665
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

جانِبِ تَلٍّ ، ثُمَّ أرسَلَ إلى‏ تِلكَ القَريَةَ ، فَأَخَذَ مِنها علِجاً ۱ فَضَرَبَهُ . ثُمَّ قالَ : النَّجاءَ بِكِتابي هذا إلَى مُصعَبِ بنِ الزُّبَيرِ ، وكَتَبَ عُنوانَهُ : لِلأَميرِ مُصعَبِ بنِ الزُّبَيرِ مِن شِمرِ بنِ ذِي الجَوشَنِ .
قالَ : فَمَضَى العِلجُ حَتّى‏ يَدخُلَ قَريَةً فيها بُيوتٌ وفيها أبو عَمرَةَ ، وقَد كانَ المُختارُ بَعَثَهُ في تِلكَ الأَيّامِ إلى‏ تِلكَ القَريَةِ ؛ لِتَكونَ مَسلَحَةً فيما بَينَهُ وبَينَ أهلِ البَصرَةِ ، فَلَقِيَ ذلِكَ العِلجُ عِلجاً مِن تِلكَ القَريَةِ ، فَأَقبَلَ يَشكو إلَيهِ ما لَقِيَ مِن شِمرٍ ، فَإِنَّهُ لَقائِمٍ مَعَهُ يُكَلِّمُهُ إذ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِن أصحابِ أبي عَمرَةَ ، فَرَأَى الكِتابَ مَعَ العِلجِ ، وعُنوانُهُ لِمُصعَبٍ مِن شِمرٍ ، فَسَأَلُوا العِلجَ عَن مَكانِهِ الَّذي هُوَ بِهِ فَأَخبَرَهُم ، فَإِذا لَيسَ بَينَهُم وبَينَهُ إلّا ثَلاثَةُ فَراسِخَ ، قالَ : فَأَقبَلوا يَسيرونَ إلَيهِ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني مُسلِمُ بنُ عَبدِ اللَّهِ : وأنَا وَاللَّهِ مَعَ شِمرٍ تِلكَ اللَّيلَةَ ، فَقُلنا : لَو أنَّكَ ارتَحَلتَ بِنا مِن هذَا المَكانِ ، فَإِنّا نَتَخَوَّفُ بِهِ ، فَقالَ : أوَ كُلُّ هذا فَرَقاً ۲
مِنَ الكَذّابِ ! وَاللَّهِ لا أتَحَوَّلُ مِنهُ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، مَلَأَ اللَّهُ قُلوبَكُم رُعباً ! قالَ : وكانَ بِذلِكَ المَكانِ الَّذي كُنّا فيهِ دَبىً ۳ كَثيرٌ ، فَوَاللَّهِ ، إنّي لَبَينَ اليَقظانِ وَالنّائِمِ إذ سَمِعتُ وَقَعَ حَوافِرِ الخَيلِ ، فَقُلتُ في نَفسي : هذا صَوتُ الدَّبى‏ ، ثُمَّ إنّي سَمِعتُهُ أشَدَّ مِن ذلِكَ ، فَانتَبَهتُ ومَسَحتُ عَينَيَّ ، وقُلتُ : لا وَاللَّهِ ما هذا بِالدَّبى‏ .
قالَ : وذَهَبتُ لِأَقومَ ، فَإِذا أنَا بِهِم قَد أشرَفوا عَلَينا مِنَ التَّلِّ ، فَكَبَّروا ، ثُمَّ أحاطوا بَأَبياتِنا ، وخَرَجنا نَشتَدُّ عَلى‏ أرجُلِنا ، وتَرَكنا خَيلَنا . قالَ : فَأَمُرُّ عَلى‏ شِمرٍ وأنَّهُ لَمُتَّزِرٍ بِبُردٍ مُحَقَّقٍ ، وكانَ أبرَصَ ، فَكَأَنّي أنظُرُ إلى‏ بَياضِ كَشحَيهِ ۴ مِن فَوقِ البُردِ ، فَإِنَّهُ

1.العِلج : الرجل الضخم من كفّار العجم ، وبعض العرب يطلق «العلج» على الكافر مطلقاً (المصباح المنير : ص ۴۲۵ «علج») .

2.الفَرَقُ : الخَوفُ والفَزَعُ (النهاية : ج ۳ ص ۴۳۸ «فرق») .

