749
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

قالَ : فَما بَقِيَت فِي المَدينَةِ مُخَدَّرَةٌ ولا مُحَجَّبَةٌ إلّا بَرَزنَ مِن خُدورِهِنَّ مَكشوفَةً شُعورُهُنَّ ، مُخَمَّشَةً وُجوهُهُنَّ ، ضارِباتٍ خُدودَهُنَّ ، يَدعونَ بِالوَيلِ وَالثُّبورِ ، فَلَم أرَ باكِياً ولا باكِيَةً أكثَرَ مِن ذلِكَ اليَومِ ، ولا يَوماً أمَرَّ عَلَى المُسلِمينَ مِنهُ بَعدَ وَفاةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وسَمِعتُ جارِيَةً تَنوحُ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام وتَقولُ :

نَعى‏ سَيِّدي ناعٍ نَعاهُ فَأَوجَعافَأَمرَضَني ناعٍ نَعاهُ فَأَفجَعا
أعَينَيَّ جودا بِالمَدامِعِ وأَسكِباوجودا بِدَمعٍ بَعدَ دَمعِكُما مَعا
عَلى‏ مَن دَهى‏ عَرشَ الجَليلِ فَزَعزَعا ۱وأصبَحَ أنفُ الدّينِ وَالمَجدُ أجدَعا ۲
عَلَى ابنِ نَبِيِّ اللَّهِ وَابنِ وَصِيِّهِ‏وإن كانَ عَنّا شاحِطَ ۳ الدّارِ أشسَعا ۴
ثُمَّ قالَت : أيُّهَا النّاعي! جَدَّدتَ حُزنَنا بِأَبي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام ، وخَدَشتَ مِنّا قُروحاً لَمّا تَندَمِل ، فَمَن أنتَ يَرحَمُكَ اللَّهُ؟
قُلتُ : أنَا بَشيرُ بنُ حَذلَمٍ وَجَّهَني مَولايَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام وهُوَ نازِلٌ مَوضِعَ كَذا وكَذا مَعَ عِيالِ أبي عَبدِ اللَّهِ الحُسَينِ عليه السلام ونِسائِهِ .
قالَ : فَتَرَكوني مَكاني وبادَروا ، فَضَرَبتُ فَرَسي حَتّى‏ رَجَعتُ إلَيهِم ، فَوَجَدتُ النّاسَ قَد أخَذُوا الطُّرُقَ وَالمَواضِعَ ، فَنَزَلتُ عَن فَرَسي وتَخَطَّيتُ رِقابَ النّاسِ حَتّى‏ قَرُبتُ مِن بابِ الفُسطاطِ ، وكانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام داخِلاً فَخَرَجَ ومَعَهُ خِرقَةٌ يَمسَحُ بِها دُموعَهُ ، وخَلفَهُ خادِمٌ مَعَهُ كُرسِيٌّ ، فَوَضَعَهُ لَهُ وجَلَسَ عَلَيهِ وهُوَ لا يَتَمالَكُ مِنَ العَبرَةِ ، فَارتَفَعَت أصواتُ النّاسِ بِالبُكاءِ وحَنينُ الجَواري وَالنِّساءِ ، وَالنّاسُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ يُعَزّونَهُ ، فَضَجَّت تِلكَ البُقعَةُ ضَجَّةً شَديدَةً. ۵

1.الزّعزعة : كلّ تحريك شديد (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۴ «زعزع») .

2.الجَدْع : قطع الأنف ، والاُذن والشفّة ، وهو بالأنف أخصّ (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۶ «جدع») .

3.الشَّحْط : البُعْد ، يقال : شَحِط المزار ، أي بعد (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۳۵ «شحط») .

4.الشِّسع : طرف المكان (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۴۵ «شسع») .

5.الملهوف : ص ۲۲۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۴۷ و راجع : مثير الأحزان : ص ۱۱۳ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
748

راجع : ص ۵۵۸ (القسم السادس / الفصل الثامن / قدوم آل الرسول صلى اللَّه عليه وآله إلى المدينة) .
موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج ۶ ص ۳۴۱ (القسم الثاني عشر / الفصل الأوّل / ما روي عن بنات عقيل) .

ج - حينَ رُجوعِ أهلِ البَيتِ

۱۹۵۹.الملهوف عن بشير بن حذلم ۱ : فَلَمّا قَرُبنا مِنها [أي مِنَ المَدينَةِ] نَزَلَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام فَحَطَّ رَحلَهُ ، وضَرَبَ فُسطاطَهُ ، وأنزَلَ نِساءَهُ ، وقالَ : يا بَشيرُ، رَحِمَ اللَّهُ أباكَ، لَقَد كانَ شاعِراً ، فَهَل تَقدِرُ عَلى‏ شَي‏ءٍ مِنهُ؟
قُلتُ : بَلى‏ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، إنّي لَشاعِرٌ .
قالَ : فَادخُلِ المَدينَةَ وَانعَ أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام .
قالَ بَشيرٌ : فَرَكِبتُ فَرَسي ورَكَضتُ حَتّى‏ دَخَلتُ المَدينَةَ ، فَلَمّا بَلَغتُ مَسجِدَ النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله ، رَفَعتُ صَوتي بِالبُكاءِ ، وأنشَأتُ أقولُ :

يا أهلَ يَثرِبَ لا مُقامَ لَكُم بِهاقُتِلَ الحُسَينُ فَأَدمُعي مِدرارُ
الجِسمُ مِنهُ بِكَربَلاءَ مُضَرَّجٌوَالرَّأسُ مِنهُ عَلَى القَناةِ يُدارُ
قالَ : ثُمَّ قُلتُ : هذا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام مَعَ عَمّاتِهِ وأخَواتِهِ ، قَد حَلّوا بِساحَتِكُم، ونَزَلوا بِفِنائِكُم ، وأنَا رَسولُهُ إلَيكُم اُعَرِّفُكُم مَكانَهُ .

1.أشرنا سابقاً إلى أنّ اختلافاً وقع في اسمه فذُكر مرّة «بشر» واُخرى «بشير»، وكذا في اسم أبيه حيث ذُكر مرّة «حذلم» واُخرى «جذلم» وثالثة «حذيم».

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10134
صفحه از 952
پرینت  ارسال به