429
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

«اِسقوني» ، فَاخرُجوا فَاقتُلوهُ .
فَأدخَلَهُمُ البَيتَ وجَلَسَ فِي الرِّواقِ ۱ ، وأتاهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ يَعودُهُ ، فَلَمّا تَمَكَّنَ ، قالَ هانِئُ بنُ عُروَةَ : اِسقوني ! فَلَم يَخرُجوا ، فَقالَ : اِسقوني ، ما يُؤَخِّرُكُم ؟ ثُمَّ قالَ : اِسقوني ، ولَو كانَت فيهِ نَفسي ، فَفَهِمَ ابنُ زِيادٍ ، فَقامَ فَخَرَجَ مِن عِندِهِ ، ووَجَّهَ بالشُّرَطِ يَطلبُونَ مُسلِماً ، وخَرَجَ وأصحابُهُ وهُوَ لا يَشُكَّ في وَفاءِ القَومِ وصِحَّةِ نِيّاتِهِم ، فَقاتَلَ [مُسلِمٌ ]عُبَيدَ اللَّهِ ، فَأَخَذوهُ فَقَتَلَهُ عُبَيدُ اللَّهِ ، وجَرَّ بِرِجلِهِ فِي السّوقِ ، وقَتَلَ هانِئَ بنَ عُروَةَ لِنُزولِ مُسلِمٍ مَنزِلَهُ ، وإعانَتِهِ إيّاهُ . ۲

۳۶۲.البداية والنهاية : تَحَوَّلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ إلى‏ دارِ هانِئِ بنِ حميدِ بنِ عُروَةَ المُرادِيِّ ، ثُمَّ إلى‏ دارِ شَريكِ بنِ الأَعوَرِ - وكانَ مِنَ الاُمَراءِ الأَكابِرِ - وبَلَغَهُ أنَّ عُبَيدَ اللَّهِ يُريدُ عِيادَتَهُ ، فَبَعَثَ إلى‏ هانِئٍ يَقولُ لَهُ : اِبعَث مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ حَتّى‏ يَكونَ في داري لِيَقتُلَ عُبَيدَ اللَّهِ إذا جاءَ يَعودُني . فَبَعَثَهُ إلَيهِ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : كُن أنتَ فِي الخِباءِ ، فَإِذا جَلَسَ عُبَيدُ اللَّهِ ، فَإِنّي أطلُبُ الماءَ - وهِيَ إشارَتي إلَيكَ - فَاخرُج فَاقتُلهُ .
فَلَمّا جاءَ عُبَيدُ اللَّهِ جَلَسَ عَلى‏ فِراشِ شَريكٍ ، وعِندَهُ هانِئُ بنُ عُروَةَ ، وقامَ مِن بَينِ يَدَيهِ غُلامٌ يُقالُ لَهُ مِهرانُ ، فَتَحَدَّثَ عِندَهُ ساعَةً ، ثُمَّ قالَ شَريكٌ : اِسقوني ، فَتَجَبَّنَ مُسلِمٌ عَن قَتلِهِ ، وخَرَجَت جارِيَةٌ بِكوزٍ مِن ماءٍ فَوَجَدَت مُسلِماً فِي الخِباءِ ، فَاستَحيَت ورَجَعَت بِالماءِ ثَلاثاً ، ثُمَّ قالَ : اِسقوني ولَو كانَ فيهِ ذَهابُ نَفسي ، أتَحمونَني مِنَ الماءِ ؟ فَفَهِمَ مِهرانُ الغَدرَ ، فَغَمَزَ مَولاهُ ، فَنَهَضَ سَريعاً وخَرَجَ .
فَقالَ شَريكٌ : أيُّهَا الأَميرُ ! إنّي اُريدُ أن اُوصِيَ إلَيكَ ، فَقالَ : سَأَعودُ !
فَخَرَجَ بِهِ مَولاهُ فَأَركَبَهُ وطَرَّدَ بِهِ - أي ساقَ بِهِ - وجَعَلَ يَقولُ لَهُ مَولاهُ : إنَّ القَومَ أرادوا قَتلَكَ ، فَقالَ : وَيحَكَ ، إنّي بِهِم لَرَفيقٌ ، فَما بالُهُم ؟ !

