فَقالَ شَريكٌ : ما رَأَيتُ أحَداً أمكَنَتهُ فُرصَةٌ فَتَرَكَها إلّا أعقَبَتهُ نَدَماً وحَسرَةً ، وأنتَ أعلَمُ ! وما عَلى هانِئٍ في هذا لَولا الحَصرُ ! وماتَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ في دارِ هانِئٍ مِن مَرَضِهِ ذلِكَ . واسمُ الأَعوَرِ الحارِثُ . ۱
۳۶۰.الإمامة والسياسة : دَخَلَ [مُسلِمٌ] دارَ هانِئِ بنِ عُروَةَ المُرادِيِّ ، وكانَ لَهُ فيهِم رَأيٌ . فَقالَ لَهُ هانِئُ بنُ عُروَةَ : إنَّ لي مِنِ ابنِ زِيادٍ مَكاناً ، سَوفَ أتَمارَضُ لَهُ ، فَإِذا جاءَ يَعودُني فَاضرِب عُنُقَهُ .
قالَ : فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : إنَّ هانِئَ بنَ عُروَةَ شاكٍ يَقيءُ الدَّمَ . قالَ : وشَرِبَ المَغرَةَ ۲ فَجَعَلَ يَقيؤُها .
قالَ : فَجاءَ ابنُ زِيادٍ يَعودُهُ ، وقالَ لَهُم هانِئٌ : إذا قُلتُ لَكُم «اِسقوني» فَاخرُج إلَيهِ فَاضرِب عُنُقَهُ ، فَقالَ : اِسقوني ، فَأَبطَؤوا عَلَيهِ ، فَقالَ : وَيحَكُم ! اِسقوني ولَو كانَ فيهِ ذَهابُ نَفسي .
قالَ : فَخَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ولَم يَصنَعِ الآخَرُ شَيئاً ، وكانَ مِن أشجَعِ النّاسِ ، ولكِنَّهُ أخَذَتهُ كَبوَةٌ ۳ ، فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ : وَاللَّهِ إنّ فِي البَيتِ رَجُلاً مُتَسَلِّحاً . ۴
۳۶۱.تاريخ اليعقوبي : قَدِمَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ الكوفَةَ ، وبِها مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ قَد نَزَلَ عَلى هانِئ بنِ عُروَةَ ، وهانِئٌ شَديدُ العِلَّةِ ، وكانَ صَديقاً لاِبنِ زِيادٍ .
فَلَمّا قَدِمَ ابنُ زِيادٍ الكوفَةَ اُخبِرَ بِعِلَّةِ هانِئٍ ، فَأَتاهُ لِيَعودَهُ ، فَقالَ هانِئٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ - وهُم جَماعَةٌ - : إذا جَلَسَ ابنُ زِيادٍ عِندي وتَمَكَّنَ ، فَإِنّي سَأَقولُ :
1.أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۷ .
2.المَغرة : المَدَر [أي الطين] الأحمر الذي تُصبغ به الثياب (النهاية : ج ۴ ص ۳۴۵ «مغر») .
3.الكَبْوةُ : الوقفة ، أو الوقفة عند الشيء يكرهه الإنسان (النهاية : ج ۴ ص ۱۴۶ «كبا») .
4.الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۸ ، المحاسن والمساوئ : ص ۶۰عن أبي معشر ، المحن : ص ۱۴۴ ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۴ ، جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۵ كلاهما عن أبي عبيد القاسم بن سلّام وكلاهما نحوه .