129
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل

ويرى عدد من منشدي المراثي أنّ كلّ ما طُبع ونُشر فهو صالح للاعتماد ، ولا يلحظون قيمة المصدر! يقول المؤلّف الفاضل لكتاب «اللؤلؤ والمرجان» حول بعض المواضيع غير الصحيحة التي اُضيفت إلى زيارة وارث المعتبرة :
رأيت ذات يوم أحد طلبة العلوم الدينية وهو يتلو الأكاذيب القبيحة في مصائب الشهداء ، فوضعت يدي على كتفه، فالتفت إليَّ فقلت له : أليس بقبيح على أهل العلم أن يقولوا مثل هذه الأكاذيب في مثل هذا المكان؟! فقال: أوَليست مروية؟ فتعجّبت وقلت: لا، فقال: رأيتها في كتابٍ، قلتُ : في أيّ كتاب؟ قال: مفتاح الجنان ۱ . فَسَكتُّ ؛ إذ من يبلغ جهله حدّاً بحيث يَعتبر ما جمعه بعض العوامّ كتاباً ويستند إليه ، لا يكون النّقاش مجدياً معه‏ . ۲
إنّ الكثير من المعلومات العديمة الأساس والكاذبة التي تؤدّي إلى وهن أهل البيت عليهم السلام وتُطرح للأسف كمراثٍ ، تمتدّ جذورها إلى المصادر الضعيفة ، ولذلك فإنّ معرفة المصادر هو أوّل الشروط لقرّاء المراثي الحقيقيّين ، والذين يفقدون هذا الشرط لا يمتلكون صلاحية ذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام مهما بلغوا من الإخلاص .

۳ . الروايات المشينة

يمثّل الحسين بن عليّ عليه السلام مظهر العزّة الإلهية، وتعدّ عاشوراء رمز الملحمة والعزّة الحسينية، وشعار «هيهات منّا الذلّه» الذي من شأنه أن يهزم الأعداء، هو تراثه النفيس، وقد روي في المصادر المعتبرة أنّه عليه السلام خاطب الأعداء في خطبة ملحمية في يوم عاشوراء قائلاً :
ألا وإنَّ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتَينِ ؛ بَينَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وهَيهاتَ مِنّا

1.مفتاح الجنان في الأدعية والأعمال المتعلّقة بالأيام والشهور والزيارات وبعض الأوراد والختومات ، وقد طُبع مراراً عديدة ، ولا يُعرف جامعه ، إلّا أنّه أورد فيه بعض ما لم يُذكر سنده، بل بعض ما ليس له سند قطعاً (الذريعة : ج‏۲۱ ص‏۳۲۴ الرقم ۵۲۹۴).

2.لؤلؤ ومرجان (بالفارسيّة) : ص ۱۶۴.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
128

نطالع الصفحة المشرقة من هذه القصّة إلّا قليلاً ، في حين أنّ الجانب الملحمي من هذه القصّة يفوق جانبها الإجرامي بمئات المرّات ، وجانبها المشرق يتغلّب على جانبها المظلم كثيراً؟!
إذن علينا أن نعترف أنّنا من الجناة على‏ الحسين بن عليّ ، وذلك أنّنا لا نقرأ من هذا التاريخ سوى‏ صفحةً واحدةً ولا نقرأ الصفحة الاُخرى‏ . ۱

۲ . الاعتماد على المصادر غير المعتبرة

من الآفات التي تهدّد شعائر عزاء الإمام الحسين عليه السلام - خاصّةً في القرون الأخيرة - اعتماد الخطباء ومنشدي المراثي على المصادر الضعيفة وغير الصالحة للاعتماد . ۲
والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أنّ تاريخ عاشوراء يتمتّع بالمصادر المعتبرة الصالحة للاعتماد أكثر من أيّ موضوع آخر، بل إنّ المثقّفين والواعين من الخطباء الحسينيّين ليسوا بحاجة إلى الاعتماد على المصادر الضعيفة ، كما يقول الشهيد المطهّري :
لو قرأ شخصٌ تاريخ عاشوراء فسوف يرى‏أنّه من‏أكثر التواريخ حيوية وتوثيقاً، ومن أكثرها غزارة في المصادر. وكان المرحوم الآخوند الخراساني ۳ يقول : إنّ الذين يبحثون عن المصائب غير المسموعة، عليهم أن يبحثوا عن المصائب الصادقة التي لم يسمع بها أحد ۴.

1.حماسه حسيني (بالفارسيّة) : ج ۱ ص ۱۲۱ - ۱۲۵.

2.للاطّلاع على المصادر الصالحة للاعتماد والمصادر غير الصالحة للاعتماد في تاريخ عاشوراء (راجع : ص ۲۲ و ۲۹) وكتباً مثل: معرفي ونقد منابع عاشوراء ، عاشورا پژوهي، كتاب‏شناسي تاريخي إمام حسين عليه السلام ، عاشورا شناسي ؛ عزاداري - عاشورا - تحريفات وعاشورانامه : ج ۴ (كلّها بالفارسيّة) .

3.الآخوند هو الشيخ محمّد كاظم بن حسين الخراساني المولود سنة ۱۲۵۵ ه . ق في مدينة مشهد، والمتوفّى سنة ۱۳۲۹ ه . ق في النجف الأشرف، من كبار علماء الإمامية ، واُصولي معروف ، كان أوحد زمانه في تدريس اُصول الفقه، وأسهم إسهاماً كبيراً في الحركة الدستورية وثورة إيران السياسية .

4.حماسه حسيني (بالفارسيّة) : ج ۱ ص ۵۶ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8532
صفحه از 850
پرینت  ارسال به