439
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

عَمرِو بنِ الحَجّاجِ تَحتَ هانِئِ بنِ عُروَةَ ، وهِيَ اُمُّ يَحيَى بنِ هانِئٍ ، فَقالَ لَهُم [ابنُ زِيادٍ] : ما يَمنَعُ هانِئَ بنَ عُروَةَ مِن إتيانِنا ؟ قالوا : ما نَدري - أصلَحَكَ اللَّهُ - وإنَّهُ لَيَتَشَكّى‏ ، قالَ : قَد بَلَغَني أنَّهُ قَد بَرَأَ وهُوَ يَجلِسُ عَلى‏ بابِ دارِهِ ، فَالقَوهُ فَمُروهُ ألّا يَدَعَ ما عَلَيهِ في ذلِكَ مِنَ الحَقِّ ؛ فَإِنّي لا اُحِبُّ أن يَفسُدَ عِندي مِثلُهُ مِن أشرافِ العَرَبِ .
فَأَتَوهُ حَتّى‏ وَقَفوا عَلَيهِ عَشِيَّةً - وهُوَ جالِسٌ عَلى‏ بابِهِ - فَقالوا : ما يَمنَعُكَ مِن لِقاءِ الأَميرِ ، فَإِنَّهُ قَد ذَكَرَكَ ، وقَد قالَ : لَو أعلَمُ أنَّهُ شاكٍ لَعُدتُهُ ؟ فَقالَ لَهُم : اَلشَّكوى‏ تَمنَعُني ، فَقالوا لَهُ : يَبلُغُهُ أنَّكَ تَجلِسُ كُلَّ عَشِيَّةٍ عَلى‏ بابِ دارِكَ ، وقَدِ استَبطَأَكَ ، وَالإِبطاءُ وَالجَفاءُ لا يَحتَمِلُهُ السُّلطانُ ، أقسَمنا عَلَيكَ لَمّا رَكِبتَ مَعَنا .
فَدَعا بِثِيابِهِ فَلَبِسَها ، ثُمَّ دَعا بِبَغلَةٍ فَرَكِبَها ، حَتّى‏ إذا دَنا مِنَ القَصرِ ؛ كَأَنَّ نَفسَهُ أحَسَّت بِبَعضِ الَّذي كانَ ، فَقالَ لِحَسّانَ بنِ أسماءَ بنِ خارِجَةَ : يَابنَ أخي ، إنّي وَاللَّهِ لِهذَا الرَّجُلِ لَخائِفٌ ، فَما تَرى‏ ؟ قالَ : أي عَمُّ ، وَاللَّهِ ما أتَخَوَّفُ عَلَيكَ شَيئاً ، ولِمَ تَجعَلُ عَلى‏ نَفسِكَ سَبيلاً وأنتَ بَري‏ءٌ ؟
وزَعَموا أنَّ أسماءَ لَم يَعلَم في أيِّ شَي‏ءٍ بَعَثَ إلَيهِ عُبَيدُ اللَّهِ ، فَأَمّا مُحَمَّدٌ فَقَد عَلِمَ بِهِ ، فَدَخَلَ القَومُ عَلَى ابنِ زِيادٍ ودَخَلَ مَعَهُم ، فَلَمّا طَلَعَ قالَ عُبَيدُ اللَّهِ : أتَتكَ بِحائِنٍ ۱ رِجلاهُ ! وقَد عَرَّسَ عُبَيدُ اللَّهِ إذ ذاكَ بِاُمِّ نافِعٍ ابنَةِ عَمارَةَ بنِ عُقبَةَ ، فَلَمّا دَنا مِنِ ابنِ زِيادٍ - وعِندَهُ شُرَيحٌ القاضي - التَفَتَ نَحوَهُ فَقالَ :

