181
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

ومارسوه في بيوتهم وأوساطهم، كما كان يقام في عهد الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، إلّا أنّ تكتّم الشيعة من جهة، والتعتيم الإعلامي للحكومة من جهة اُخرى، حالا دون انعكاس هذه المراسم في المصادر التاريخيّة .

المرحلة الرابعة (اكتساب مراسم العزاء في محرّم الطابع الرسمي في القرنين الرابع والخامس الهجريّين)

في بداية القرن الرابع الهجري تأسّست دولة البويهيّين ۱ في إيران ، ودولة الفاطميّين ۲ في شمال أفريقيا ، واتّسع نطاقهما تدريجياً . وفي النصف الثاني من القرن الرابع كانت إيران (عدا مناطقها الشرقية) ووسط العراق، تحت سيطرة البويهيين ، كما كان الشمال الشرقي من أفريقيا والشام وفلسطين تحت سيطرة الفاطميين. وفي عام ۳۵۲ه . ق ، دعا معزّ الدولة الديلمي حاكم بغداد البويهيّ الناسَ إلى إقامة العزاء في يوم عاشوراء وفي الطرقات ۳ ؛ وبذلك اكتسب العزاء الطابع الرسمي. وقام الفاطميّون في مصر بالعمل نفسه

1.مسقط رأس البويهيين هو منطقة الديلم الإيرانية (وهي محافظة جيلان الفعلية) وكانت هذه المنطقة والمناطق حولها نظير طبرستان من المناطق الشيعية، خاصّة وأنّها كانت قد جرّبت دولة العلويين لفترة. ولذلك فقد عُرفوا أيضاً باسم «الديلميين»، كما اشتهروا باعتناق المذهب الشيعي.

2.أثّرت جهود الدعاة الإسماعيليين في عام ۲۹۶ ه . ق ، وأسّس عبيد اللَّه المهدي دولة الإسماعيليين المعروفين ب «الفاطميين» بنزعة شيعية إسماعيلية، في المغرب ، وهيّأ الفراغ الذي تركته دولة المقتدر في مصر الأرضيةَ لاستيلاء الفاطميين على هذا البلد في سنة ۳۶۲ه . ق ، ونقلوا حاضرة خلافتهم إلى الفسطاط في مصر. وقد وسعت هذه الدولة من رقعتها تدريجياً واستولت على الشام والحجاز أيضاً. استمرّ عهد حكم الفاطميين لأكثر من قرنين، وانتهى بموت العاضد - آخر الخلفاء الفاطميين - عام ۵۶۸ ه . ق .

3.ذكر المؤرّخون في حوادث سنة ۳۵۲ه : في هذه السنة عاشر المحرّم أمر معزّ الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم ، ويبطلوا الأسواق والبيع والشراء ، وأن يظهروا النياحة ، ويلبسوا قباباً عملوها بالمسوح ، وأن يخرج النساء منشورات الشعور، مسوّدات الوجوه، قد شققن ثيابهنّ ، يدرن في البلد بالنوائح، ويلطمن وجوههنّ على الحسين بن عليّ عليه السلام ، ففعل الناس ذلك ، ولم يكن للسنّة قدرة على المنع منه؛ لكثرة الشيعة ، ولأنّ السلطان معهم (الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۳۳۱، المنتظم : ج ۱۴ ص ۱۵۰، النجوم الزاهرة : ج ۲ ص ۳۳۴، البداية والنهاية : ج ۱۱ ص ۲۷۶) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
180

الأوّل : السعي من أجل إبراز أهمّية العزاء والحداد على الإمام عليه السلام.
الثاني : تكريم يوم عاشوراء وإقامة العزاء فيه.

المرحلة الثالثة (مراسم العزاء إلى ما قبل اكتسابها الطابع الرسمي في أواسطالقرن الرابع الهجري)

تولّى الإمام الجواد عليه السلام الإمامة في طفولته (عام ۲۰۳ ه) ، وقد انتهى جهاز الحكم العبّاسي الظالم من خلال تجربته مع خلفيّات مواقف الأئمّة عليهم السلام وماضيهم ، إلى أن يواصل مراقبة الأئمّة عليهم السلام ، وكان قد صعّد هذه المراقبة من خلال دعوة الإمام الرضا عليه السلام إلى مرو . وها هو الآن يكرّس كلّ جهوده من أجل أن يفصم عرى الأواصر الفكريّة والإرشاديّة للشيعة عن مركز السعي والنشاط والحركة ؛ أي الإمام عليه السلام .
وفي قبال ذلك فقد اهتمّ الأئمّة عليهم السلام بنظام الوكالة الذي تمّ تأسيسه في عهد الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، فوسّعوا نطاقها، بحيث كانوا ينقلون إلى الشيعة ما يرونه واجباً وأساسيّاً في الهداية. وكان الشيعة أيضاً قد عملوا على تنظيم صفوفهم استناداً إلى هذه التعاليم ، وكانوا يرسّخون علاقتهم مع العلماء والمفكّرين الذين كانوا قد تخرّجوا من مدرسة الأئمّة عليهم السلام ويواصلون حياتهم الدينيّة . وهكذا، فقد كان ارتباط الشيعة في الغالب مع العلماء ؛ نظراً إلى أوضاع المجتمع من جهة .
ومن جهة اُخرى فإنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا تحت المراقبة الشديدة والحصار، ولهذا فإنّ ارتباطهم بالشيعة كان ضعيفاً ، وعلى هذا فمن الواضح أنّ التاريخ سوف لا يستعرض من أقوالهم وسيرتهم حول «إقامة العزاء في عاشوراء»، وخاصّة في عهد المتوكّل ، حيث بلغ الاختناق العامّ ذروته وخاصّة فيما يتعلّق بالذهاب إلى كربلاء وزيارة المرقد الطاهر لسيّد الشهداء عليه السلام .
ومع كلّ ذلك، ونظراً إلى التربية التي كان الشيعة قد تلقّوها في هذا المجال على يد الأئمّة عليهم السلام ، فقد أبرزوا اهتماماً بالعزاء على أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام بشكلٍ جدّي

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8211
صفحه از 850
پرینت  ارسال به