وهكذا فقد ظهر الانشقاق بين أنصار النهضة، فكان معظمهم مع سليمان بن صرد لكنّ عدداً منهم انضمّوا إلى المختار . ۱
وعلى أيّ حال ، فقد بدأت نهضة التوّابين بقيادة سليمان بن صرد حركتها في سنة ۶۵ ه بهدف الإطاحة بحكومة الشام، في ظلّ الظروف التي كانت فيها الكوفة تحت سيطرة عبداللَّه بن الزبير . وأمر سليمان أنصاره بأن يجتمعوا في النخيلة استعداداً لقتال جيش الشام ، إلّا أنّه بعد وصوله إلى هذا المعسكر وجد أنّه لم يبق من الذين كانوا بايعوه - أي حوالي ۱۶ ألف شخصٍ - سوى أربعة آلاف ! ۲
فسار سليمان مع ما تبقّى من أنصاره من النخيلة إلى كربلاء ، واستغفروا اللَّه عند قبر الإمام الحسين عليه السلام بعد أن اعترفوا بذنوبهم وتعاهدوا على أن يواصلوا طريقه، وقد كتب الطبري في هذا المجال قائلاً :
لمّا انتهى سليمان بن صرد وأصحابه إلى قبر الحسين ، نادوا صيحةً واحدة : يا ربّ، إنّا قد خذلنا ابن بنت نبيّنا ، فاغفر لنا ما مضى منّا ، وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم ، وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصدّيقين ، وإنّا نشهدك يا ربّ أنّا على مثل ما قتلوا عليه ، فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين . ۳
وبعد أن توقّفوا يوماً وليلة إلى جوار قبر سيّد الشهداء، استعدّوا لقتال جيش الشام في عين الوردة، ۴ وكانت القوّة التي يقودها سليمان تبلغ حدود أربعة آلاف ، فيما كان عدد أفراد جيش العدوّ يبلغ عشرين ألفاً . ۵
وقد أبدى جيش سليمان شجاعة فائقة في قتال جيش الشام، ولكنّهم لم يحقّقوا
1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۰ و ۵۸۰، أنساب الأشراف: ج ۶ ص ۳۸۰، الكامل في التاريخ: ج ۲ ص ۶۳۳.
2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۳.
3.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۸۹.
4.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۹۶.
5.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۹۶ - ۵۹۸ ، الفتوح: ج ۶ ص ۲۲۲.