الحماس الذي يعتري كلّ إنسان عند دراسة نهضة عاشوراء ، فدفعهم هذا الإحساس إلى التساهل في التعامل مع الروايات العديمة الأساس أحياناً ، ممّا أدّى بهم أحياناً إلى أن يعتمدوا على الروايات الشفويّة أيضاً، والتي سمعوها من هنا وهناك ، أو من بعض الخطباء وقرّاء المراثي ، وأن يذكروا في كتبهم إضافات لا تنسجم مع حادثة عاشوراء وتتعارض مع أهدافها ، فضلاً عن اعتمادهم على الكتب المتدنّية المستوى ، أو المجهولة ، أو حتّى المنتحلة .
نعم، وجود بعض الأرضيّات وعدّة من العوامل أسهم في تكريس هذه الظاهرة ، ومن جملتها ظهور اُسلوب نسج القصص وتقديم القراءة الشيّقة التي تتّخذ من السامع محوراً لها ، وهو الاُسلوب الذي ظهر على أساس نزعة الإنسان الطبيعيّة إلى الحكاية والنقل الشيّق للأحداث ، ونزعة الناس الفطريّة إلى تكريم أبطالهم ورفع مستواهم البطوليّ . بل حدا بالبعض إلى الإعراض عن الآيات والروايات الرادعة عن الكذب وانتحال مصطلح «لسان الحال» ، بل إنّهم أجازوا الكذب في بعض النماذج !
وبتسرّب هذه اللغة الخياليّة والعاطفيّة والقصصيّة إلى المنابر ، تكون دورة النقل الشفويّ إلى النقل التحريريّ قد اُكملَت ؛ حيث نَفَذَ ماكان قد انتُحل وقرئ باعتباره رثاء أو نياحة أو نَقل حكايةٍ بهدف إثارة المشاعر - بمرور الزمان - إلى الكتب ، وتحوّل - للبعض - إلى سند تاريخي صالح للاعتماد ؛ اُولئك الذين لا يميّزون بين المصادر القديمة القريبة من حادثة عاشوراء وبين الكتب التي اُلّفت بعد قرون منها !
كلّ ذلك بالإضافة إلى الأخطاء الطبيعيّة التي تقع في نقل الأحداث التاريخيّة ، مثل: خطأ الذاكرة في النقل الشفويّ ، وخطأ العين عند الكتابة ، والذي يحدث عند كتابة المخطوطات وقراءتها ، خاصّة إذا كانت المخطوطة كثيرة الخطأ أو سيّئة الخطّ .
وما يبعث على الأمل لدى الباحثين هو وجود الشكل الهرميّ لهذه الظاهرة غير المباركة ؛ بمعنى أنّه على الرغم من أنّ عدد الكتب الحاليّة التي تتضمّن مواضيع يختلط