مُوَكَّلٌ ، فَإِذا سَمِعَ المَلَكُ صَوتَها أطفَأَ نارَها ۱ بِأَجنِحَتِهِ ، وحَبَسَ بَعضَها عَلى بَعضٍ مَخافَةً عَلَى الدُّنيا وما فيها ومَن عَلَى الأَرضِ . فَلا تَزالُ المَلائِكَةُ مُشفِقينَ ، يَبكونَهُ لِبُكائِها ، ويَدعونَ اللَّهَ ، ويَتَضَرَّعونَ إلَيهِ ، ويَتَضَرَّعُ أهلُ العَرشِ ومَن حَولَهُ ، وتَرتَفِعُ أصواتٌ مِنَ المَلائِكَةِ بِالتَّقديسِ للَّهِِ مَخافَةً عَلى أهلِ الأَرضِ ، ولَو أنَّ صَوتاً مِن أصواتِهِم يَصِلُ إلَى الأَرضِ لَصَعِقَ أهلُ الأَرضِ ، وتَقَطَّعَتِ الجِبالُ وزُلزِلَتِ الأَرضُ بِأَهلِها .
قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، إنَّ هذَا الأَمرَ عَظيمٌ! قالَ : غَيرُهُ أعظَمُ مِنهُ ما لَم تَسمَعهُ .
ثُمَّ قالَ لي : يا أبا بَصيرٍ ، أما تُحِبُّ أن تَكونَ فيمَن يُسعِدُ فاطِمَةَ عليها السلام ، فَبَكَيتُ حينَ قالَها فَما قَدَرتُ عَلَى المَنطِقِ ، وما قَدَرتُ عَلى كَلامي مِنَ البُكاءِ .
ثُمَّ قامَ إلَى المُصَلّى يَدعو ، فَخَرَجتُ مِن عِندِهِ عَلى تِلكَ الحالِ ، فَمَا انتَفَعتُ بِطَعامٍ وما جاءَنِي النَّومُ ، وأصبَحتُ صائِماً وَجِلاً حَتّى أتَيتُهُ ، فَلَمّا رَأَيتُهُ قَد سَكَنَ سَكَنتُ ، وحَمِدتُ اللَّهَ حَيثُ لَم تَنزِل بي عُقوبَةٌ. ۲
۲۰۳۷.تفسير فرات عن جعفر بن مُحَمَّد الفزاري معنعناً عن أبي عبد اللَّه [الصادق] عليه السلام : كانَ الحُسَينُ عليه السلام مَعَ اُمِّهِ تَحمِلُهُ ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله وقالَ : لَعَنَ اللَّهُ قاتِلَكَ ، ولَعَنَ اللَّهُ سالِبَكَ ، وأهلَكَ اللَّهُ المُتَوازِرينَ عَلَيكَ ، وحَكَمَ اللَّهُ بَيني وبَينَ مَن أعانَ عَلَيكَ .
قالَت فاطِمَةُ عليها السلام : يا أبَه! أيَّ شَيءٍ تَقولُ؟ قالَ : يا بِنتاه ، ذَكَرتُ ما يُصيبُهُ ۳ بَعدي وبَعدَكِ مِنَ الأَذى وَالظُّلمِ وَالبَغيِ ، وهُوَ يَومَئِذٍ في عُصبَةٍ كَأَنَّهُم نُجومُ السَّماءِ يَتَهادَونَ إلَى القَتلِ ، وكَأَنّي أنظُرُ إلى مُعَسكَرِهِم وإلى مَوضِعِ رِحالِهِم وتُربَتِهِم .
قالَت : يا أبَه ! وأنّى (َ وأينَ) هذَا المَوضِعُ الَّذي تَصِفُ؟
قالَ : مَوضِعٌ يُقالُ لَهُ كَربَلاءُ ، وهِيَ دارُ كَربٍ وبَلاءٍ عَلَينا وعَلَى الاُمَّةِ ، يَخرُجُ عَلَيهِم
1.نارُ الحَربِ ونائرتها : شَرُّها وهَيجُها (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۴۵ «نور») .
2.كامل الزيارات : ص ۱۶۹ ح ۲۲۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۲۰۸ ح ۱۴ .
3.في المصدر : «ما يصيب» ، والصواب ما أثبتناه كما في كامل الزيارات وبحار الأنوار .