45
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

ولذلك فإنّ الكتب الكبيرة ؛ مثل بحار الأنوار ، والكتب التي يكثر الرجوع إليها ، مثل إبصار العين ، ونفس المهموم ، ومنتهى الآمال ، لا يمكن تصنيفها من خلال نظرة كلّية وعامّة ضمن إحدى المجموعتين السابقتين ، وكذلك لا يمكن اعتبار كتاب مثل الكبريت الأحمر معتبراً أو غير معتبر ، رغم كون مؤلّفه عالماً ، وهو محمّد باقر البيرجندي (۱۲۷۶ - ۱۳۵۲ ه . ق) الذي جمع كتابه بعد تتبّع كثير ؛ ذلك لأنّ بعض مصادره معتبر وبعضها ضعيف ، ورغم أنّ المؤلّف عمد أحياناً إلى نقد بعض الروايات ، إلّا أنّ النقل من الكتب الضعيفة دون نقد للمواضيع ليس بقليل هو الآخر .
وعلى هذا الأساس فإنّ كتابَي نفس المهموم وبحار الأنوار يُعدّان أكثر اعتباراً ؛ لأن الكثير من رواياتهما مقبولة ومستندة إلى الكتب القديمة والمعتبرة .
وخلاصة الكلام : إنّ مجرّد وجود رواية تاريخية في الكتب المتأخّرة أو المعاصرة وإن كانت مشهورة ، لا يبيح لنا اعتبارها سنداً تاريخيّاً يمكن الاعتماد عليه ، وأن ننسب ما ورد فيها إلى أهل البيت عليهم السلام ، بل يجب أن يُعْلَم مصدرها أيضاً ويقيّم ، فإذا كان مصدرها ضعيفاً أو لم يكن لها مصدر أساساً ، فسوف تخرج حينئذٍ عن دائرة الاعتماد . وهذه القاعدة تجري أيضاً في النقول الشفهيّة ؛ إذ إنّ الناقل وإن كان شخصاً عظيماً ، إلّا أنّ الفترة الزمنيّة الكبيرة التي تفصلنا عن عصر أهل البيت عليهم السلام ، إضافة إلى ما أثبتته التجربة من وقوع الأخطاء الكثيرة في النقول الشفهيّة ، يجعل الوثوق بمثل هذه النقول مخالفاً للسيرة العُقلائيّة .

رابعاً : متفرّدات المصادر المتأخّرة

تثير الدراسة التفصيليّة للروايات المتعلّقة بحادثة عاشوراء والتي جاءت في موسوعة الإمام الحسين عليه السلام ، التساؤلَ التالي في ذهن الباحث : لماذا لا نجد في الموسوعة بعض الأحداث المشهورة التي جاءت في المصادر المتأخّرة والتي يذكرها الكثير من منشدي المراثي على المنابر في بيان واقعة عاشوراء، في حين أنّ اختيار اسم «الموسوعة»


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
44

ينقل المواضيع التاريخيّة والحديثيّة ومواضيع مختلفة بحيث يهيّئ الأرضيّة المناسبة لرواية المقتل وأحداث عاشوراء ، ولم يتجنّب في هذا المجال نقل المواضيع الضعيفة والاستناد إلى الكتب والمصادر غير الصالحة للاعتماد ؛ مثل روضة الشهداء ، وأسرار الشهادات ، ومنتخب الطريحيّ وغيرها . ۱
ويرى الشهيد القاضي الطباطبائي - الذي كان يعرف المؤلّف ويراسله - أنّ محتويات الكتاب ليست في المستوى بحيث يمكن الاعتماد عليها ، ويراه مزيجاً من الصحيح والضعيف ، ولذلك فهو يدعو قرّاء الكتاب إلى توخّي الدقّة فيه . ۲
ونُحيل القارئ الكريم إلى الهامش لكي يرى‏ نماذج من أخبار الكتاب الضعيفة أو التي انفرد المؤلّف بنقلها . ۳

ثالثاً: المصادر المعاصرة

تبلغ المصادر المؤلّفة بعد القرنين التاسع والعاشر الهجريّين من الكثرة بحيث لا يمكن استعراضها أجمع . ولكن يمكن القول بشكل عام إنّ قيمة هذه الكتب ، تتبع قيمة المصادر التي استندت إليها .
وبعبارة اُخرى : كلّما كانت الكتب المتأخّرة والمعاصرة مستندة في رواياتها إلى كتب أقدم وأكثر قيمة ، وتحرّت الدقّة في نقلها ، والتزمت بالأمانة ، فإنّها ستكون صالحة للاعتماد بصورة أكبر .

1.لملاحظة بعض المطالب الضعيفة لهذا الكتاب ونقدها راجع : عاشورا - عزاداري - تحريفات «بالفارسية» : ص‏۳۸۸ و۳۹۳ و ۴۰۰ .

2.تحقيق در باره أوّل أربعين حضرت سيّد الشهداء عليه السلام «بالفارسية» : ص ۳۸۲.

3.راجع : معالي السبطين : ج ۱ ص ۲۵۴ (أنّ الإمام الحسين عليه السلام أشرف على الموت ثلاث مرّات عندما رأى توجّه عليّ الأكبر إلى ساحة المعركة! أو أنّ عمّات عليّ الأكبر وأخواته منعنه من الخروج إلى ساحة القتال! أو أنّ السيّدة زينب ألقت بنفسها على جسد عليّ الأكبر قبل مجي‏ء الإمام ؛ لأنّها كانت تعلم أنّه إذا رأى ابنه مقتولاً فسوف تفارق روحه جسمه) ، وص ۲۵۵ (خروج ليلى من الخيمة حاسرة الرأس بعد شهادة علي الأكبر) ، و ج ۲ ص ۲۴ وغير ذلك ... .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8194
صفحه از 850
پرینت  ارسال به