81
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

ولا يَمنَعوا حُسَيناً عليه السلام ، تَنافَسوا في أن يُقتَلوا ، فَجَعَلوا يُقاتِلونَ بَينَ يَدَيهِ حَتّى‏ يُقتَلوا .
وجاءَ عابِسُ بنُ أبي شَبيبٍ فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ ما أقدِرُ عَلى‏ أن أدفَعَ عَنكَ القَتلَ وَالضَّيمَ ۱ بِشَي‏ءٍ أعَزَّ عَلَيَّ مِن نَفسي ، فَعَلَيكَ السَّلامُ !
وقاتَلَ بِسَيفِهِ ، فَتَحاماهُ ۲ النّاسُ لِشَجاعَتِهِ ، ثُمَّ عَطَفوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَقُتِلَ . ۳

۹۵۶.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن محمّد بن قيس : ثُمَّ قالَ عابِسُ بنُ أبي شَبيبٍ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، أما وَاللَّهِ ما أمسى‏ عَلى‏ ظَهرِ الأَرضِ قَريبٌ ولا بَعيدٌ أعَزَّ عَلَيَّ ولا أحَبَّ إلَيَّ مِنكَ ، ولَو قَدَرتُ عَلى‏ أن أدفَعَ عَنكَ الضَّيمَ وَالقَتلَ بِشَي‏ءٍ أعَزَّ عَلَيَّ مِن نَفسي ودَمي لَفَعَلتُهُ ؛ السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، اُشهِدُ اللَّهَ أنّي عَلى‏ هَديِكَ وهَديِ أبيكَ . ثُمَّ مَشى‏ بِالسَّيفِ مُصلِتاً نَحوَهُم ، وبِهِ ضَربَةٌ عَلى‏ جَبينِهِ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني نُمَيرُ بنُ وَعلَةَ عَن رَجُلٍ مِن بَني عَبدٍ مِن هَمدانَ ، يُقالُ لَهُ رَبيعُ بنُ تَميمٍ شَهِدَ ذلِكَ اليَومَ ، قالَ : لَمّا رَأَيتُهُ مُقبِلاً عَرَفتُهُ وقَد شاهَدتُهُ فِي المَغازي وكانَ أشجَعَ النّاسِ ، فَقُلتُ : أيُّهَا النّاسُ هذَا الأَسَدُ الأَسوَدُ ، هذَا ابنُ أبي شَبيبٍ ، لا يَخرُجَنَّ إلَيهِ أحَدٌ مِنكُم . فَأَخَذَ يُنادي : ألا رَجُلٌ لِرَجُلٍ ! فَقالَ عُمَرُ بنُ سِعدٍ : اِرضَخوهُ ۴
بِالحِجارَةِ .
قالَ : فَرُمِيَ بِالحِجارَةِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَلَمّا رَأى‏ ذلِكَ ألقى‏ دِرعَهُ ومِغفَرَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى النّاسِ ، فَوَاللَّهِ لَرَأَيتُهُ يَكرُدُ ۵ أكثَرَ مِن مِئَتَينِ مِنَ النّاسِ ، ثُمَّ إنَّهُم تَعَطَّفوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ فَقُتِلَ . قالَ : فَرَأَيتُ رَأسَهُ في أيدي رِجالٍ ذَوي عُدَّةٍ ، هذا يَقولُ : أنَا قَتَلتُهُ ، وهذا يَقولُ : أنَا قَتَلتُهُ ، فَأَتَوا عُمَرَ بنَ سَعدٍ فَقالَ : لا تَختَصِموا ، هذا لَم يَقتُلهُ سِنانٌ واحِدٌ ،

1.الضَّيْمُ : الظُلم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۷۳ «ضيم») .

2.تحاماه الناس : أي توقّوه واجتنبوه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۲۱ «حمى») .

3.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۴ .

4.رَضَختُه وأرضخته : إذا رميته بالحجارة (الصحاح : ج ۱ ص ۴۲۲ «رضخ») .

5.يكردهم : أي يكفّهم ويطردهم (النهاية : ج ۴ ص ۱۶۲ «كرد») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
80

وقام بعده حبيب بن مظاهر وأبدى استعداده لنصرة الإمام ، وهيّأت كلمة هذين الرجلين الأرضيّة لبيعة الناس . ۱
حمل عابس كتاب مسلم للإمام إلى مكّة ، ۲ وكان له حضور مؤثّر في المقاطع المختلفة من النهضة الحسينيّة ، ويدلّ كلامه عند الوداع مع الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء ، على ذروة إيمانه وإيثاره وحبّه لأهل بيت الرسالة، حيث خاطب الإمام قائلاً :
يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ ما أقدِرُ عَلى‏ أن أدفَعَ عَنكَ القَتلَ وَالضَّيمَ بِشَي‏ءٍ أعَزَّ عَلَيَّ مِن نَفسي ، فَعَلَيكَ السَّلامُ ! ۳
وحينما عجز عسكر العدوّ عن مواجهته ، أمر عمر بن سعد أن يرشقوه بالحجارة من كلّ جانب ، فلمّا رأى ذلك، استبشر وألقى درعه ومغفره ، واستقبل رشق الحجارة دون درعٍ ومغفر!
يقول الراوي في تبيين شجاعته بعد أن استشهد عابس :
رَأَيتُ رَأسَهُ في أيدي رِجالٍ ذَوي عُدَّةٍ ، هذا يَقولُ : أنَا قَتَلتُهُ ، وهذا يَقولُ : أنَا قَتَلتُهُ ، فَأَتَوا عُمَرَ بنَ سَعدٍ فَقالَ : لا تَختَصِموا ، هذا لَم يَقتُلهُ سِنانٌ واحِدٌ . ۴
وجاء في الزيارة الرجبيّة ۵ وزيارة الناحية المقدّسة :
السَّلامُ عَلى‏ عابِسِ بنِ شَبيبٍ الشّاكِرِيِّ . ۶

۹۵۵.أنساب الأشراف : قالوا : فَلَمّا رَأى‏ بَقِيَّةُ أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام أنَّهُم لا يَقدِرونَ عَلى‏ أن يَمتَنِعوا

1.راجع : ج ۱ ص ۳۸۳ (القسم الرابع / الفصل الرابع / قدوم مسلم الكوفة وبيعة أهلها له) .

2.راجع:ج‏۱ ص‏۴۱۸ (القسم الرابع/الفصل الرابع/كتاب مسلم إلى الإمام عليه السلام يدعوه للقدوم إلى الكوفة).

3.راجع : ح ۹۵۵ .

4.راجع : ص ۸۱ ح ۹۵۶ .

5.وفى رواية المزار للشهيد الأوّل : «عابس بن أبي شبيب الشاكري» (راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۸ ص ۱۵۹ ح ۳۵۲۴) .

6.راجع : ص ۸۷۴ ح ۲۱۴۹ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10286
صفحه از 952
پرینت  ارسال به