649
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

إسرائيلَ ، هذَا ابنُ زِيادٍ قاتِلُ الحُسَينِ عليه السلام ، الَّذي حالَ بَينَهُ وبَينَ ماءِ الفُراتِ أن يَشرَبَ مِنهُ هُوَ وأولادُهُ ونِساؤُهُ ، ومَنَعَهُ أن يَنصَرِفَ إلى‏ بَلَدِهِ ، أو يَأتِيَ يَزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ حَتّى‏ قَتَلَهُ .
وَيحَكُم ! اشفوا صُدورَكُم مِنهُ ، وَاروُوا رِماحَكُم وسُيوفَكُم مِن دَمِهِ ، هذَا الَّذي فَعَلَ في آلِ نَبِيِّكُم ما فَعَلَ ، قَد جاءَكُمُ اللَّهُ بِهِ . ثُمَّ أكثَرَ مِن هذَا القَولِ وأمثالِهِ ، ثُمَّ نَزَلَ تَحتَ رايَتِهِ .
وأقبَلَ ابنُ زِيادٍ في خَيلِهِ ورِجلِهِ في جَيشٍ كَثيفٍ ، قَد جَعَلَ عَلى‏ مَيمَنَتِهِ حُصَينَ بنَ نُمَيرٍ ، وعَلَى المَيسَرَةِ عُمَيرَ بنَ الحُبابِ السُّلَمِيَّ - وكانَ قَدِ اجتَمَعَ بِابنِ الأَشتَرِ ووَعَدَهُ أنَّهُ مَعَهُ ، وأَنَّهُ سَيَنهَزِمُ بِالنّاسِ غَداً - وعَلى‏ خَيلِ ابنِ زِيادٍ شُرَحبيلُ بنُ الكِلاعِ ، وَابنُ زِيادٍ فِي الرَّجّالَةِ يَمشي مَعَهُم . فَما كانَ إلّا أن تَواقَفَا الفَريقانِ حَتّى‏ حَمَلَ حُصَينُ بنُ نُمَيرٍ بِالمَيمَنَةِ عَلى‏ مَيسَرَةِ أهلِ العِراقِ فَهَزَمَها ، وقَتَلَ أميرَها عَلِيَّ بنَ مالِكٍ الجُشَمِيَّ ، فَأَخَذَ رايَتَهُ مِن بَعدِهِ وَلَدُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ فَقُتِلَ أيضاً ، وَاستَمَرَّتِ المَيسَرَةُ ذاهِبَةً .
فَجَعَلَ الأَشتَرُ يُناديهِم : إلَيَّ يا شُرطَةَ اللَّهِ ، أنَا ابنُ الأَشتَرِ ، وقَد كَشَفَ عَن رَأسِهِ لِيَعرِفوهُ ، فَالتاثوا بِهِ ، وَانعَطَفوا عَلَيهِ ، وَاجتَمَعوا إلَيهِ ، ثُمَّ حَمَلَت مَيمَنَةُ أهلِ الكوفَةِ ... فَجَعَلَ يَقتُلُهُم كَما يُقتَلُ الحُملانِ ۱ ، وَاتَّبَعَهُم بِنَفسِهِ ومَن مَعَهُ مِنَ الشُّجعانِ ، وثَبَتَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ في مَوقِفِهِ حَتَّى اجتازَ بِهِ ابنُ الأَشتَرِ ، فَقَتَلَهُ وهُوَ لا يَعرِفُهُ ... . ۲

۱۷۹۶.تذكرة الخواصّ عن ابن جرير - في ذكر أحداثِ ما بَعدَ قَتلِ ابنِ زِيادٍ - : بَعَثَ ابنُ الأَشتَرِ بِرَأسِ ابنِ زِيادٍ إلَى المُختارِ ، فَجَلَسَ فِي القَصرِ ، واُلقِيَتِ الرُّؤوسُ بَينَ يَدَيهِ ، فَأَلقاها فِي المَكانِ الَّذي وُضِعَ فيهِ رَأسُ الحُسَينِ عليه السلام وأصحابِهِ ، ونَصَبَ المُختارُ رَأسَ ابنِ زِيادٍ فِي المَكانِ

1.الحَمَلُ : الخروف ، أو هو الجَذَعُ من أولاد الضأن ، والجمع حُملان (تاج العروس : ج ۱۴ ص ۱۷۳ «حمل») .

