357
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

ثُمَّ طَوَى الكِتابَ وخَتَمَهُ ودَفَعَهُ إلى‏ عَبدِ اللَّهِ بنِ سَبعٍ الهَمدانِيِّ وعَبدِ اللَّهِ بنِ مِسمَعٍ البَكرِيِّ ، ووَجَّهوا بِهِما إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام . فَقَرَأَ الحُسَينُ عليه السلام كِتابَ أهلِ الكوفَةِ فَسَكَتَ ولَم يُجِبهُم بِشَي‏ءٍ .
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيهِ بَعدَ ذلِكَ قَيسُ بنُ مُسهِرٍ الصَّيداوِيُّ وعَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَبدِ اللَّهِ الأَرحَبِيُّ وعُمارَةُ بنُ عُبَيدٍ السَّلولِيُّ وعَبدُ اللَّهِ بنُ والٍ التَّميمِيُّ ، ومَعَهُم جَماعَةٌ نَحوَ خَمسينَ ومِئَةٍ ، كُلُّ كِتابٍ مِن رَجُلَينِ وثَلاثَةٍ وأربَعَةٍ ويَسأَلونَهُ القُدومَ عَلَيهِم ، وَالحُسَينُ عليه السلام يَتَأَنّى‏ في أمرِهِ فَلا يُجيبُهُم بِشَي‏ءٍ .
ثُمَّ قَدِمَ عَلَيهِ بَعدَ ذلِكَ هانِئُ بنُ هانِئٍ السَّبيعِيُّ وسَعيدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الحَنَفِيُّ بِهذَا الكِتابِ - وهُوَ آخِرُ ما وَرَدَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام مِن أهلِ الكوفَةِ - :
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ‏
لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ مِن شيعَتِهِ وشيعَةِ أبيهِ . أمّا بَعدُ ، فَحَيَّهَلا فَإِنَّ النّاسَ مُنتَظِرونَ لا رَأيَ لَهُم في غَيرِكَ ، فَالعَجَلَ العَجَلَ يَابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ! قَدِ اخضَرَّتِ الجَنّاتُ ، وَأينَعَتِ الثِّمارُ ، وأعشَبَتِ الأَرضُ ، وأورَقَتِ الأَشجارُ ، فَاقدَم إذا شِئتَ فَإِنَّما تَقدَمُ إلى‏ جُندٍ لَكَ مُجَنَّدٍ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ وَرحمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ وعَلى‏ أبيكَ مِن قَبلِكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِهانِئٍ وَسعيدِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الحَنَفِيِّ : خَبِّراني مَنِ اجتَمَعَ عَلى‏ هذَا الكِتابِ الَّذي كُتِبَ مَعَكُما إلَيَّ ؟ فَقالا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، اجتَمَعَ عَلَيهِ شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ ، وحَجّارُ بنُ أبجَرَ ، ويَزيدُ بنُ الحارِثِ ، ويَزيدُ بنُ رُوَيمٍ ، وعُروَةُ بنُ قَيسٍ ، وعَمرُو بنُ الحَجّاجِ ، ومُحَمَّدُ بنُ عُمَيرِ بنِ عُطارِدٍ .
قالَ : فَعِندَها قامَ الحُسَينُ ، فَتَطَهَّرَ وصَلّى‏ رَكعَتَينِ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، ثُمَّ انفَتَلَ مِن صَلاتِهِ وسَأَلَ رَبَّهُ الخَيرَ فيما كَتَبَ إلَيهِ أهلُ الكوفَةِ ، ثُمَّ جَمَعَ الرُّسُلَ فَقالَ لَهُم : إنّي رَأَيتُ جَدّي رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله في مَنامي ، وقَد أمَرَني بِأَمرٍ وأنَا ماضٍ لأَِمرِهِ ، فَعَزَمَ اللَّهُ لي بِالخَيرِ ،


