177
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

لشهداء كربلاء ، بل حتّى نهاية عمره الشريف . ۱

الثاني : تأسيس أركان العزاء في عهد الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام‏

۱ . عهد الإمام الباقر عليه السلام‏

يختلف عهد الإمام الباقر عليه السلام من بعض النواحي عن عهد الإمام زين العابدين عليه السلام ، فمن جهة كانت حركات التوعية التي قام بها الإمام زين العابدين عليه السلام وأصحابه قد غيّرت - إلى حدٍّ ما - الجوّ الفكري والسياسي ، وكان تحرّر العراق من سلطة الاُمويّين في السنوات العشر الأخيرة، قد هيّأ من جهة اُخرى الأرضيّة لمراسم العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام.
ونظراً إلى ما مرّ ، وفي ظلّ الظروف التي سادت آنذاك، فقد كان الإمام عليه السلام يتمتّع بمركز اجتماعي وفكري رفيع، وكان قد اكتسب المرجعيّة الدينيّة ؛ إذ كان الناس يرجعون إليه كثيراً . ولذلك فقد كان شعاع وجوده ونفوذ كلامه يفوق والده عليه السلام ، وقد استغلّ الإمام الباقر عليه السلام كلّ ذلك من أجل تحويل العزاء إلى شعائر وتيّار فكري على مرّ التاريخ، ومن جملة ذلك بيان أقوال الإمام زين العابدين عليه السلام - باعتباره الشاهد في حادثة كربلاء - في فضل البكاء على الإمام الحسين عليه السلام ۲ ، وإقامة مجالس العزاء في داره، وتشجيع منشدي المراثي ۳ على تناول أبعاد هذه المأساة في قالب الأشعار وإنشاد الرثاء، وتحريض الشيعة على إقامة مجالس العزاء في بيوتهم مع مراعاة الاحتياط؛ بهدف الأمن من ردود فعل النظام الحاكم ۴ ، والاهتمام بالأدب والشعر في تخليد الحادثة ۵ ، وطرح فكرة التعطيل عن العمل في يوم عاشوراء لأوّل مرّة . ۶

1.راجع : ج ۲ ص ۸۰۳ (الفصل الرابع / بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام) .

2.راجع : ج ۲ ص ۸۰۳ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ) .

3.راجع : ج ۲ ص ۸۰۷ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام الباقر عليه السلام ) .

4.تتجلّى هذه الملاحظة في قول الإمام عليه السلام : «يأمر من في داره ممّن لا يتّقيه، بالبكاء عليه» من نصّ الحديث الوارد في مصباح المتهجّد: ص ۷۷۲.

5.راجع : ج ۲ ص ۷۵۶ ( الفصل الثاني / ذكر مصائبه عند الإمام الباقر عليه السلام ) .

6.راجع : ج ۲ ص ۷۶۳ ( الفصل الثالث / تعطيل الأعمال اليومية ) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
176

المرحلة الثانية (إقامة العزاء كشعيرة دينيّة من قبل الأئمّة عليهم السلام)

ظهرت مراسم العزاء على أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام في هذه المرحلة باعتبارها شعيرة دينيّة ، وقد اكتسبت هذه الحقيقة الشكل النهائي في ثلاثة أدوار :

الأوّل : تهيئة الأرضية (عهد الإمام زين العابدين عليه السلام)

تهيّأت في هذه المرحلة الأرضيّة اللّازمة لبلورة شعائر العزاء ، وتشكيل محيط مناسب لظهور شعيرة دينيّة . ويجب أن نعتبر الإمام زين العابدين عليه السلام صاحب الدور الرئيسي لهذه المرحلة.
وكان بكاء الإمام عليه السلام يثير التساؤلات أحياناً ، خاصّة عند رؤيته للماء وعند إحضار الطعام . ۱ وقد بلغ هذا البكاء من الكثرة والسعة درجة بحيث إنّ الناس كانوا ينصحونه بالإقلال من البكاء حفاظاً على سلامته ، ولكنّ الإمام عليه السلام ومن خلال الإشارة إلى عمق مأساة كربلاء ، والمكانة الاجتماعيّة والدينيّة للأشخاص الذين استشهدوا فيها، كان يعتبر البكاء على اُولئك الأشخاص الأعزّاء أمراً لازماً ومنطقيّاً من جهة ، ومن جهة اُخرى كان يشجّع ويحضّ الآخرين عليه. فقد اعتبر البكاء على الإمام عليه السلام وأصحابه الشهداء سبباً للنجاة من العذاب الإلهي والدخول في الجنّة ۲ ، وفي بحبوحة الأمن الإلهي ، ولم يكفّ هو نفسه عن البكاء ، حتّى هلاك عبيد اللَّه بن زياد والقتلة الآخرين

1.راجع : ج ۲ ص ۸۰۳ ( الفصل الرابع / بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ) .

2.راجع : ج ۲ ص ۷۸۰ ( الفصل الرابع / ثواب البكاء عليهم ) .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8480
صفحه از 850
پرینت  ارسال به