2.البداية والنهاية : ج ۸ ص ۲۸۱ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
648

قُلتُ : لَيتَني كُنتُ قاتَلتُ أهلَ البَصرَةِ ، فَإِنَّهُم بايَعوني طائِعينَ غَيرَ مُكرَهينَ ، وَايمُ اللَّهِ ، لَقَد حَرَصتُ عَلى‏ ذلِكَ ، ولكِنَّ بَني زِيادٍ أتَوني ، فَقالوا : إنَّكَ إذا قاتَلتَهُم فَظَهَروا عَلَيكَ لَم يُبقوا مِنّا أحَداً ، وإن تَرَكتَهُم تَغَيَّبَ الرَّجُلُ مِنّا عِندَ أخوالِهِ وأصهارِهِ ، فَرَفَقتُ لَهُم ، فَلَم اُقاتِل .
وكُنتُ أقولُ : لَيتَني كُنتُ أخرَجتُ أهلَ السِّجنِ فَضَرَبتُ أعناقَهم ، فَأَمّا إذ فاتَت هاتانِ فَلَيتَني كُنتُ أقدَمُ الشّامَ ولَم يُبرِموا أمراً .
قالَ بَعضُهُم : فَقَدِمَ الشّامَ ولَم يُبرِموا أمراً ، فَكَأَنَّما كانوا مَعَهُ صِبياناً ، وقالَ بَعضُهُم : قَدِمَ الشّامَ وقَد أبرَموا ، فَنَقَضَ ما أبرَموا إلى‏ رَأيِه . ۱

۱۷۹۵.البداية والنهاية : ثُمَّ دَخَلَت سَنَةُ سَبعٍ وسِتّينَ ، فَفيها كانَ مَقتلُ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ عَلى‏ يَدَي إبراهيمَ بنِ الأَشتَرِ النَّخَعِيِّ ، وذلِكَ أنَّ إبراهيمَ بنَ الأَشتَرِ خَرَجَ مِنَ الكوفَةِ يَومَ السَّبتِ لِثَمانٍ بَقينَ مِن ذِي الحِجَّةِ فِي السَّنَةِ الماضِيَةِ ، ثُمَّ استَهَلَّت هذِهِ السَّنَةُ وهُوَ سائِرٌ لِقَصدِ ابنِ زِيادٍ في أرضِ المَوصِلِ ، فَكانَ اجتِماعُهُما بِمَكانٍ يُقالُ لَهُ الخازِرُ ، بَينَهُ وبَينَ المَوصِلِ خَمسَةٌ فَراسِخَ ، فَباتَ ابنُ الأَشتَرِ تِلكَ اللَّيلَةَ ساهِراً لا يَستَطيعُ النَّومَ ، فَلَمّا كانَ قَريبُ الصُّبحِ نَهَضَ ، فَعَبّى‏ جَيشَهُ ، وكَتَّبَ كَتائِبَهُ ، وصَلّى‏ بِأَصحابِهِ الفَجرَ في أوَّلِ وَقتٍ ، ثُمَّ رَكِبَ ، فَناهَضَ جَيشَ ابنَ زِيادٍ ، وزَحَفَ بِجَيشِهِ رُوَيداً وهُوَ ماشٍ فِي الرَّجّالَةِ ، حَتّى‏ أشرَفَ مِن فَوقِ تَلٍّ عَلى‏ جَيشِ ابنِ زِيادٍ ، فَإِذا هُم لَم يَتَحَرَّك مِنهُم أحَدٌ ، فَلَمّا رَأَوهُم نَهَضوا إلى‏ خَيلِهِم وسِلاحِهِم مَدهوشينَ .
فَرَكِبَ ابنُ الأَشتَرِ فَرَسَهُ ، وجَعَلَ يَقِفُ عَلى‏ راياتِ القَبائِلِ ، فَيُحَرِّضُهُم عَلى‏ قِتالِ ابنِ زِيادٍ ، ويَقولُ : هذا قاتِلُ ابنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، قَد جاءَكُمُ اللَّهُ بِهِ ، وأمكَنَكُمُ اللَّهُ مِنهُ اليَومَ ، فَعَلَيكُم بِهِ ، فَإِنَّهُ قَد فَعَلَ فِي ابنِ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ما لَم يَفعَلهُ فِرعَونُ في بَني

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۵۲۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۶۱۱ نحوه وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۸۴ والفتوح : ج ۵ ص ۱۶۸ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14300
صفحه از 952
پرینت  ارسال به