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
356

تَغُرُّوا الرَّجُلَ مِن نَفسِهِ .
فَقالَ القَومُ : بَل نَنصُرُهُ ونُقاتِلُ عَدُوَّهُ ، ونَقتُلُ أنفُسَنا دونَهُ حَتّى‏ يَنالَ حاجَتَهُ . فَأَخَذَ عَلَيهِم سُلَيمانُ بنُ صُرَدٍ بِذلِكَ ميثاقاً وعَهداً أنَّهُم لا يَغدِرونَ ولا يَنكِثونَ .
ثُمَّ قالَ : اُكتُبوا إلَيهِ الآنَ كِتاباً مِن جَماعَتِكُم أنَّكُم لَهُ كَما ذَكَرتُم ، وسَلوهُ القُدومَ عَلَيكُم . قالوا : أفَلا تَكفينا أنتَ الكِتابَ إلَيهِ ؟ قالَ : لا ، بَل يَكتُبُ جَماعَتُكُم . قالَ : فَكَتَبَ القَومُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ عليه السلام :
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ‏
إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام ، مِن سُلَيمانَ بنِ صُرَدٍ ، وَالمُسَيَّبِ بنِ نَجَبَةَ ، وحَبيبِ بنِ مُظاهِرٍ ، ورِفاعَةَ بنِ شَدّادٍ ، وعَبدِ اللَّهِ بنِ والٍ ، وجَماعَةِ شيعَتِهِ مِنَ المُؤمِنينَ . أمّا بَعدُ ، فَالحَمدُ للَّهِ‏ِ الَّذي قَصَمَ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّ أبيكَ مِن قَبلِكَ ، الجَبّارَ العَنيدَ الغَشومَ الظَّلومَ ، الَّذي أبتَرَ هذِهِ الاُمَّةَ وعَضاها ۱ ، وتَأَمَّرَ عَلَيها بِغَيرِ رِضاها ، ثُمَّ قَتَلَ خِيارَها وَاستَبقى‏ أشرارَها ، فَبُعداً لَهُ كَما بَعُدَت ثَمودُ . ثُمَّ إنَّهُ قَد بَلَغَنا أنَّ وَلَدَهُ اللَّعينَ قَد تَأَمَّرَ عَلى‏ هذِهِ الاُمَّةِ بِلا مَشوَرَةٍ ولا إجماعٍ ولا عِلمٍ مِنَ الأَخبارِ ، ونَحنُ مُقاتِلونَ مَعَكَ وباذِلونَ أنفُسَنا مِن دونِكَ ، فَأَقبِل إلَينا ۲ فَرِحاً مَسروراً ، مَأموناً مُبارَكاً ، سَديداً وسَيِّداً ، أميراً مُطاعاً ، إماماً خَليفَةً عَلَينا مَهدِيّاً ، فَإِنَّهُ لَيسَ عَلَينا ۳ إمامٌ ولا أميرٌ إلَّا النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ ، وهُوَ في قَصرِ الإِمارَةِ وَحيدٌ طَريدٌ ، لَيسَ يُجتَمَعُ مَعَهُ في جُمُعَةٍ ، ولا يُخرَجُ مَعَهُ إلى‏ عيدٍ ، ولا يُؤَدّى‏ إلَيهِ الخَراجُ ، يَدعو فَلا يُجابُ ، ويَأمُرُ فَلا يُطاعُ . ولَو بَلَغَنا أنَّكَ قَد أقبَلتَ إلَينا أخرَجناهُ عَنّا حَتّى‏ يَلحَقَ بِالشّامِ ، فَاقدَم إلَينا فَلَعَلَّ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أن يَجمَعَنا بِكَ عَلَى الحَقِّ ، وَالسَّلامُ عَلَيكَ ورَحمَةُ اللَّهِ وَبرَكاتُهُ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظيمِ .

1.عَضَيْتُ الشَّي‏ء : إذا فَرَّقْتُه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۳۰ «عضا») .

2.في المصدر : «إليه» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

3.في المصدر : «عليك» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 11831
صفحه از 850
پرینت  ارسال به