581
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

وهكذا فقد ظهر الانشقاق بين أنصار النهضة، فكان معظمهم مع سليمان بن صرد لكنّ عدداً منهم انضمّوا إلى المختار . ۱
وعلى أيّ حال ، فقد بدأت نهضة التوّابين بقيادة سليمان بن صرد حركتها في سنة ۶۵ ه بهدف الإطاحة بحكومة الشام، في ظلّ الظروف التي كانت فيها الكوفة تحت سيطرة عبداللَّه بن الزبير . وأمر سليمان أنصاره بأن يجتمعوا في النخيلة استعداداً لقتال جيش الشام ، إلّا أنّه بعد وصوله إلى هذا المعسكر وجد أنّه لم يبق من الذين كانوا بايعوه - أي حوالي ۱۶ ألف شخصٍ - سوى أربعة آلاف ! ۲
فسار سليمان مع ما تبقّى من أنصاره من النخيلة إلى كربلاء ، واستغفروا اللَّه عند قبر الإمام الحسين عليه السلام بعد أن اعترفوا بذنوبهم وتعاهدوا على أن يواصلوا طريقه، وقد كتب الطبري في هذا المجال قائلاً :
لمّا انتهى سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين ، نادوا صيحةً واحدة : يا ربّ، إنّا قد خذلنا ابن بنت نبيّنا ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم ، وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصدّيقين ، وإنّا نشهدك يا ربّ أنّا على مثل ما قتلوا عليه ، فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين . ۳
وبعد أن توقّفوا يوماً وليلة إلى جوار قبر سيّد الشهداء، استعدّوا لقتال جيش الشام في عين الوردة، ۴ وكانت القوّة التي يقودها سليمان تبلغ حدود أربعة آلاف ، فيما كان عدد أفراد جيش العدوّ يبلغ عشرين ألفاً . ۵
وقد أبدى جيش سليمان شجاعة فائقة في قتال جيش الشام، ولكنّهم لم يحقّقوا

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰ و ۵۸۰، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۳.

3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۹.

4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۹۶.

5.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۹۶ - ۵۹۸ ، الفتوح: ج ۶ ص ۲۲۲.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
580

المخزومي .
فجاء إلى سليمان أصحابُه من الشيعة، فقالوا : قد مات هذا الطاغية والآمر الآن ضعيف ، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث فأخرجناه من القصر ، ثمّ أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبّعنا قتلته ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم المدفوعين عن حقّهم . فقالوا في ذلك فأكثروا .
فقال لهم سليمان بن صرد : رويداً لا تعجلوا ، إنّي قد نظرت فيما تذكرون ، فرأيت أنّ قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة وفرسان العرب ، وهم المطالبون بدمه ، ومتى علموا ما تريدون وعلموا أنّهم المطلوبون كانوا أشدّ عليكم ، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنّهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ، ولم يشفوا أنفسهم ، ولم ينكوا في عدوّهم ، وكانوا لهم جزراً ، ولكن بثّوا دعاتكم في المصر فادعوا إلى أمركم هذا شيعتكم وغير شيعتكم ، فإنّي أرجو أن يكون الناس اليوم حيث هلك هذا الطاغية ، أسرع إلى أمركم استجابة منهم قبل هلاكه .
ففعلوا ، وخرجت طائفة منهم دعاة يدعون الناس ، فاستجاب لهم ناسٌ كثير بعد هلاك يزيد بن معاوية أضعاف من كان استجاب لهم قبل ذلك . ۱
وبعد موت يزيد سنة ۶۴ه اتّسع نشاط التوّابين أكثر، وأصبحت الكوفة مهيّأة للثورة ضدّ حكومة بني اُميّة، وبعد ستّة أشهر من هلاك يزيد وعندما كان أصحاب سليمان بن صرد يعدّون أنفسهم للثورة، دخل المختار بن أبي عبيدة الكوفة - وكان قبل ذلك يتعاون لفترة مع عبد اللَّه بن الزبير ثمّ اعتزل عنه - ولكنّه رفض قيادة سليمان بن صرد ، وادّعى أنّه غير عارف بفنون الحرب، وأنّه سيعرّض الناس للقتل ، ۲ وبذلك دعا الناس لقيادته بهدف الثأر للإمام الحسين عليه السلام ، و في جوابه للذين كانوا ينهونه عن هذا الأمر طرح نفسه بعنوان أنّه ممثّل المهديّ محمّد بن الحنفيّة للثأر للإمام . ۳

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۵۸.

2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰.

3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۷۹، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13878
صفحه از 952
پرینت  ارسال به