وحَسَّنتَ لَهُ البِدَعَ ، حَتّى نَطَقَ بِما نَطَقَ ، وقالَ ما قالَ .
فَقالَ : وَاللَّهِ ، ما فَعَلتُهُ ، ولكِنَّهُ مَجبولٌ ومَطبوعٌ عَلى حُبِّ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَلَم يَقبَلوا مِنهُ ذلِكَ ، وأخَذوهُ ودَفَنوهُ حَيّاً حَتّى ماتَ . ۱
۱۷۶۰.الصواعق المحرقة : لَمّا وَلِيَ [مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ] صَعِدَ المِنبَرَ ، فَقالَ : إنَّ هذِهِ الخِلافَةَ حَبلُ اللَّهِ ، وإنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ نازَعَ الأَمرَ أهلَهُ ، ومَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، ورَكِبَ بِكُم ما تَعلَمونَ ، حَتّى أتَتهُ مَنِيَّتُهُ ، فَصارَ في قَبرِهِ ، رَهيناً بِذُنوبِهِ ، ثُمَّ قَلَّدَ أبِي الأَمرَ ، وكانَ غَيرَ أهلٍ لَهُ ، ونازَعَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقُصِفَ ۲ عُمُرُهُ ، وَانبَتَرَ عَقِبُهُ ، وصارَ في قَبرِهِ ، رَهيناً بِذُنوبِهِ .
ثُمَّ بَكى وقالَ : إنَّ مِن أعظَمِ الاُمورِ عَلَينا عِلمَنا بِسوءِ مَصرَعِهِ ، وبِئسَ مُنقَلَبُهُ ، وقَد قَتَلَ عِترَةَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وأباحَ الخَمرَ ، وخَرَّبَ الكَعبَةَ ، ولَم أذُق حَلاوَةَ الخِلافَةِ ، فَلا أتَقَلَّدُ مَرارَتَها ، فَشَأنُكُم أمرُكُم ، وَاللَّهِ ، لَئِن كانَتِ الدُّنيا خَيراً فَقَد نِلنا مِنها حَظّاً ، ولَئِن كانَت شَرّاً فَكَفى ذُرِّيَّةَ أبي سُفيانَ ما أصابوا مِنها . ۳
۱۷۶۱.تنبيه الخواطر : لَمّا نَزَعَ مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ نَفسَهُ مِنَ الخِلافَةِ ، قامَ خَطيباً فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! ما أنَا بِالراغِبِ فِي التَّأَمُّرِ عَلَيكُم ، ولا بِالآمِنِ لِكَراهَتِكُم ، بَل بُلينا بِكُم ، وبُليتُم بِنا ، ألا إنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ نازَعَ الأَمَر مَن كانَ أولى بِالأَمرِ مِنهُ في قَديمِهِ ۴ وسابِقَتِهِ ، عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عَلَيهِ السَّلامُ وَالتَّحِيَّةُ وَالإِكرامُ ، فَرَكِبَ جَدّي مِنهُ ما تَعلَمونَ ، ورَكِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ ، حَتّى صارَ رَهينَ عَمَلِهِ ، وضَجيعَ حُفرَتِهِ ، تَجاوَزَ اللَّهُ عَنهُ .
ثُمَّ صارَ الأَمرُ إلى أبي ، ولَقَد كانَ خَليقاً أن لا يَركَبَ سَيِّئَةً ، إذ كانَ غَيرَ خَليقٍ
1.حياة الحيوان الكبرى : ج ۱ ص ۵۷ .
2.القَصْفُ : الكَسْرُ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۱۶ «قصف») .
3.الصواعق المحرقة : ص ۲۲۴ .
4.هكذا في المصدر ، وفي بحار الأنوار : «في قِدَمِه» .