1.رِواقُ البيت : مُقدّمهُ (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۳۳ «روق») .

2.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۴۳ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
428

فَقالَ شَريكٌ : ما رَأَيتُ أحَداً أمكَنَتهُ فُرصَةٌ فَتَرَكَها إلّا أعقَبَتهُ نَدَماً وحَسرَةً ، وأنتَ أعلَمُ ! وما عَلى‏ هانِئٍ في هذا لَولا الحَصرُ ! وماتَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ في دارِ هانِئٍ مِن مَرَضِهِ ذلِكَ . واسمُ الأَعوَرِ الحارِثُ . ۱

۳۶۰.الإمامة والسياسة : دَخَلَ [مُسلِمٌ‏] دارَ هانِئِ بنِ عُروَةَ المُرادِيِّ ، وكانَ لَهُ فيهِم رَأيٌ . فَقالَ لَهُ هانِئُ بنُ عُروَةَ : إنَّ لي مِنِ ابنِ زِيادٍ مَكاناً ، سَوفَ أتَمارَضُ لَهُ ، فَإِذا جاءَ يَعودُني فَاضرِب عُنُقَهُ .
قالَ : فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : إنَّ هانِئَ بنَ عُروَةَ شاكٍ يَقي‏ءُ الدَّمَ . قالَ : وشَرِبَ المَغرَةَ ۲ فَجَعَلَ يَقيؤُها .
قالَ : فَجاءَ ابنُ زِيادٍ يَعودُهُ ، وقالَ لَهُم هانِئٌ : إذا قُلتُ لَكُم «اِسقوني» فَاخرُج إلَيهِ فَاضرِب عُنُقَهُ ، فَقالَ : اِسقوني ، فَأَبطَؤوا عَلَيهِ ، فَقالَ : وَيحَكُم ! اِسقوني ولَو كانَ فيهِ ذَهابُ نَفسي .
قالَ : فَخَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ولَم يَصنَعِ الآخَرُ شَيئاً ، وكانَ مِن أشجَعِ النّاسِ ، ولكِنَّهُ أخَذَتهُ كَبوَةٌ ۳ ، فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : وَاللَّهِ إنّ فِي البَيتِ رَجُلاً مُتَسَلِّحاً . ۴

۳۶۱.تاريخ اليعقوبي : قَدِمَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ الكوفَةَ ، وبِها مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ قَد نَزَلَ عَلى‏ هانِئ بنِ عُروَةَ ، وهانِئٌ شَديدُ العِلَّةِ ، وكانَ صَديقاً لاِبنِ زِيادٍ .
فَلَمّا قَدِمَ ابنُ زِيادٍ الكوفَةَ اُخبِرَ بِعِلَّةِ هانِئٍ ، فَأَتاهُ لِيَعودَهُ ، فَقالَ هانِئٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ - وهُم جَماعَةٌ - : إذا جَلَسَ ابنُ زِيادٍ عِندي وتَمَكَّنَ ، فَإِنّي سَأَقولُ :

1.أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۷ .

2.المَغرة : المَدَر [أي الطين‏] الأحمر الذي تُصبغ به الثياب (النهاية : ج ۴ ص ۳۴۵ «مغر») .

3.الكَبْوةُ : الوقفة ، أو الوقفة عند الشي‏ء يكرهه الإنسان (النهاية : ج ۴ ص ۱۴۶ «كبا») .

4.الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۸ ، المحاسن والمساوئ : ص ۶۰عن أبي معشر ، المحن : ص ۱۴۴ ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۴ ، جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۵ كلاهما عن أبي عبيد القاسم بن سلّام وكلاهما نحوه .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10413
صفحه از 850
پرینت  ارسال به