137
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

وبعد أن يشير المحدّث النوري إلى هذه القصّة المختلقة، يقول في الاستدلال على انتحالها :
كانت هذه القصّة في الكوفة طبعاً ، ولو كانت في المدينة لكانت في بداية خلافته عليه السلام ؛ ذلك لأنّه لم يكن له منبر أو مسجد قبل ذلك. وكان عمر أبي عبد اللَّه عليه السلام آنذاك يربو على الثلاثين، وإظهار الإنسان العطش في ذلك المجلس العامّ والتكلّم أثناء الخطبة مكروه أو حرام ، وهو لا يتناسب مع منصب الإمامة، بل مع الدرجة الاُولى من العدالة ، بل مع العادات والآداب الإنسانيّة المتعارف عليها . ۱
ويضيف المحدّث النوري - من أجل بيان انتحال هذه القصّة - أنّه لمّا كان حبل الكذب قصيراً ، فإنّ منتحلَ هذه القصّة ذكر أنّ أبا الفضل طفلٌ صغير من جهة ، وقال من جهة اُخرى أنّه كان في معركة صفّين - التي حدثت بعد سنتين أو ثلاث سنوات من هذه الحادثة - يأخذ بالأعداء ويقذفهم نحو الأعلى ويشطر كلّ من يعود إلى الأرض إلى نصفين ، وقد قذف كذلك ثمانين شخصاً ، بحيث إنّه عندما قذف الشخص الثمانين لم يكن الشخص الأوّل قد عاد بعدُ!!

۲ . أخذ زينب عليها السلام العهد من حبيب بن مظاهر

ومن النماذج الاُخرى للروايات الكاذبة قولهم :
كانت السيّدة زينب عليها السلام تسير بين الخيم ليلة عاشوراء بسبب همّها وغمّها وخوفها من الأعداء؛ من أجل تقصّي أحوال الأقارب والأنصار، فرأت حبيب بن مظاهر وقد جمع الأصحاب في خيمته، وأخذ عليهم العهد أن لا يدعوا أحداً من بني هاشم يخرج للقتال قبلهم، وبعد تفصيل طويل عادت تلك المخدّرة مسرورةً، فلمّا قربت من خيمة أبي الفضل رأته قد جمع بني هاشم خلف خيمته وهو يأخذ العهد منهم أيضاً بأن لا يدعوا أحداً من الأنصار يخرج إلى ساحة المعركة قبلهم ، فدخلت المخدّرة مسرورةً على أبي عبد اللَّه عليه السلام وتبسّمت ، فتعجّب من تبسّمها وسألها عن

1.المصدر السابق .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
136

أنّ أهل العلم لم يتسامحوا في ذلك وميّزوا الصحيح من السقيم والصدق من الكذب في كلام هذه الطائفة ، ونهوا هؤلاء عن قول الأكاذيب ، لما بلغ الفساد هذا المبلغ! ۱
ويقول المحدّث النوري في موضعٍ آخر من كتاب اللؤلؤ و المرجان :
إنّ سكوت المتمكّنين يؤدّي إلى تجرّؤ وعدم مبالاة هذه الطائفة العديمة الإنصاف، حتّى في المراقد الشريفة ، وخاصّة مشهد سيّد الشهداء أرواحنا وأرواح العالمين له الفداء .. ، فإنّهم يعمدون في غالب الأوقات - وخاصّة في الأسحار التي هي أوقات البكاء والاستغفار - إلى أنواع الأكاذيب العجيبة ، وأحياناً الألحان المطربة ، ليلقوا بأجواء قاتمة على ذلك الحرم النوراني‏ . ۲

نموذج من المراثي الكاذبة من وجهة نظر المحدّث النوري‏

والآن نلفت الانتباه إلى بعض النماذج من هذه الأكاذيب المختلقة في المراثي والتي ذكرها المحدّث النوري في كتاب اللؤلؤ والمرجان :

۱ . إتيانُ أبي الفضل بالماء لسيّد الشهداء عليه السلام أيام طفولته‏

النموذج الأوّل للأكاذيب في قراءة المراثي، يتمثّل في القصّة التي ذكرها المحدّث النوري في كتابه باعتبارها نموذجاً آخر من اختلاق الأكاذيب، ويقول الشهيد المطهّري : إنّي سمعتها كراراً . وهذه القصّة المنتحلة هي :
كان أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على المنبر، فطلب الحسينُ ماءً ، فأمر أميرُالمؤمنين قنبراً بأن يأتي له بالماء، وكان العبّاس طفلاً آنذاك، فلمّا سمع بعطش أخيه أسرع إلى اُمّه وجاء بالماء في قدحٍ وضعه على رأسه، وكان الماء يتصابّ من جوانبه، فدخل المسجد على هذه الهيئة ، فلمّا رآه أمير المؤمنين بكى وقال : اليوم هكذا وفي يوم عاشوراء كذا، ثمّ ذكر شيئاً من مصائبه... . ۳

1.لؤلؤ ومرجان (بالفارسيّة) : ص ۴.

2.المصدر السابق : ص ۳۲۱ .

3.المصدر السابق : ص ۲۹۹.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8436
صفحه از 850
پرینت  ارسال به