وبعد رجوعه من لدن الإمام عليه السلام حكى زهير هذه الذكرى لرفاقه لعلّه يستجذبهم معه، فخاطبهم قائلاً :
مَن أحَبَّ مِنكُم أن يَتبَعَني ، وإلّا فَإِنَّهُ آخِرُ العَهدِ ، إنّي سَاُحَدِّثُكُم حَديثاً :
غَزَونا بَلَنجَرَ ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَينا ، وأصَبنا غَنائِمَ ، فَقالَ لَنا سَلمانُ الباهِلِيُّ : أفَرِحتُم بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيكُم ، وأصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ؟! فَقُلنا : نَعَم ، فَقالَ لَنا : إذا أدرَكتُم شَبابَ آلِ مُحَمَّدٍ فَكونوا أشَدَّ فَرَحاً بِقِتالِكُم مَعَهُم مِنكُم بِما أصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ، فَأَمّا أنا ، فَإِنّي أستَودِعُكُمُ اللَّهَ . ۱
واستمرّ قائلاً :
مَن أحَبَّ مِنكُمُ الشَّهادَةَ فَليَقُم ، ومَن كَرِهَها فَليَتَقَدَّم .
فلم يقم معه منهم أحد . ۲ وبعد هذه اللحظة المصيريّة التحق زهيرٌ بصفوف أصحاب الإمام الراسخين ، بحيث أنّه حينما خاطب الإمام عليه السلام أصحابه :
ألا وإنّي لَأَظُنُّ إنّه آخِرُ يَومٍ لَنا مِن هؤُلاءِ . ألا وإنّي قَد أذِنتُ لَكُم ، فَانطَلِقوا جَميعاً في حِلّ ، لَيسَ عَلَيكُم مِنّي ذِمامٌ ، هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً . ۳
فوقف زهير وأبدى وفاءه للإمام بهذه العبارات الجميلة والعجيبة :
وَاللَّهِ ، لَوَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ حَتّى اُقتَلَ كَذا ألفَ قَتلَةٍ ، وأنَّ اللَّهَ يَدفَعُ بِذلِكَ القَتلَ عَن نَفسِكَ وعَن أنفُسِ هؤُلاءِ الفِتيَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ . ۴
وفي ظهر عاشوراء وقف زهير إلى جانب سعد بن عبد اللَّه الحنفيّ مع النصف الباقين من أصحاب الإمام ليشكّلوا ساتراً دفاعيّاً للإمام، فإنّهم وقفوا أمام الإمام
1.راجع : ج ۱ ص ۶۴۵ ح ۶۸۲ .
2.راجع : ج ۱ ص ۶۴۵ ح ۶۸۳ .
3.الإرشاد : ج ۲ ص ۹۱ وراجع : هذا الكتاب : ج ۱ ص ۷۴۸ (الفصل الأوّل / كلام الإمام عليه السلام مع أهل بيته وأصحابه وعرضه عليهم الانصراف عنه جميعاً) .
4.راجع : ص ۶۴۶ ح ۸۱۰ .