593
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

ثُمَّ كَتَبتَ إلَى ابنِ مَرجانَةَ يَستَقبِلُهُ بِالخَيلِ وَالرِّجالِ ، وَالأَسِنَّةِ وَالسُّيوفِ ، ثُمَّ كَتَبتَ إلَيهِ بِمُعاجَلَتِهِ وتَركِ مُطاوَلَتِهِ ، حَتّى‏ قَتَلتَهُ ومَن مَعَهُ مِن فِتيانِ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، أهلِ الْبَيتِ الَّذينَ أذهَبَ اللَّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهيراً ، نَحنُ اُولئِكَ ، لا كَآبائِكَ الأَجلافِ ۱ الجُفاةِ ۲ ، أكبادِ الحَميرِ ، ولَقَد عَلِمتَ أنَّهُ كانَ أعَزَّ أهلِ البَطحاءِ بِالبَطحاءِ قَديماً ، وأعَزَّهُ بِها حَديثاً ، لَو ثَوى‏ بِالحَرَمَينِ مَقاماً ، وَاستَحَلَّ بِها قِتالاً ، ولكِنَّهُ كَرِهَ أن يَكونَ هُوَ الَّذي يُستَحَلُّ بِهِ حَرَمُ اللَّهِ وحَرَمُ رَسولِهِ صلى اللَّه عليه وآله وحُرمَةُ البَيتِ الحَرامِ .
فَطَلَبَ إلَيكُمُ الحُسَينُ عليه السلام المُوادَعَةَ ، وسَأَلَكُمُ الرَّجعَةَ ، فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ نُصّارِهِ ۳ ، وَاستِئصالَ أهلِ بَيتِهِ ، كَأَنَّكُم تَقتُلونَ أهلَ بَيتٍ مِنَ التُّركِ أو كابُلٍ ۴
، فَكَيفَ تَجِدُني ۵ عَلى‏ وُدِّكَ ، وتَطلُبُ نُصرَتي ، وقَد قَتَلتَ بَني أبي ، وسَيفُكَ يَقطُرُ مِن دَمي ، وأنتَ آخِذٌ ۶ ثَأري ، فَإِن يَشَأِ اللَّهُ لا يَطُل لَدَيكَ دَمي ، ولا تَسبِقني بِثَأري ، وإن تَسبِقنا بِهِ فَقَبِلنا ما قَبِلَتِ النَّبِيّونَ وآلُ النَّبِييّنَ، فَظَلَّت دِماؤُهُم فِي الدُّنيا، وكانَ المَوعِدُ اللَّهَ ، فَكَفى‏ بِاللَّهِ لِلمَظلومينَ ناصِراً ، ومِنَ الظّالِمينَ مُنتَقِماً .
وَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ - وما عِشتَ يُريكَ ۷ الدَّهرُ العَجَبَ - حَملُكَ بَناتِ عَبدِ المُطَّلِبِ ، وحَملُكَ أبناءَهُم - اُغَيلِمَةً صِغاراً - إلَيكَ بِالشّامِ ، تُرِي النّاسَ أنَّكَ قَد قَهَرتَنا ، وأنَّكَ تُذِلُّنا ، وبِهِم - وَاللَّهِ - وبي مَنَّ اللَّهُ عَلَيكَ وعَلى‏ أبيكَ واُمِّكَ مِنَ النِّساءِ .
وَايمُ اللَّهِ ، إنَّكَ لَتُمسي وتُصبِحُ آمِناً لِجِراحِ يَدي ، ولَيَعظُمَنَّ جَرحُكَ بِلِساني ونَقضي

1.الجِلْفُ : الأحمق (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۷ «جلف») .

2.رجلٌ جافي الخلق : غليظ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۱۳ «جفا») .

3.كذا في المصدر ، وفي مجمع الزوائد : «أنصاره» .

4.لم يكن التُرك والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين .

5.في المصدر : «تجدوني» ، والصواب ما أثبتناه كما في مجمع الزوائد .

6.كذا في المصدر ، والصواب «أحد» بدل «آخذ» كما سبق في النصّ السابق .

