437
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

كُلِّ يَومٍ ولا تَنقَطِع عَنهُ ، فَإِنَّكَ إن قَطَعتَهُ استَرابَكَ ، وتَنَحّى‏ عَن مَنزِلِ هاني إلى‏ مَنزِلٍ آخَرَ ، فَأَلقى‏ في طَلَبِهِ عَناءً. ۱

۳۶۷.الأخبار الطوال : خَفِيَ عَلى‏ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ مَوضِعُ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَقالَ لِمَولىً لَهُ مِن أهلِ الشّامِ يُسَمّى‏ مَعقِلاً ، وناوَلَهُ ثَلاثَةَ آلافِ دِرهَمٍ في كيسٍ ، وقالَ : خُذ هذَا المالَ ، وَانطَلِق فَالتَمِس مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ ، وتَأَتَّ ۲ لَهُ بِغايَةِ التَّأَتّي .
فَانطَلَقَ الرَّجُلُ حَتّى‏ دَخَلَ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، وجَعَلَ لا يَدري كَيفَ يَتَأَتَّى الأَمرَ ، ثُمَّ إنَّهُ نَظَرَ إلى‏ رَجُلٍ يُكثِرُ الصَّلاةَ إلى‏ سارِيَةٍ مِن سَوارِي المَسجِدِ ، فَقالَ في نَفسِهِ : إنَّ هؤُلاءِ الشّيعَةَ يُكثِرونَ الصَّلاةَ ، وأحسَبُ هذا مِنهُم. ۳
فَجَلَسَ الرَّجُلُ ، حَتّى‏ إذَا انفَتَلَ مِن صلاتِهِ قامَ ، فَدَنا مِنهُ وجَلَسَ ، فَقالَ : جُعِلتُ فِداكَ ، إنّي رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ ، مَولىً لِذي الكِلاعِ ، وقَد أنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ بِحُبِّ أهلِ بَيتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وحُبِّ مَن أحَبَّهُم ، ومَعي هذِهِ الثَّلاثَةُ الآلافِ دِرهَمٍ ، اُحِبُّ إيصالَها إلى‏ رَجُلٍ مِنهُم ، بَلَغَني أنَّهُ قَدِمَ هذَا المِصرَ داعِيةً لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَهَل تَدُلُّني عَلَيهِ لِاُوصِلَ هذَا المالَ إلَيهِ ، لِيَستَعينَ بِهِ عَلى‏ بَعضِ اُمورِهِ ، ويَضَعَهُ حَيثُ أحَبَّ مِن شيعَتِهِ ؟
قالَ لَهُ الرَّجُلُ : وكَيفَ قَصَدتَني بِالسُّؤالِ عَن ذلِكَ دونَ غَيري مِمَّن هُوَ فِي المَسجِدِ ؟
قالَ : لِأَنّي رَأَيتُ عَلَيكَ سيماءَ الخَيرِ ، فَرَجَوتُ أن تَكونَ مِمَّن يَتَوَلّى‏ أهلَ بَيتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
قالَ لَهُ الرَّجُلُ : وَيحَكَ ، قَد وَقَعتَ عَلَيَّ بِعَينِكَ ، أنَا رَجُلٌ مِن إخوانِكَ وَاسمي مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ ، وقَد سُرِرتُ بِكَ ، وساءَني ما كانَ مِن حِسّي قِبَلَكَ ؛ فَإِنّي رَجُلٌ مِن شيعَةِ أهلِ هذَا البَيتِ ، خَوفاً مِن هذَا الطّاغِيَةِ ابنِ زِيادٍ ، فَأَعطِني ذِمَّةَ اللَّهِ وعَهدَهُ أن تَكتُمَ هذا

1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۱ ، الفتوح : ج ۵ ص ۴۱ .

2.تأتّى فلان لحاجته : إذا ترفّق لها وأتاها من وجهها (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۱۷ «أتي») .