3.الدَّبى : الجرادُ قبل أن يطير (النهاية : ج ۲ ص ۱۰۰ «دبا») .

4.الكَشْح : الخِصر (النهاية : ج ۴ ص ۱۷۵ «كشح») .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
664

قُلتُ : كَيفَ يَغفِرُ اللَّهُ لَكَ وقَد أعَنتَ عَلى‏ قَتلِ ابنِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ؟
قالَ : وَيحَكَ ! فَكَيفَ نَصنَعُ ؟ إنَّ اُمَراءَنا هؤُلاءِ أمَرونا بِأَمرٍ فَلَم نُخالِفهُم ، ولَو خالَفناهُم كُنّا شَرّاً مِن هذِهِ الحُمُرِ السُّقاةِ .
قُلتُ : إنَّ هذا لَعُذرٌ قَبيحٌ ، فَإِنَّمَا الطّاعَةُ فِي المَعروفِ . ۱

۱۸۲۴.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن الهيثم بن الخطاب النهدي : سَمِعتُ أبا إسحاقَ السَّبَيعِيَّ يَقولُ : كانَ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ الضِّبابِيُّ لا يَكادُ أو لا يَحضُرُ الصَّلاةَ مَعَنا ، فَيَجي‏ءُ بَعدَ الصَّلاةِ فَيُصَلّي ، ثُمَّ يَقولُ : اللَّهُمَّ اغفِر لي ، فَإِنّي كَريمٌ لَم تَلِدنِي اللِّئامُ .
قالَ : فَقُلتُ لَهُ : إنَّكَ لَسَيِّى‏ءُ الرَّأيِ يَومَ تُسارِعُ إلى‏ قَتلِ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله .
قالَ : دَعنا مِنكَ - يا أبا إسحاقَ - ، فَلَو كُنّا كَما تَقولُ وأصحابُكَ كُنّا شَرّاً مِنَ الحَميرِ السَّقّاءاتِ . ۲

۱۸۲۵.تاريخ الطبري عن مسلم بن عبد اللَّه الضبابي - في حَوادِثِ سَنَةِ سِتٍّ وسِتّينَ - : لَمّا خَرَجَ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ وأنَا مَعَهُ حينَ هَزَمَنَا المُختارُ ، وقَتَلَ أهلَ اليَمَنِ بِجَبّانَةَ السَّبيَعِ ، ووَجَّهَ غُلامَهُ زِربِيّاً في طَلَبِ شِمرٍ ، وكانَ مَن قَتلِ شِمرٍ إيّاهُ ما كانَ ، مَضى‏ شِمرٌ حَتّى‏ يَنزِلَ ساتيدَما ۳ ، ثُمَّ مَضى‏ حَتّى‏ يَنزِلَ إلى‏ جانِبِ قَريَةٍ يُقالُ لَهَا : الكَلتانِيَّةُ ۴ عَلى‏ شاطِئِ نَهرٍ إلى‏

1.ميزان الاعتدال : ج ۲ ص ۲۸۰ ، لسان الميزان : ج ۳ ص ۱۵۲ ، تاريخ دمشق : ج ۲۳ ص ۱۸۹ نحوه .

2.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۹۹ ح ۴۵۹ ، تاريخ دمشق ج ۲۳ ص ۱۸۹ .

3.ساتيدما : نهر بقرب أرزن في بلاد الروم ، وكان كسرى أبرويز وجّه إياس بن قبيصة الطائي لقتال الروم بساتيدما (معجم البلدان : ج ۳ ص ۱۶۹) وراجع : الخريطة رقم ۵ في آخر الكتاب .

4.الكلتانيّة : بفتح الكاف ، وسكون اللام ، والتاء المثناة من فوقها ، وبعد الألف نون مكسورة ، وياء مشدّدة ، هكذا ضبطه أبو يحيى الساجي في تاريخ البصرة في ذكر الأساورة وصحّحه : وهو ما بين السوس والصيمرة أو نحو ذلك ، كذا قال الساجي ، وبهذه القرية قُتل شمر بن ذي الجوشن الضبابي المشارك في قتل الحسين بن عليّ رضي اللَّه عنه ، قتله أبو عمرة (معجم البلدان : ج ۴ ص ۴۷۶) وراجع : الخريطة رقم ۵ في آخر الكتاب .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14182
صفحه از 952
پرینت  ارسال به