279
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

قالَ : فَبَكى‏ طَويلاً حَتَّى اخضَلَّت ۱ لِحيَتُهُ ، وسالَتِ الدُّموعُ عَلى‏ صَدرِهِ ، وبَكَينا مَعَهُ ، وهُوَ يَقولُ : أوهِ أوهِ ۲ ! ما لي ولِآلِ أبي سُفيانَ ؟ ! ما لي ولِآلِ حَربٍ ، حِزبِ الشَّيطانِ ، وأولِياءِ الكُفرِ ؟ ! صَبراً يا أبا عَبدِ اللَّهِ ؛ فَقَد لَقِيَ أبوكَ مِثلَ الَّذي تَلقى‏ مِنهُم .
ثُمَّ دَعا بِماءٍ ، فَتَوَضَّأَ وُضوءَ الصَّلاةِ ، فَصَلّى‏ ما شاءَ اللَّهُ أن يُصَلِّيَ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحوَ كَلامِهِ الأَوَّلِ ، إلّا أنَّهُ نَعَسَ عِندَ انقِضاءِ صَلاتِهِ ساعَةً ، ثُمَّ انتَبَهَ ، فَقالَ : يَابنَ عَبّاسٍ ! فَقُلتُ : ها أنَا ذا .
فَقالَ : ألا اُخبِرُكَ بِما رَأَيتُ في مَنامي آنِفاً عِندَ رَقدَتي ؟ فَقُلتُ : نامَت عَيناكَ ، ورَأَيتَ خَيراً يا أميرَ المُؤمِنينَ .
قالَ : رَأَيتُ كَأَنّي بِرِجالٍ بيضٍ قَد نَزَلوا مِنَ السَّماءِ ، مَعَهُم أعلامٌ بيضٌ ، قَد تَقَلَّدوا سُيوفَهُم ، وهِيَ بيضٌ تَلمَعُ ، وقَد خَطّوا حَولَ هذِهِ الأَرضِ خَطَّةً ، ثُمَّ رَأَيتُ هذِهِ النَّخيلَ قَد ضَرَبَت بِأَغصانِها إلَى الأَرضِ ، فَرَأَيتُها تَضطَرِبُ بِدَمٍ عَبيطٍ ۳ ، وكَأَنّي بِالحُسَينِ نَجلي وفَرخي ومُضغَتي ومُخّي قَد غَرِقَ فيهِ ، يَستَغيثُ فَلا يُغاثُ ، وكَأَنَّ الرِّجالَ البيضَ قَد نَزَلوا مِنَ السَّماءِ يُنادونَهُ ، ويَقولونَ : صَبراً آلَ الرَّسولِ ؛ فَإِنَّكُم تُقتَلونَ عَلى‏ أيدي شِرارِ النّاسِ ، وهذِهِ الجَنَّةُ يا أبا عَبدِ اللَّهِ إليكَ مُشتاقَةٌ ، ثُمَّ يُعَزّونَني ، ويَقولونَ : يا أبَا الحَسَنِ ، أبشِر ، فَقَد أقَرَّ اللَّهُ عَينَكَ بِهِ يَومَ القِيامَةِ ، يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ ، ثُمَّ انتَبَهتُ .
هكَذا وَالَّذي نَفسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ ، لَقَد حَدَّثَنِي الصّادِقُ المُصَدَّقُ أبُو القَاسِمِ صلى اللَّه عليه وآله أنّي سَأَراها في خُروجي إلى‏ أهلِ البَغيِ عَلَينا ، وهذِهِ أرضُ كَربٍ وبَلاءٍ ، يُدفَنُ فيهَا الحُسَينُ وسَبعَةَ عَشَرَ رَجُلاً كُلُّهُم مِن وُلدي ووُلدِ فاطِمَةَ عليها السلام ، وأنَّها لَفِي السَّماواتِ مَعروفَةٌ ، تُذكَرُ أرضُ كَربٍ وبَلاءٍ ، كَما تُذكَرُ بُقعَةُ الحَرَمَينِ وبُقعَةُ بَيتِ المَقدِسِ .

1.اخْضَلّ الشي‏ءُ : أي ابْتَلّ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۶۸۵ «خضل») .

2.أوْهِ : كلمة يقولها الرجل عند الشكاية والتوجّع ، وهي ساكنة الواو مكسورة الهاء ، وربّما قلبوا الواو ألِفاً ، فقالوا : آه (النهاية : ج ۱ ص ۸۲ «أوْهِ») .

3.العَبيطُ من الدم : الخالصُ الطريّ (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۴۲ «عبط») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
278

بِكَربَلاءَ، وقالَ لِابنِ عَبّاسٍ : أتَدري ما هذِهِ البُقعَةُ ؟ قالَ : لا ، قالَ : لَو عَرَفتَها لَبَكَيتَ بُكائي ، ثُمَّ بَكى‏ بُكاءً شَديداً .
ثُمَّ قالَ : ما لي ولِآلِ أبي سُفيانَ ؟ ! ثُمَّ التَفَتَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، وقالَ : صَبراً يا بُنَيَّ ! فَقَد لَقِيَ أبوكَ مِنهُم مِثلَ الَّذي تَلقى‏ بَعدَهُ ۱ .

ك - تَبكي عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأَرضُ‏

۱۱۹.شرح الأخبار عن الأصبغ بن نباتة : سِرنا مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام إلى‏ شاطِئِ الفُراتِ ، فَمَرَّ راهِبٌ ، فَقالَ لَهُ : يا راهِبُ ! أينَ العَينُ الَّتي هاهُنا ؟ قالَ : لا أعلَمُ بِها إلّا بِالخَبَرِ ، فَإِنَّهُ يُقالُ : إنَّهُ لا يَعلَمُ مَكانَها إلّا نَبِيٌّ أو وَصِيُّ نَبِيٍّ .
فَأَخَذَ عَلِيٌّ عليه السلام مَعَ الوادي ، وجَعَلَ يَنظُرُ يَميناً وشِمالاً ، ثُمَّ قالَ : اِحفِروا هاهُنا ، فَحَفَروا ، فَوَجَدوا حَجَراً ، فَقالَ : اِرفَعوهُ ، فَرَفَعوهُ ، فَإِذا عَينُ ماءٍ تَحتَهُ ، فَشَرِبنا وسَقَينا دَوابَّنا . ثُمَّ قالَ عَلِيٌّ عليه السلام لَنا : يُقتَلُ هاهُنا مِن آلِ مُحَمَّدٍ فِتيَةٌ تَبكي عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأَرضُ . ۲

راجع : ج ۲ ص ۳۱۷ (القسم السادس / الفصل الثاني / بكاء السماء والأرض) .

۳ / ۲

رُؤيا أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في كَربَلاءَ

۱۲۰.كمال الدين عن ابن عبّاس : كُنتُ مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في خُروجِهِ إلى‏ صِفّينَ ، فَلَمّا نَزَلَ بِنينَوى‏ ، وهُوَ شَطُّ الفُراتِ ، قالَ بِأَعلى‏ صَوتِهِ : يَابنَ عَبّاسٍ ، أتَعرِفُ هذَا المَوضِعَ ؟ قالَ : قُلتُ : ما أعرِفُهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ : لَو عَرَفتَهُ كَمَعرِفَتي لَم تَكُن تَجوزُهُ حَتّى‏ تَبكِيَ كَبُكائي .

1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۲ .

2.شرح الأخبار : ج ۳ ص ۱۳۷ ح ۱۰۷۹ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8448
صفحه از 850
پرینت  ارسال به