149
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

( ۴ )

مجالس العزاء الهادفة

مع الأخذ بنظر الاعتبار فلسفة إقامة العزاء على سيّد الشهداء، والآفات التي قد تصيبها والتي يجب تجنّبها، فإنّ هذه المجالس لا يمكن أن تقود المشاركين فيها باتّجاه تحقيق هذا الهدف، إلّا إذا توفّرت فيها ثلاث خصوصيّات :

۱ . المحورية الإلهية

إنّ جهاد سيّد الشهداء وجميع الذين استشهدوا في طريق الحقّ والفضيلة على مرّ التاريخ، إنّما هو بهدف التعريف باللَّه تعالى‏ ، وإقرار التوحيد في ظلّ الحكومة الدينية في العالم، وبناءً على ذلك فإنّ من غير الممكن تقديم تحليل صحيح عن نهضة عاشوراء دون المعرفة الدينية الصحيحة ، ولذلك فإنّ المحورية الإلهية وربط القلوب باللَّه والقيم المعنوية يجب أن يكون أساس برامج مجالس العزاء والمحاضرات وقراءة المراثي .
وقد نُقل عن العالم الربّاني آية اللَّه الميرزا جواد الطهراني (رضوان اللَّه عليه) أنّه كان يقول مخاطباً عدداً من الخطباء من رجال الدين :
حاولوا أن لا يُنسى‏ اللَّهُ في مجالس الإمام الحسين عليه السلام!
وهي ملاحظة مهمّة للغاية وتستحقّ الاهتمام والتأمّل، فنسيان اللَّه في مجالس الإمام الحسين عليه السلام هو آفة خطيرة تَحولُ دون تعرّف المشاركين في العزاء على فلسفة هذا العزاء والنهضة الحسينية.

۲ . تقديم الحوادث التأريخيّة الصحيحة عن واقعة عاشوراء و تحليلها موضوعيّاً

إذا لم يتمّ التحليل الموضوعي لنهضة عاشوراء، فإنّه لا يمكن التعرّف على الأهداف


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
148

وكلمتنا الأخيرة في هذا المجال هي أنّ ثقافة عاشوراء إن قُدّمت للعالم كما هي ودون تحريف، فإنّها تتمتّع بقدرة إعجازيّة من شأنها أن تُنهي نظام الهيمنة والاستكبار في العالم، وبذلك فإنّ الاُمّة الإسلاميّة سوف لا تكون هي المتحرّر الوحيد من ظلم الطغاة ومصّاصي الدماء في العالم ، بل سيتحرّر جميع المستضعفين، كما قال قائد الثورة الإسلامية آية اللَّه الخامنئي :
إنّ الحسين بن عليّ عليه السلام بإمكانه اليوم أن يُنقذ العالم بشرط أن لا تُشوّه صورته بواسطة التحريف‏ . ۱
وأنا لا أنسى أبداً تلك الليلة التي دعا فيها قائد الثورة الإسلاميّة خلال عهد رئاسته للجمهورية، أوّلَ قائد لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي إلى منزله، وكان يحضر هذا الاجتماع عددٌ من العلماء والمسؤولين في البلاد، فسأل أحد الحاضرين الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي: إلى أيّ مدى أنت واثق من نجاحك في طريقك؟ ورغم أنّه كان من أتباع المذهب السنّي، إلّا أنّه قدّم جواباً حيّر الجميع وأدهشهم ، فقد قال :
نحن لا نُفكّر في هذا الموضوع أساساً! ولكنّنا نرى نجاحنا وانتصارنا في اختيار طريق الحسين بن عليّ عليه السلام ، وهدفنا هو أداء الواجب الإلهي!
وعلى أيّ حال ، فإنّ جميع الأتباع الحقيقيّين لأهل البيت والمحبّين الواعين لسيّد الشهداء مسؤولون عن الحفاظ على ثقافة عاشوراء الأصيلة أمام مؤامرات الأعداء العامدين وتحريف الأصدقاء غير العامدين ، ولكن لا شكّ في أنّ مسؤولية مراجع التقليد، والمثقّفين، وعلماء الدين الواعين، والخطباء، والكتّاب ، والخطباء الملتزمين، أكبر وأعظم : (ثُمَّ لَتُسَْلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) . ۲

1.كلمة سماحته في لقائه مع العلماء والوعّاظ على أعتاب شهر محرّم سنة ۱۴۱۶ ق (۳ / ۳ / ۱۳۷۴ ه . ش) .

2.التكاثر: ۸ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8360
صفحه از 850
پرینت  ارسال به