627
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

وحَسَّنتَ لَهُ البِدَعَ ، حَتّى‏ نَطَقَ بِما نَطَقَ ، وقالَ ما قالَ .
فَقالَ : وَاللَّهِ ، ما فَعَلتُهُ ، ولكِنَّهُ مَجبولٌ ومَطبوعٌ عَلى‏ حُبِّ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَلَم يَقبَلوا مِنهُ ذلِكَ ، وأخَذوهُ ودَفَنوهُ حَيّاً حَتّى‏ ماتَ . ۱

۱۷۶۰.الصواعق المحرقة : لَمّا وَلِيَ [مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ] صَعِدَ المِنبَرَ ، فَقالَ : إنَّ هذِهِ الخِلافَةَ حَبلُ اللَّهِ ، وإنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ نازَعَ الأَمرَ أهلَهُ ، ومَن هُوَ أحَقُّ بِهِ مِنهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، ورَكِبَ بِكُم ما تَعلَمونَ ، حَتّى‏ أتَتهُ مَنِيَّتُهُ ، فَصارَ في قَبرِهِ ، رَهيناً بِذُنوبِهِ ، ثُمَّ قَلَّدَ أبِي الأَمرَ ، وكانَ غَيرَ أهلٍ لَهُ ، ونازَعَ ابنَ بِنتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقُصِفَ ۲ عُمُرُهُ ، وَانبَتَرَ عَقِبُهُ ، وصارَ في قَبرِهِ ، رَهيناً بِذُنوبِهِ .
ثُمَّ بَكى‏ وقالَ : إنَّ مِن أعظَمِ الاُمورِ عَلَينا عِلمَنا بِسوءِ مَصرَعِهِ ، وبِئسَ مُنقَلَبُهُ ، وقَد قَتَلَ عِترَةَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وأباحَ الخَمرَ ، وخَرَّبَ الكَعبَةَ ، ولَم أذُق حَلاوَةَ الخِلافَةِ ، فَلا أتَقَلَّدُ مَرارَتَها ، فَشَأنُكُم أمرُكُم ، وَاللَّهِ ، لَئِن كانَتِ الدُّنيا خَيراً فَقَد نِلنا مِنها حَظّاً ، ولَئِن كانَت شَرّاً فَكَفى‏ ذُرِّيَّةَ أبي سُفيانَ ما أصابوا مِنها . ۳

۱۷۶۱.تنبيه الخواطر : لَمّا نَزَعَ مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ نَفسَهُ مِنَ الخِلافَةِ ، قامَ خَطيباً فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! ما أنَا بِالراغِبِ فِي التَّأَمُّرِ عَلَيكُم ، ولا بِالآمِنِ لِكَراهَتِكُم ، بَل بُلينا بِكُم ، وبُليتُم بِنا ، ألا إنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ نازَعَ الأَمَر مَن كانَ أولى‏ بِالأَمرِ مِنهُ في قَديمِهِ ۴ وسابِقَتِهِ ، عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عَلَيهِ السَّلامُ وَالتَّحِيَّةُ وَالإِكرامُ ، فَرَكِبَ جَدّي مِنهُ ما تَعلَمونَ ، ورَكِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ ، حَتّى‏ صارَ رَهينَ عَمَلِهِ ، وضَجيعَ حُفرَتِهِ ، تَجاوَزَ اللَّهُ عَنهُ .
ثُمَّ صارَ الأَمرُ إلى‏ أبي ، ولَقَد كانَ خَليقاً أن لا يَركَبَ سَيِّئَةً ، إذ كانَ غَيرَ خَليقٍ

1.حياة الحيوان الكبرى : ج ۱ ص ۵۷ .

2.القَصْفُ : الكَسْرُ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۱۶ «قصف») .

3.الصواعق المحرقة : ص ۲۲۴ .

