ثُمَّ كَتَبتَ إلَى ابنِ مَرجانَةَ يَستَقبِلُهُ بِالخَيلِ وَالرِّجالِ ، وَالأَسِنَّةِ وَالسُّيوفِ ، ثُمَّ كَتَبتَ إلَيهِ بِمُعاجَلَتِهِ وتَركِ مُطاوَلَتِهِ ، حَتّى قَتَلتَهُ ومَن مَعَهُ مِن فِتيانِ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ ، أهلِ الْبَيتِ الَّذينَ أذهَبَ اللَّهُ عَنهُمُ الرِّجسَ وطَهَّرَهُم تَطهيراً ، نَحنُ اُولئِكَ ، لا كَآبائِكَ الأَجلافِ ۱ الجُفاةِ ۲ ، أكبادِ الحَميرِ ، ولَقَد عَلِمتَ أنَّهُ كانَ أعَزَّ أهلِ البَطحاءِ بِالبَطحاءِ قَديماً ، وأعَزَّهُ بِها حَديثاً ، لَو ثَوى بِالحَرَمَينِ مَقاماً ، وَاستَحَلَّ بِها قِتالاً ، ولكِنَّهُ كَرِهَ أن يَكونَ هُوَ الَّذي يُستَحَلُّ بِهِ حَرَمُ اللَّهِ وحَرَمُ رَسولِهِ صلى اللَّه عليه وآله وحُرمَةُ البَيتِ الحَرامِ .
فَطَلَبَ إلَيكُمُ الحُسَينُ عليه السلام المُوادَعَةَ ، وسَأَلَكُمُ الرَّجعَةَ ، فَاغتَنَمتُم قِلَّةَ نُصّارِهِ ۳ ، وَاستِئصالَ أهلِ بَيتِهِ ، كَأَنَّكُم تَقتُلونَ أهلَ بَيتٍ مِنَ التُّركِ أو كابُلٍ ۴
، فَكَيفَ تَجِدُني ۵ عَلى وُدِّكَ ، وتَطلُبُ نُصرَتي ، وقَد قَتَلتَ بَني أبي ، وسَيفُكَ يَقطُرُ مِن دَمي ، وأنتَ آخِذٌ ۶ ثَأري ، فَإِن يَشَأِ اللَّهُ لا يَطُل لَدَيكَ دَمي ، ولا تَسبِقني بِثَأري ، وإن تَسبِقنا بِهِ فَقَبِلنا ما قَبِلَتِ النَّبِيّونَ وآلُ النَّبِييّنَ، فَظَلَّت دِماؤُهُم فِي الدُّنيا، وكانَ المَوعِدُ اللَّهَ ، فَكَفى بِاللَّهِ لِلمَظلومينَ ناصِراً ، ومِنَ الظّالِمينَ مُنتَقِماً .
وَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ - وما عِشتَ يُريكَ ۷ الدَّهرُ العَجَبَ - حَملُكَ بَناتِ عَبدِ المُطَّلِبِ ، وحَملُكَ أبناءَهُم - اُغَيلِمَةً صِغاراً - إلَيكَ بِالشّامِ ، تُرِي النّاسَ أنَّكَ قَد قَهَرتَنا ، وأنَّكَ تُذِلُّنا ، وبِهِم - وَاللَّهِ - وبي مَنَّ اللَّهُ عَلَيكَ وعَلى أبيكَ واُمِّكَ مِنَ النِّساءِ .
وَايمُ اللَّهِ ، إنَّكَ لَتُمسي وتُصبِحُ آمِناً لِجِراحِ يَدي ، ولَيَعظُمَنَّ جَرحُكَ بِلِساني ونَقضي
1.الجِلْفُ : الأحمق (النهاية : ج ۱ ص ۲۸۷ «جلف») .
2.رجلٌ جافي الخلق : غليظ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۳۱۳ «جفا») .
3.كذا في المصدر ، وفي مجمع الزوائد : «أنصاره» .
4.لم يكن التُرك والأفاغنة عندئذٍ من المسلمين .
5.في المصدر : «تجدوني» ، والصواب ما أثبتناه كما في مجمع الزوائد .
6.كذا في المصدر ، والصواب «أحد» بدل «آخذ» كما سبق في النصّ السابق .
7.في المصدر «بربّك» ، والصواب ما أثبتناه كما في مجمع الزوائد .