131
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

إن مثل هذه الروايات تخالف اُصول عقائد الشيعة بشأن المكانة السامية لأهل بيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فضلاً عن أنّها تتنافى مع محكمات تاريخ عاشوراء ومواقف الإمام طيلة حياته المليئة بالمفاخر . ۱
وعلى هذا الأساس فإنّ من آفات مجالس عزاء سيّد الشهداء هي إنشاد المراثي المهينة له عليه السلام ، وعلى الخطباء المخلصين لأهل البيت عليهم السلام أن يتجنّبوا كلَّ كلامٍ أو تعبيرٍ يدلّ على إظهار الإمام عليه السلام أو أهل بيته للذلّة في حادثة عاشوراء. وقد نقل المحدّث النوري ۲ في هذا المجال في كتاب «اللؤلؤ والمرجان» رؤيا صادقة - مثيرة حقّاً - لأحد الخطباء المعروفين من دون ذكر اسمه .

لماذا ذكرتَ ذلّة ابني الحسين في خطبتك؟!

يقول المحدّث النوري قدّس سرّه في كتابه :
رأى أحد الخطباء الكرام والمعروفين ذات ليلة في المنام وكأنّ القيامة قد قامت والخلق في غاية الخوف والحيرة ، وكان كلّ واحدٍ منهم منشغلاً بنفسه، في حين كانت الملائكة تسوقهم نحو الحساب ، وقد اُوكِل بكلّ شخصٍ موكّلان ، وعندما رأيتُ هذه الداهية فكّرت في عاقبتي، فإلى أين سينتهي الأمر بهوله هذا؟ وفي هذه الأثناء أمرني اثنان من تلك الجماعة بأن أفد على خاتم الأنبياء صلى اللَّه عليه وآله؛ لأنّ عاقبة الأمر كانت خطيرة ، فتباطأت فاقتادوني بالقوّة ، وكان أحدهما أمامي والآخر خلفي وأنا بينهما وقد استولى عليَّ الرعب ، وإذا بي أرى صرحاً كبيراً للغاية على كتف جماعة تسير من الجانب الأيمن، فعرفت بالإلهام الإلهي أنّ سيّدة نساء العالمين صلوات

1.لمزيد من الاطلاع حول محكمات تاريخ عاشوراء ومواقف الإمام الحسين عليه السلام راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام ، نگاهي نو به جريان عاشوراء (مجموعه مقالات) ، نهضت عاشوراء (جستارهاي كلامي ، سياسي ، وفقهي) ، مجموعه مقالات كنگره بين المللي امام خميني وفرهنگ عاشوراء (۸ ج) ، حماسه حسيني ، قيام جاودانه ، نگاهي به حماسه حسيني ، عاشوراء شناسي ، عاشوراء پژوهي (كلّها بالفارسيّة) .

2.المراد به هو الميرزا حسين النوري الطبرسي (ت ۱۳۲۰ ه ) .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
130

الذِّلَّةُ ، يَأبَى اللَّهُ لَنا ذلِكَ ورَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ ، وحُجورٌ طابَت ، وحُجورٌ طَهُرَت ، واُنوفٌ حَمِيَّةٌ ونُفوسٌ أبِيَّةٌ ۱ ، مِن أن تُؤثَرَ طاعَةُ اللِّئامِ عَلى‏ مَصارِعِ الكِرامِ‏ . ۲
كما قال - مجيباً للقائلين له: لا نخلّيك حتّى تضع يدك في يد عبيد اللَّه بن زياد - :
لا وَاللَّهِ ، لا اُعطي بِيَدي إعطاءَ الذَّليلِ ، ولا أفِرُّ فِرارَ العَبيدِ ، (إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَ رَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ) ، ۳ (إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَ رَبِّكُم مِّن كُلِ‏ّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)۴. ۵
وبناءً على ذلك ؛ فإنّ كلّ روايةٍ عن تاريخ عاشوراء تدلّ على قبوله الذلّة ، إنّما هي من أكاذيب الأعداء وانتحالاتهم ، مثلما روي من أنّه عليه السلام قال:
اِختاروا مِنّي خِصالاً ثَلاثاً : إمّا أن أرجِعَ إلَى المَكانِ الَّذي أقبَلتُ مِنهُ ، وإمّا أن أضَعَ يَدي في يَدِ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ ، فَيَرى‏ فيما بَيني وبَينَهُ رَأيَهُ ، وإمّا أن تُسَيِّروني إلى‏ أيِّ ثَغرٍ مِن ثُغورِ المُسلِمينَ شِئتُم ، فَأَكونَ رَجُلاً مِن أهلِهِ ، لي ما لَهُم ، وعَلَيَّ ما عَلَيهِم‏ . ۶
أو ما نسبه إليه في كتاب نور العين من أنّه قال لشمر بن ذي الجوشن عندما همّ بقتله :
إذاً ولابدّ من قتلي فاسقني شربة ماءٍ! فقال : هيهات أن تذوق الماء ، بل تذوق الموت غصّةً بعد غصّةٍ ، وجرعةً بعد جرعةٍ . ۷

1.الجدير بالذكر أنّ التعبير عن الإمام الحسين عليه السلام ب «ذى النفس الأبيّة» قد صدر من أعدائه ومناوئيه أيضاً (راجع : ص ۷۳۸ ح ۷۹۶) .

2.راجع : ص‏۷۹۴ ح‏۸۵۸ .

3.الدخان: ۲۰ .

4.غافر: ۲۷ .

5.راجع : هذا الكتاب : ص ۷۸۷ (القسم الخامس / الفصل الثاني / احتجاجات الإمام عليه السلام على جيش الكوفة) .

6.راجع : ص‏۷۲۲ ح‏۷۶۹ .

7.نور العين للإسفرايني : ص ۵۰ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8400
صفحه از 850
پرینت  ارسال به