ولا يَمنَعوا حُسَيناً عليه السلام ، تَنافَسوا في أن يُقتَلوا ، فَجَعَلوا يُقاتِلونَ بَينَ يَدَيهِ حَتّى يُقتَلوا .
وجاءَ عابِسُ بنُ أبي شَبيبٍ فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، وَاللَّهِ ما أقدِرُ عَلى أن أدفَعَ عَنكَ القَتلَ وَالضَّيمَ ۱ بِشَيءٍ أعَزَّ عَلَيَّ مِن نَفسي ، فَعَلَيكَ السَّلامُ !
وقاتَلَ بِسَيفِهِ ، فَتَحاماهُ ۲ النّاسُ لِشَجاعَتِهِ ، ثُمَّ عَطَفوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَقُتِلَ . ۳
۹۵۶.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن محمّد بن قيس : ثُمَّ قالَ عابِسُ بنُ أبي شَبيبٍ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، أما وَاللَّهِ ما أمسى عَلى ظَهرِ الأَرضِ قَريبٌ ولا بَعيدٌ أعَزَّ عَلَيَّ ولا أحَبَّ إلَيَّ مِنكَ ، ولَو قَدَرتُ عَلى أن أدفَعَ عَنكَ الضَّيمَ وَالقَتلَ بِشَيءٍ أعَزَّ عَلَيَّ مِن نَفسي ودَمي لَفَعَلتُهُ ؛ السَّلامُ عَلَيكَ يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، اُشهِدُ اللَّهَ أنّي عَلى هَديِكَ وهَديِ أبيكَ . ثُمَّ مَشى بِالسَّيفِ مُصلِتاً نَحوَهُم ، وبِهِ ضَربَةٌ عَلى جَبينِهِ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني نُمَيرُ بنُ وَعلَةَ عَن رَجُلٍ مِن بَني عَبدٍ مِن هَمدانَ ، يُقالُ لَهُ رَبيعُ بنُ تَميمٍ شَهِدَ ذلِكَ اليَومَ ، قالَ : لَمّا رَأَيتُهُ مُقبِلاً عَرَفتُهُ وقَد شاهَدتُهُ فِي المَغازي وكانَ أشجَعَ النّاسِ ، فَقُلتُ : أيُّهَا النّاسُ هذَا الأَسَدُ الأَسوَدُ ، هذَا ابنُ أبي شَبيبٍ ، لا يَخرُجَنَّ إلَيهِ أحَدٌ مِنكُم . فَأَخَذَ يُنادي : ألا رَجُلٌ لِرَجُلٍ ! فَقالَ عُمَرُ بنُ سِعدٍ : اِرضَخوهُ ۴
بِالحِجارَةِ .
قالَ : فَرُمِيَ بِالحِجارَةِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَلَمّا رَأى ذلِكَ ألقى دِرعَهُ ومِغفَرَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى النّاسِ ، فَوَاللَّهِ لَرَأَيتُهُ يَكرُدُ ۵ أكثَرَ مِن مِئَتَينِ مِنَ النّاسِ ، ثُمَّ إنَّهُم تَعَطَّفوا عَلَيهِ مِن كُلِّ جانِبٍ فَقُتِلَ . قالَ : فَرَأَيتُ رَأسَهُ في أيدي رِجالٍ ذَوي عُدَّةٍ ، هذا يَقولُ : أنَا قَتَلتُهُ ، وهذا يَقولُ : أنَا قَتَلتُهُ ، فَأَتَوا عُمَرَ بنَ سَعدٍ فَقالَ : لا تَختَصِموا ، هذا لَم يَقتُلهُ سِنانٌ واحِدٌ ،
1.الضَّيْمُ : الظُلم (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۷۳ «ضيم») .
2.تحاماه الناس : أي توقّوه واجتنبوه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۲۱ «حمى») .
3.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۰۴ .
4.رَضَختُه وأرضخته : إذا رميته بالحجارة (الصحاح : ج ۱ ص ۴۲۲ «رضخ») .
5.يكردهم : أي يكفّهم ويطردهم (النهاية : ج ۴ ص ۱۶۲ «كرد») .