كُلِّ يَومٍ ولا تَنقَطِع عَنهُ ، فَإِنَّكَ إن قَطَعتَهُ استَرابَكَ ، وتَنَحّى عَن مَنزِلِ هاني إلى مَنزِلٍ آخَرَ ، فَأَلقى في طَلَبِهِ عَناءً. ۱
۳۶۷.الأخبار الطوال : خَفِيَ عَلى عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ مَوضِعُ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَقالَ لِمَولىً لَهُ مِن أهلِ الشّامِ يُسَمّى مَعقِلاً ، وناوَلَهُ ثَلاثَةَ آلافِ دِرهَمٍ في كيسٍ ، وقالَ : خُذ هذَا المالَ ، وَانطَلِق فَالتَمِس مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ ، وتَأَتَّ ۲ لَهُ بِغايَةِ التَّأَتّي .
فَانطَلَقَ الرَّجُلُ حَتّى دَخَلَ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، وجَعَلَ لا يَدري كَيفَ يَتَأَتَّى الأَمرَ ، ثُمَّ إنَّهُ نَظَرَ إلى رَجُلٍ يُكثِرُ الصَّلاةَ إلى سارِيَةٍ مِن سَوارِي المَسجِدِ ، فَقالَ في نَفسِهِ : إنَّ هؤُلاءِ الشّيعَةَ يُكثِرونَ الصَّلاةَ ، وأحسَبُ هذا مِنهُم. ۳
فَجَلَسَ الرَّجُلُ ، حَتّى إذَا انفَتَلَ مِن صلاتِهِ قامَ ، فَدَنا مِنهُ وجَلَسَ ، فَقالَ : جُعِلتُ فِداكَ ، إنّي رَجُلٌ مِن أهلِ الشّامِ ، مَولىً لِذي الكِلاعِ ، وقَد أنعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ بِحُبِّ أهلِ بَيتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وحُبِّ مَن أحَبَّهُم ، ومَعي هذِهِ الثَّلاثَةُ الآلافِ دِرهَمٍ ، اُحِبُّ إيصالَها إلى رَجُلٍ مِنهُم ، بَلَغَني أنَّهُ قَدِمَ هذَا المِصرَ داعِيةً لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَهَل تَدُلُّني عَلَيهِ لِاُوصِلَ هذَا المالَ إلَيهِ ، لِيَستَعينَ بِهِ عَلى بَعضِ اُمورِهِ ، ويَضَعَهُ حَيثُ أحَبَّ مِن شيعَتِهِ ؟
قالَ لَهُ الرَّجُلُ : وكَيفَ قَصَدتَني بِالسُّؤالِ عَن ذلِكَ دونَ غَيري مِمَّن هُوَ فِي المَسجِدِ ؟
قالَ : لِأَنّي رَأَيتُ عَلَيكَ سيماءَ الخَيرِ ، فَرَجَوتُ أن تَكونَ مِمَّن يَتَوَلّى أهلَ بَيتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
قالَ لَهُ الرَّجُلُ : وَيحَكَ ، قَد وَقَعتَ عَلَيَّ بِعَينِكَ ، أنَا رَجُلٌ مِن إخوانِكَ وَاسمي مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ ، وقَد سُرِرتُ بِكَ ، وساءَني ما كانَ مِن حِسّي قِبَلَكَ ؛ فَإِنّي رَجُلٌ مِن شيعَةِ أهلِ هذَا البَيتِ ، خَوفاً مِن هذَا الطّاغِيَةِ ابنِ زِيادٍ ، فَأَعطِني ذِمَّةَ اللَّهِ وعَهدَهُ أن تَكتُمَ هذا
1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۱ ، الفتوح : ج ۵ ص ۴۱ .
2.تأتّى فلان لحاجته : إذا ترفّق لها وأتاها من وجهها (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۱۷ «أتي») .
3.والملفت هنا أنّ من صفات شيعة آل البيت عليهم السلام البارزة هي كثرة الصلاة والعبادة وحسن السيرة ، وكانوا يُعرفون بذلك .