7.في المصدر «بربّك» ، والصواب ما أثبتناه كما في مجمع الزوائد .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
592

وكَتَبتَ إلَيَّ تَذكُرُ تَعجيلَ بِرّي وصِلَتي ، فَاحبِس - أيُّهَا الإِنسانُ - عَنّي بِرَّكَ وصِلَتَكَ ، فَإِنّي حابِسٌ عَنكَ وُدّي ونُصرَتي ، ولَعَمري ، ما تُعطينا مِمّا في يَدَيكَ لَنا إلَّا القَليلَ ، وتَحبِسُ مِنهُ العَريضَ الطَّويلَ ، ألا [لا] ۱ أباً لَكَ ، أتَراني أنسى‏ قَتلَكَ حُسَيناً عليه السلام وفِتيانَ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ مَصابيحَ الدُّجى‏ ، ونُجومَ الأَعلامِ ؟! غادَرَتهُم جُنودُكَ بِأَمرِكَ ، فَأَصبَحوا مُصَرَّعينَ في صَعيدٍ واحِدٍ ، مُزَمَّلينَ ۲ في الدِّماءِ ، مَسلوبينَ بِالعَراءِ ، لا مُكَفَّنينَ ، ولا مُوَسَّدينَ ، تَسفيهِمُ الرِّياحُ ، وتَغزوهُمُ الذِّئابُ ، وتَنتابُهُم عُرجُ الضِّباعِ !! حَتّى‏ أتاحَ اللَّهُ لَهُم قَوماً لَم يَشرَكوا في دِمائِهِم ، فَكَفَّنوهُم وأجَنّوهُم ، وبِهِم - وَاللَّهِ - وبي مَنَّ اللَّهُ عَلَيكَ ، فَجَلَستَ في مَجلِسِكَ الَّذي أنتَ فيهِ .
ومَهما أنسى‏ مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى‏ تَسليطَكَ عَلَيهِمُ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيِّ ، لِلعاهِرَةِ الفاجِرَةِ ، البَعيدَ رَحِماً ، اللَّئيمَ أباً واُمّاً ، الَّذِي اكتَسَبَ أبوكَ فِي ادِّعائِهِ لِنَفسِهِ العارَ ، وَالمَأثَمَ وَالمَذَلَّةَ ، وَالخِزيَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ؛ لِأَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قالَ : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ، ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» وإنَّ أباكَ زَعَمَ أنَّ الوَلَدَ لِغَيرِ الفِراشِ ، ولا يُضَرُّ العاهِرُ ، ويُلحَقُ بِهِ وَلَدُهُ ، كَما يُلحَقُ وَلَدُ البَغِيِّ المُرشِدَ ، ولَقَد أماتَ أبوكَ السُّنَّةَ جَهلاً ، وأحيَا الأَحداثَ المُضِلَّةَ عَمداً .
ومَهما أنسى‏ مِنَ الأَشياءِ فَلَستُ أنسى‏ تَسييرَكَ حُسَيناً عليه السلام مِن حَرَمِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله إلى‏ حَرَمِ اللَّهِ ، وتَسييرَكَ إلَيهِمُ الرِّجالَ ، وإدساسَكَ إلَيهِم إن هُوَ نَذِرَ بِكُم فَعاجِلوهُ ، فَما زِلتَ بِذلِكَ حَتّى‏ أشخَصتَهُ مِن مَكَّةَ إلى‏ أرضِ الكُوفَةِ ، تَزأَرُ ۳ إلَيهِ خَيلُكَ وجُنودُكَ زَئيرَ الأَسَدِ ، عَداوَةَ مِثلِكَ ۴ للَّهِ‏ِ ولِرَسولِهِ ولِأَهلِ بَيتِهِ .

1.هذه الكلمة سقطت من المصدر ، وأثبتناها من مجمع الزوائد ، وهي ممّا يقتضيه السياق .

2.زَمَّلَهُ : أي لَفَّهُ (الصحاح : ج ۴ ص ۱۷۱۸ «زمل») .

3.تزأر : أي تصيح غاضبة ، يقال زأر الأسد يزأر زأْراً وزئيراً ، إذا صاح وغضب (راجع : النهاية : ج ۲ ص ۲۹۲ «زأر») .

4.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب هكذا : «عَداوَةً مِنكَ» .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10322
صفحه از 952
پرینت  ارسال به