اُريدُ حَباءَهُ ويُريدُ قَتلي‏عُذَيرُكَ مِن خَليلِكَ مِن مُرادِ
وقَد كانَ لَهُ أوَّلَ ما قَدِمَ مُكرِماً مُلطِفاً ، فَقالَ لَهُ هانِئٌ : وما ذاكَ أيُّهَا الأَميرُ ؟
قالَ : إيهِ يا هانِئَ بنَ عُروَةَ ، ما هذِهِ الاُمورُ الَّتي تَرَبَّصُ في دورِكَ لِأَميرِ المُؤمِنينَ ، وعامَّةِ المُسلِمينَ ؟ جِئتَ بِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ فَأَدخَلتَهُ دارَكَ ، وجَمَعتَ لَهُ السِّلاحَ وَالرِّجالَ فِي الدّورِ حَولَكَ ، وظَنَنتَ أنَّ ذلِكَ يَخفى‏ عَلَيَّ لَكَ !

1.الحَائِنُ : الأحمق (تاج العروس : ج ۱۸ ص ۱۷۰ «حين») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
438

عَن جَميعِ النّاسِ . فَأَعطاهُ مِن ذلِكَ ما أرادَ .
فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ : اِنصَرِف يَومَكَ هذا ، فَإِن كانَ غَدٌ فَائتِني في مَنزِلي حَتّى‏ أنطَلِقَ مَعَكَ إلى‏ صاحِبِنا - يَعني مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ - فَاُوصِلَكَ إلَيهِ .
فَمَضَى الشّامِيُّ ، فَباتَ لَيلَتَهُ ، فَلَمّا أصبَحَ غَدا إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ في مَنزِلِهِ ، فَانطَلَقَ بِهِ حَتّى‏ أدخَلَهُ إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَأَخبَرَهُ بِأَمرِهِ ، ودَفَعَ إلَيهِ الشّامِيُّ ذلِكَ المالَ ، وبايَعَهُ .
فَكانَ الشّامِيُّ يَغدو إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَلا يُحجَبُ عَنهُ ، فَيَكونُ نَهارَهُ كُلَّهُ عِندَ[هُ‏] ، فَيَتَعَرَّفُ جَميعَ أخبارِهِم ، فَإِذا أمسى‏ وأظلَمَ عَلَيهِ اللَّيلُ ، دَخَلَ عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ فَأَخبَرَهُ بِجَميعِ قِصَصِهِم ، وما قالوا وفَعَلوا في ذلِكَ ، وأعلَمَهُ نُزولَ مُسلِمٍ في دارِ هانِئِ بنِ عُروَةَ. ۱

۴ / ۱۵

اِعتِقالُ هانِئٍ وما جَرى‏ فيهِ‏

۳۶۸.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن المعلّى بن كليب عن أبي الودّاك : كانَ هانِئٌ يَغدو ويَروحُ إلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ ، فَلَمّا نَزَلَ بِهِ مُسلِمٌ انقَطَعَ مِنَ الاِختِلافِ ، وتَمارَضَ فَجَعَلَ لا يَخرُجُ ، فَقالَ ابنُ زِيادٍ لِجُلَسائِهِ : ما لي لا أرى‏ هانِئاً ؟ فَقالوا : هُوَ شاكٍ ، فَقالَ : لَو عَلِمتُ بِمَرَضِهِ لَعُدتُهُ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَنِي المُجالِدُ بنُ سَعيدٍ ، قالَ : دَعا عُبَيدُ اللَّهِ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ وأسماءَ بنَ خارِجَةَ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حدََّثَنِي الحَسَنُ بنُ عُقبَةَ المُرادِيُّ : أنَّهُ بَعَثَ مَعَهُما عَمرَو بنَ الحَجّاجِ الزُّبيدِيَّ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : وحَدَّثَني نُمَيرُ بنُ وَعلَةَ عَن أبِي الوَدّاكِ ، قالَ : كانَت رَوعَةُ ، اُختُ

1.الأخبار الطوال : ص ۲۳۵ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8569
صفحه از 850
پرینت  ارسال به