185
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

القرن السابع‏

اقترن هذا القرن بقيام الدولة الخوارزميّة في شرق البلاد الإسلامية وإحياء الخلافة العبّاسية من جديد ، بعد أن لم يبق منها سوى الاسم في عهد حكم البويهيّين والسلاجقة لبغداد.
تفيد الروايات الواصلة أنّ مراسم العزاء في هذا القرن تماثل مراسم العزاء في القرن السادس بل كانت أوسع منها أحياناً، وتدلّ بعض الأخبار الواصلة من عقود النصف الأوّل - حيث لم يكن المغول قد استولوا بعد على بغداد - على إقامة العزاء وقراءة المقتل في عاصمة الخلافة العبّاسية ، فقد طلب المستعصم العبّاسي سنة ۶۴۱ ه . ق ، من محتسب بغداد (جمال الدين عبدالرحمن بن الجوزي) أن يمنع الناس من قراءة المقتل في يوم عاشوراء؛ ولكنّه أذن لهم في قراءته إلى جوار مرقد الإمام الكاظم عليه السلام . ۱
كما ذكر عماد الدين الطبري (ت : القرن‏۷) الاجتماعَ الواسع والكثيف للزائرين في أيّام عزاء أميرالمؤمنين وسيّد الشهداء عليهما السلام عند ضريحيهما في النجف وكربلاء . ۲
كما أشار المولوي، الشاعر الشهير في القرن السابع في كتابه «مثنوي» إلى وجود العزاء العلني في مدينة حلب، حيث ذكر ضمن أبيات له ما ترجمته :

يئن الشيعة وينوحون مجهشين بالبكاءفي يوم عاشوراء، لمصيبة كربلاء ۳
ويتحدّث العالم الشيعي الكبير السيّد ابن طاووس عن إقامة العزاء في العشرة الاُولى من محرّم ويدافع عنه . ۴ بالإضافة إلى ذلك فإنّ توصيته بقراءة الملهوف في يوم

1.جاء في الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المئة السابعة: ص ۹۳ : وفيها تقدّم الخليفة إلى جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي المحتسب بمنع الناس من قراءة المقتل في يوم عاشوراء، والإنشاد في سائر المحال بجانبي بغداد سوى مشهد موسى بن جعفر عليه السلام .

2.أسرار الإمامة : ص ۲۴۴ .

3.مثنوي (بالفارسية): الدفتر السادس ص ۹۵۹ البيت ۷۷۷ . جدير بالذكر أنّ المولوي نفسه أنشأ أبياتاً غزلية ترجمة المصرع الأوّل منها : «أين أنتم أيّها الشهداء الإلهيون»؛ يُشير فيها إلى شهداء كربلاء .

4.راجع : ج ۲ ص ۷۳۳ (الفصل الأوّل / إقامة المأتم في العشر الاُول من محرّم).


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
184

الثقافة الشيعيّة ، ۱ كان من الطبيعيّ أن يحولوا دون إقامة شعائر العزاء. ومع كلّ ذلك، فقد كان الشيعة في المناطق البعيدة عن مركز الحكومة مثل: الشام وحلب وشمال العراق يستغلّون كلّ فرصة من أجل إقامة شعائرهم ؛ ومن جملتها إقامة مجالس العزاء.

المرحلة الخامسة (إقامة العزاء في القرن السادس حتّى التاسع الهجري) القرن السادس‏

بدأت المناطق الشيعيّة في إيران والعراق القرن السادس الهجري باستمرار حكم السلاجقة ، وفي هذا العهد كان الفاطميّون الشيعة الإسماعيليّون مايزالون يحكمون مصر. ومع مرور الزمن خفّف السلاجقة من ضغوطهم ، وأظهر الشيعة مراسم العزاء في عاشوراء تدريجيّاً بعد حصولهم على حرّية أكثر.
وتعدّ رواية عبد الجليل الرازي القزويني في كتاب النقض في القرن السادس الهجري في غاية الوضوح ، فهو من جهة يجيب على الشبهات ، ويروي من جهة اُخرى إقامة أهل السنّة مراسم العزاء في المناطق المختلفة كي يظهرها على أنّها ظاهرة طبيعيّة إنسانيّة ودينيّة ، كما يتحدّث عن مجالس العزاء لخطيبين معروفين هما (علي بن الحسين الغزنوي وقطب الدين مظفّر أمير عبادي) وأنّ عزاء الإمام الحسين عليه السلام يتجدّد كلّ عام يوم عاشوراء في بغداد مقترناً بالصراخ والعويل . ۲

1.كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومراسم ، وهي : موسم رأس السنة ، وموسم أوّل العام ، ويوم عاشوراء ، ومولد النبي صلى اللَّه عليه وآله... يوم عاشوراء: كانوا يتّخذونه يوم حزن تتعطّل فيه الأسواق ، ويُعمل فيه السماط العظيم المُسمّى سماط الحزن ، وقد ذكر عند ذكر «المشهد الحسيني » فانظره . وكان يصل إلى الناس منه شي‏ء كثير ، فلمّا زالت الدولة اتّخذ الملوك من بني أيّوب يوم عاشوراء يوم سرور ؛ يوسّعون فيه على عيالهم ، ويتبسّطون في المطاعم ، ويصنعون الحلاوات ، ويتّخذون الأواني الجديدة ، ويكتحلون ، ويدخلون الحمّام ، جرياً على عادة أهل الشام التي سنّها لهم الحجّاج في أيّام عبدالملك بن مروان ؛ ليرغموا بذلك اُنوف شيعة عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه الذين يتّخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن فيه على الحسين بن عليّ؛ لأنّه قتل فيه. وقد أدركنا بقايا ممّا عمله بنو أيّوب من اتّخاذ يوم عاشوراء يوم سرور وتبسّط (الخطط المقريزيّة: ج ۲ ص ۳۸۹) .

2.نقض (بالفارسية) لعبد الجليل القزويني الرازي : ص ۳۷۰ - ۳۷۳ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8353
صفحه از 850
پرینت  ارسال به