625
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

ثُمَّ قَلَّدَ أبي وكانَ غَيرَ خَليقٍ لِلخَيرِ ، فَرَكِبَ هَواهُ ، وَاستَحسَنَ خَطَأَهُ ، وعَظُمَ رَجاؤُهُ ، فَأَخلَفَهُ الأَمَلُ ، وقَصُرَ عَنهُ الأَجَلُ ، فَقُلَّت مَنَعَتُهُ ، وَانقَطَعَت مُدَّتُهُ ، وصارَ في حُفرَتِهِ ، رَهناً بِذَنبِهِ ، وأسيراً بِجُرمِهِ .
ثُمَّ بَكى‏ ، وقالَ : إنَّ أعظَمَ الاُمورِ عَلَينا عِلمُنا بِسوءِ مَصرَعِهِ ، وقُبحِ مُنقَلَبِهِ ، وقَد قَتَلَ عِترَةَ الرَّسولِ ، وأباحَ الحُرمَةَ ، وحَرَقَ الكَعبَةَ ، وما أنَا المُتَقَلِّدُ اُمورَكُم ، ولَا المُتَحَمِّلُ تَبِعاتِكُم ، فَشَأنُكُم أمرُكُم ، فَوَاللَّهِ ، لَئِن كانَتِ الدُّنيا مَغنَماً لَقَد نِلنا مِنها حَظّاً ، وإن تَكُن شَرّاً فَحَسبُ آلِ أبي سُفيانَ ما أصابوا مِنها . ۱

۱۷۵۹.حياة الحيوان الكبرى : ثُمَّ قامَ بِالأَمرِ بَعدَهُ [أي بَعدَ يَزيدَ] ابنُهُ مُعاوِيَةُ ، وكانَ خَيراً مِن أبيهِ ، فيهِ دينٌ وعَقلٌ ، بويِعَ لَهُ بِالخِلافَةِ يَومَ مَوتِ أبيهِ ، فَأَقامَ فيها أربَعينَ يَوماً ، وقيلَ أقامَ فيها خَمسَةَ أشهُرٍ وأيّاماً ، وخَلَعَ نَفسَهُ .
وذَكَرَ غَيرُ واحِدٍ أنَّ مُعاوِيَةَ بنَ يَزيدَ لَمّا خَلَعَ نَفسَهُ صَعِدَ المِنبَرَ ، فَجَلَسَ طَويلاً ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ بِأَبلَغِ ما يَكونُ مِنَ الحَمدِ وَالثَّناءِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى اللَّه عليه وآله بِأَحسَنِ ما يُذكَرُ بِهِ ، ثُمَّ قالَ :
يا أيُّهَا النّاسُ ! ما أنَا بِالرّاغِبِ فِي الاِئتِمارِ عَلَيكُم لِعَظيمِ ما أكرَهُهُ مِنكُم ، وإنّي لَأَعلَمُ أنَّكُم تَكرَهونَنا أيضاً ؛ لِأَنّا بُلينا بِكُم وبُليتُم بِنا ، ألا إنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ قَد نازَعَ في هذَا الْأَمرِ مَن كانَ أولى‏ بِهِ مِنهُ ومِن غَيرِهِ ، لِقَرابَتِهِ مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وعِظَمِ فَضلِهِ وسابِقَتِهِ ، أعظَمُ المُهاجِرينَ قَدراً ، وأشجَعُهُم قَلباً ، وأكثَرُهُم عِلماً ، وأوَّلُهُم إيماناً ، وأشرَفُهُم مَنزِلَةً ، وأقدَمُهُم صُحبَةً ، ابنُ عَمِّ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وصِهرُهُ وأخوهُ ، زَوَّجَهُ صلى اللَّه عليه وآله ابنَتَهُ فاطِمَةَ ، وجَعَلَهُ لَها بَعلاً بِاختِيارِهِ لَها ، وجَعَلَها لَهُ زَوجَةً بِاختِيارِها لَهُ ، أبو سِبطَيهِ سَيِّدَي شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ ، وأفضَلِ هذِهِ الاُمَّةِ ، تَربِيَةِ الرَّسولِ ، وَابنَي فاطِمَةَ البَتولِ ، مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ

1.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۵۴ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
624

يَزيدَ بنِ عَبدِ المَلِكِ - فَغَسَلَتهُ ودَهَنَتهُ وطَيَّبَتهُ .
فَقالَ لَها يَزيدُ : ما هذا ؟
قالَت : بَعَثتَ إلَيَّ بِرَأسِ ابنِ عَمّي شَعَثاً ، فَلَمَمتُهُ وطَيَّبتُهُ . ۱

راجع : ص ۳۶۹ (الفصل التاسع / الفصل الرابع / بعث يزيد رأس الإمام عليه السلام إلى نسائه) .

۳ / ۳

مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ ۲

۱۷۵۸.تاريخ اليعقوبي : مَلَكَ مُعاوِيَةُ بنُ يَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ - واُمُّهُ اُمُّ هاشِمٍ بِنتُ أبي هاشِمِ بنِ عُتبَةَ بنِ رَبيعَةَ - أربَعينَ يَوماً ، وقيلَ : بَل أربَعَةَ أشهُرٍ ، وكانَ لَهُ مَذهَبٌ جَميلٌ ، فَخَطَبَ النّاسَ ، فَقالَ :
أمّا بَعدَ حَمدِ اللَّهِ وَالثَّناءِ عَلَيهِ ، أيُّهَا النّاسُ ، فَإِنّا بُلينا بِكُم ، وبُليتُم بِنا ، فَما نَجهَلُ كَراهَتَكُم لَنا ، وطَعنَكُم عَلَينا ، ألا وإنَّ جَدّي مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفيانَ نازَعَ الأَمرَ مَن كانَ أولى‏ بِهِ مِنهُ فِي القَرابَةِ بِرَسولِ اللَّهِ ، وأحَقَّ فِي الإِسلامِ ، سابِقَ المُسلِمينَ ، وأوَّلَ المُؤمِنينَ ، وَابنَ عَمِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ ، وأبا بَقِيَّةِ خاتَمِ المُرسَلينَ ، فَرَكِبَ مِنكُم ما تَعلَمونَ ، ورَكِبتُم مِنهُ ما لا تُنكِرونَ ، حَتّى‏ أتَتهُ مَنِيَّتُهُ وصارَ رَهناً بِعَمَلِهِ .

1.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۴۱۶ وراجع : تذكرة الخواصّ : ص ۲۶۱ .

2.معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، أبوليلى‏ القرشيّ الاُمويّ ، الملقّب بالراجع إلى اللَّه . ولد سنة (۴۱ . ه . ق) ، بويع بعهد من أبيه، فبايع له الناس وابنه ، إلّا ابن الزبير وأهل مكّة ، فولي أربعين نهاراً أو ثلاث أو أربع أو خمس أشهر ، ثمّ صعد المنبر وخلع نفسه وتبرّأ من أبيه وجدّه وفِعلِهما . قيل : إنّه سُقي السمّ ، وقيل : إنّه توفّي في طاعون بدمشق ودُفن هناك (راجع : سير أعلام النبلاء : ج ۴ ص ۱۳۹ وتاريخ دمشق : ج ۵۹ ص ۲۹۶ - ۳۰۵ والكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۶۰۴ وتاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۵۴) .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 9766
صفحه از 952
پرینت  ارسال به