99
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

لَم يَكُن مَعي سِلاحٌ اُقاتِلُهُم بِهِ لَقَذَفتُهُم بِالحِجارَةِ ، ولَم اُفارِقكَ حَتّى‏ أموتَ مَعَكَ» .
وكُنتَ أوَّلَ مَن شَرى‏ ۱ نَفسَهُ ، وأوَّلَ شَهيدٍ من شهداء اللَّهِ قَضى‏ نَحبَهُ ، فَفُزتَ ورَبِّ الكَعبَةِ ، شَكَرَ اللَّهُ استِقدامَكَ ومُواساتَكَ إمامَكَ ، إذ مَشى‏ إلَيكَ وأنتَ صَريعٌ ، فَقالَ :
«يَرحَمُكَ اللَّهُ يا مُسلِمَ بنَ عَوسَجَةَ» ، وقَرَأَ : (فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً)۲ ، لَعَنَ اللَّهُ المُشتَرِكينَ في قَتلِكَ : عَبدَ اللَّهِ الضِّبابِيَّ ، وعَبدَ اللَّهِ بنَ خُشكارَةَ البَجَلِيَّ . ۳

۹۷۱.تاريخ الطبري عن الزبيدي : إنَّ عَمرَو بنَ الحَجّاجِ حَمَلَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام في مَيمَنَةِ عُمَرَ بنِ سَعدٍ مِن نَحوِ الفُراتِ فَاضطَرَبوا ساعَةً ، فَصُرِعَ مُسلِمُ بنُ عَوسَجَةَ الأَسَدِيُّ أوَّلَ أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ انصَرَفَ عَمرُو بنُ الحَجّاجَ وأصحابُهُ وَارتَفَعَتِ الغَبَرَةُ فَإِذا هُم بِهِ صَريعٌ ، فَمَشى‏ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام فَإِذا بِهِ رَمَقٌ ، فَقالَ : رَحِمَكَ رَبُّكَ يا مُسلِمَ بنَ عَوسَجَةَ (فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً)۴ .
ودَنا مِنهُ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ ، فَقالَ : عَزَّ عَلَيَّ مَصرَعُكَ يا مُسلِمُ ، أبشِر بِالجَنَّةِ .
فَقالَ لَهُ مُسلِمٌ قَولاً ضَعيفاً : بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيرٍ .
فَقالَ لَهُ حَبيبٌ : لَولا أنّي أعلَمُ أنّي في أثَرِكَ لاحِقٌ بِكَ مِن ساعَتي هذِهِ ، لَأَحبَبتُ أن توصِيَني بِكُلِّ ما أهَمَّكَ ، حَتّى‏ أحفَظَكَ في كُلِّ ذلِكَ بِما أنتَ أهلٌ لَهُ فِي القَرابَةِ وَالدّينِ .
قالَ : بَل أنَا اُوصيكَ بِهذا رَحِمَكَ اللَّهُ - وأهوى‏ بِيَدِهِ إلَى الحُسَينِ عليه السلام - أن تَموتَ دونَهُ ، قالَ : أفعَلُ ورَبِّ الكَعبَةِ .
قالَ : فَما كانَ بِأَسرَعَ مِن أن ماتَ في أيديهِم ، وصاحَت جارِيَةٌ لَهُ فَقالَت : يَابنَ

1.شريت : بمعنى بعت (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۵۳ «شرى») .

2.الأحزاب : ۲۳ .

3.راجع: ص ۸۷۰ ح ۲۱۴۹ .

4.الأحزاب : ۲۳ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
98

وكان له نشاط ملفت للنظر في نهضة الكوفة والتعاون مع مسلم بن عقيل عليه السلام ، ۱ لكنّه انخدع من قبل معقل مولى ابن زياد في قضيّة البحث عن محلّ اختفاء مسلم . ۲ وبناء على هذا وبواسطة نفوذ معقل في تنظيمات النهضة ، كان ابن زياد يطّلع على الأعمال التي كان مسلم ينوي القيام بها، ولذا يمكن القول بأنّ هذا الخطأ لم يكن بلا تأثير في فشل نهضة الكوفة، إلّا أنّه كان أحد قادة قوات مسلم في الهجوم على قصر ابن زياد ۳ . وبعد الهزيمة التي لحقت بثورة الكوفة لحق بالإمام الحسين عليه السلام في كربلاء ، وفي كربلاء صار يخدم الإمام عليه السلام بعشق ، ويدلّ كلامه ليلة عاشوراء حينما أذن الإمام عليه السلام لأصحابه بالإنفصال عنه، على رسوخ إيمانه وحبّه العميق لأهل البيت عليهم السلام . ۴
وهو أوّل شهيد التحق بركب الشهداء . ۵
وفي اللحظات الأخيرة من حياته كانت وصيّته الوحيدة لصديقه الحميم حبيب هي :
اُوصيك بهذا - وأشار بيده إلى الحسين عليه السلام - فقاتلْ دونه . ۶
ورد اسمه في الزيارة الرجبيّة . ۷ وخوطب في زيارة الناحية المقدّسة بما يلي :
السَّلامُ عَلى‏ مُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ الأَسَدِيِّ ، القائِلِ لِلحُسَينِ وقَد أذَنِ لَهُ فِي الاِنصرافِ : «أنَحنُ نُخَلّي عَنكَ ؟ وبِمَ نَعتَذِرُ عِندَ اللَّهِ مِن أداءِ حَقِّكَ ؟ لا وَاللَّهِ حَتّى‏ أكسِرَ في صُدورِهِم رُمحي هذا ، وأضرِبَهُم بِسَيفي ما ثَبَتَ قائِمُهُ في يَدي ، ولا اُفارِقُكَ ، ولَو

1.راجع : ج ۱ ص ۴۳۴ (القسم الرابع / الفصل الرابع / بثّ العيون والأموال لمعرفة مكان مسلم) .

2.راجع : ج ۱ ص ۳۸۳ (القسم الرابع / الفصل الرابع / قدوم مسلم الكوفة وبيعة أهلها له ) .

3.راجع : ج ۱ ص ۴۴۷ (القسم الرابع / الفصل الرابع / دعوة مسلم قوّاته والحركة نحو القصر) وص ۴۵۱ (الفصل الرابع / القتال بين مسلم وقوّات ابن زياد وجرح مسلم) .

4.راجع : ج ۱ ص ۷۴۸ (الفصل الأوّل / جواب أهل بيته وأصحابه) و ص ۷۶۵ (التأهّب للحرب) و ص ۷۷۳ (الترحاب بالشهادة) .

5.راجع: ص ۱۰۱ ح ۹۷۴ .

6.راجع : ص ۱۰۰ ح ۹۷۲ .

7.راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۱۵۹ ح ۳۵۲۴ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10240
صفحه از 952
پرینت  ارسال به