3.والملفت هنا أنّ من صفات شيعة آل البيت عليهم السلام البارزة هي كثرة الصلاة والعبادة وحسن السيرة ، وكانوا يُعرفون بذلك .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
436

آلافِ دِرهَمٍ ، خُذها إلَيكَ وَالتَمِس مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ حَيثُما كانَ بِالكوفَةِ ، فَإِذا عَرَفتَ مَوضِعَهُ ، فَادخُل إلَيهِ ، وأعلِمهُ أنَّكَ مِن شيعَتِهِ وعَلى‏ مَذهَبِهِ ، وَادفَع إلَيهِ هذِهِ الدّراهِمَ ، وقُل لَهُ : اِستَعِن بِها عَلى‏ عَدُوِّكَ ، فَإِنَّكَ إذا دَفَعتَ إلَيهِ هذِهِ الدَّراهِمَ وَثِقَ بِكَ ، وَاطمَأَنَّ إلَيكَ ، ولَم يَكتُمكَ مِن أمرِهِ شَيئاً ، ثُمَّ اغدُ عَلَيَّ بِالأَخبارِ عَنهُ .
فَأَقبَلَ مَعقِلٌ حَتّى‏ دَخَلَ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، فَنَظَرَ إلى‏ رَجُلٍ مِنَ الشّيعَةِ يُقالُ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ الأَسَدِيُّ ، فَجَلَسَ إلَيهِ ثُمَّ قالَ لَهُ : يا عَبدَ اللَّهِ ، إنّي رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ ، غَيرَ أنّي اُحِبُّ أهلَ هذَا البَيتِ ، واُحِبُّ مَن يُحِبُّهُم ، ومَعي ثَلاثَةُ آلافِ دِرهَمٍ ، أحبَبتُ أن أدفَعَها إلى‏ رَجُلٍ بَلَغَني أنَّهُ قَد قَدِمَ إلى‏ بَلَدِكُم هذا يَأخُذُ البَيعَةَ لاِبنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَإِن رَأَيتَ أن تَدُلَّني عَلَيهِ حَتّى‏ أدفَعَ هذَا المالَ إلَيهِ واُبايِعَهُ ، وإن شِئتَ فَخُذ بَيعَتي لَهُ قَبلَ أن تَدُلَّني عَلَيهِ .
فَظَنَّ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ أنَّ القَولَ عَلى‏ ما يَقولُهُ ، فَأَخَذَ عَلَيهِ الأَيمانَ وَالعُهودَ أنَّهُ ناصِحٌ ، وأنَّهُ يَكونُ مَعَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ عَلَى ابنِ زِيادٍ ، فَأَعطاهُ مَعقِلٌ مِنَ العُهودِ ماوَثِقَ بِها مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ ؛ ثُمَّ قالَ لَهُ : اِنصَرِف عَنّي الآنَ يَومي هذا حَتّى‏ أنظُرَ في ذلِكَ . فَانصَرَفَ عَنهُ ... .
فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ أقبَلَ مَعقِلٌ إلى‏ مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ ، فَقالَ لَهُ : إنَّكَ قَد كُنتَ وَعَدتَني أن تُدخِلَني عَلى‏ هذَا الرَّجُلِ فَأَدفَعَ إلَيهِ هذَا المالَ ، فَمَا الَّذي بَدا لَكَ مِن ذلِكَ ؟ فَقالَ لَهُ : إنّا اشتَغَلنا بِمَوتِ هذَا الرَّجُلِ شَريكِ بنِ عَبدِ اللَّهِ ، وقَد كانَ مِن خِيارِ الشّيعَةِ ، ويَتَوَلّى‏ أهلَ هذَا البَيتِ . فَقالَ لَهُ مَعقِلٌ : ومُسلِمُ بنُ عَقيلٍ في مَنزِلِ هانِي بنِ عُروَةَ ؟ فَقالَ لَهُ : نَعَم ، هُوَ في مَنزِلِ هانِي بنِ عُروَةَ ؛ فَقالَ مَعقِلٌ : قُم بِنا إلَيهِ حَتّى‏ أدفَعَ لَهُ هذَا المالَ . فَأَخَذَ بِيَدِهِ وأدخَلَهُ عَلى‏ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَرَحَّبَ بِهِ مُسلِمٌ وأدناهُ ، وأخَذَ بَيعَتَهُ وأمَرَ أن يُقبَضَ ما مَعَهُ مِنَ المالِ .
وأقامَ مَعقِلٌ في مَنزِلِ هانِي بنِ عُروَةَ يَومَهُ ، حَتّى‏ إذا أمسَى انصَرَفَ إلى‏ ابنِ زِيادٍ ، فَأَخبَرَهُ بِأَمرِ مُسلِمٍ ، فَبَقِيَ ابنُ زِيادٍ مُتَعَجِّباً ، وقالَ لِمَعقِلٍ : اُنظُر أن تَختَلِفَ إلى‏ مُسلِمٍ في

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11698
صفحه از 850
پرینت  ارسال به