد في الموسوعة بعض الأحداث المشهورة التي جاءت في المصادر المتأخّرة والتي يذكرها الكثير من منشدي المراثي على المنابر في بيان واقعة عاشوراء، في حين أنّ اختيار اسم «الموسوعة»