( ۶ )
التحليل النفسي لأهل الكوفة
يمكن بشكلٍ عامّ أن نذكر الخصائص النفسية لغالبية المجتمع الكوفي ، والتي كان لها دورٌ في الفشل الظاهري لثورة الإمام الحسين عليه السلام ، كالتالي :
أوّلاً : عدم تقبُّلهم للنظام
كانت القبائل البدويّة الساكنة في الصحراء تشكّل النواة الرئيسة لمدينة الكوفة ، وقد شاركت لأسباب مختلفة في الفتوح الإسلامية ، ثمّ اتّجهت من حياة البداوة والترحال إلى السكن في المدن ، ولكنّهم مع ذلك لم يفقدوا طبيعتهم البدويّة .
ومن صفات الساكنين في الصحراء ، تمتّعهم بحرّية لا حدّ لها في الصحاري ؛ ولذلك فقد عمدوا منذ البدء إلى التنازع مع اُمرائهم ، بحيث ضاق الخليفة الثاني ذرعاً بهم وشكى منهم قائلاً :
وأيّ نائبٍ أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير . ۱
ويمكن القول : إنّ مثل هذا المجتمع لا يحتمل الأمير العادل والمتحرّر الفكر ، فهذا المجتمع يستغلّ مثل هؤلاء الاُمراء ويهبّ لمعارضتهم ولا يطيع أوامرهم ، ونحن نشاهد نماذج هذه الإمارات في سلوك أهل الكوفة مع الإمام عليّ عليه السلام . والأمير الذي يليق لهذا المجتمع هو أميرٌ مثل «زياد بن أبيه» يجبرهم على الطاعة بالعنف والظلم . ۲