4.هكذا في المصدر ، وفي بحار الأنوار : «في قِدَمِه» .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
626

الطّاهِرَةِ الزَّكِيَّةِ ، فَرَكِبَ جَدّي مَعَهُ ما تَعلَمونَ ، ورَكِبتُم مَعَهُ ما لا تَجهَلونَ ، حَتّى‏ انتَظَمَت لِجَدِّي الاُمورُ ، فَلَمّا جاءَهُ القَدَرُ المَحتومُ وَاختَرَمَتهُ ۱ أيدِي المَنونِ ، بَقِيَ مُرتَهَناً بِعَمَلِهِ ، فَريداً في قَبرِهِ ، ووَجَدَ ما قَدَّمَت يَداهُ ، ورَأى‏ ما ارتَكَبَهُ وَاعتَداهُ .
ثُمَّ انتَقَلَتِ الخِلافَةُ إلى‏ يَزيدَ أبي ، فَتَقَلَّدَ أمرَكُم لِهَوىً كانَ أبوهُ فيهِ ، ولَقَد كانَ أبي يَزيدُ - بِسوءِ فِعلِهِ وإسرافِهِ عَلى‏ نَفسِهِ - غَيرَ خَليقٍ بِالخِلافَةِ عَلى‏ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، فَرَكِبَ هَواهُ ، وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ ، وأقدَمَ عَلى‏ ما أقدَمَ مِن جُرأَتِهِ عَلَى اللَّهِ ، وبَغيِهِ عَلى‏ مَنِ استَحَلَّ حُرمَتَهُ مِن أولادِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقَلَّت مُدَّتُهُ ، وَانقَطَعَ أثَرُهُ ، وضاجَعَ عَمَلَهُ ، وصارَ حَليفَ حُفرَتِهِ ، رَهينَ خَطيئَتِهِ ، وبَقِيَت أوزارُهُ وتَبِعاتُهُ ، وحَصَلَ عَلى‏ ما قَدَّمَ ، ونَدِمَ حَيثُ لا يَنفَعُهُ النَّدَمُ ، وشَغَلَنَا الحُزنُ لَهُ عَنِ الحُزنِ عَلَيهِ ، فَلَيتَ شِعري ماذا قالَ ، وماذا قيلَ لَهُ ؟ هَل عوقِبَ بِإِساءَتِهِ وجوزِيَ بِعَمِلِهِ ؟ وذلِكَ ظَنّي ، ثُمَّ اختَنَقَتهُ العِبرَةُ ، فَبَكى‏ طَويلاً وعَلا نَحيبُهُ .
ثُمَّ قالَ : وصِرتُ أنَا ثالِثَ القَومِ ، وَالسّاخِطُ عَلَيَّ أكثَرُ مِنَ الرّاضي ، وما كُنتُ لِأَتَحَمَّلَ آثامَكُم ، ولا يَرانِي اللَّهُ جَلَّت قُدرَتُهُ مُتَقَلِّداً أوزارَكُم ، وألقاهُ بِتَبِعاتِكُم ، فَشَأنُكُم أمرُكُم فَخُذوهُ ، ومَن رَضيتُم بِهِ عَلَيكُم فَوَلّوهُ ، فَلَقَد خَلَعتُ بَيعَتي مِن أعناقِكُم ... .
وَاللَّهِ ، لَئِن كانَتِ الخِلافَةُ مَغنَماً لَقَد نالَ أبي مِنها مَغرَماً ومَأثَماً ، ولَئِن كانَت سوءاً فَحَسبُهُ مِنها ما أصابَهُ .
ثُمَّ نَزَلَ ، فَدَخَلَ عَلَيهِ أقارِبُهُ واُمُّهُ ، فَوَجَدوهُ يَبكي ، فَقالَت لَهُ اُمُّهُ : لَيتَكَ كُنتَ حَيضَةً ولَم أسمَع بِخَبَرِكَ ، فَقالَ : وَدِدتُ - وَاللَّهِ - ذلِكَ ، ثُمَّ قالَ : وَيلي إن لَم يَرحَمني رَبّي .
ثُمَّ إنَّ بَني اُمَيَّةَ قالوا لِمُؤَدِّبِهِ عُمَرَ المَقصوصِ : أنتَ عَلَّمتَهُ هذا ولَقَّنتَهُ إيّاهُ ، وصَدَدتَهُ عَنِ الخِلافَةِ ، وزَيَّنتَ لَهُ حُبَّ عَلِيٍّ وأولادِهِ ، وحَمَلتَهُ عَلى‏ ما وَسَمَنا ۲ بِهِ مِنَ الظُّلمِ ،

1.اخترمهم الدهر : أي اقتطعهم واستأصلهم (النهاية : ج ۲ ص ۲۷ «خرم») .

2.يقال : وَسَمَهُ يَسِمُهُ : إذا أثَّرَ فيه بِكَيٍّ (النهاية : ج ۵ ص ۱۸۶ «وسم»).

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13743
صفحه از 952
پرینت  ارسال به