579
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

على النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فإنّ اللَّه قد هداك لأصوب القول ، ودعوتَ إلى أرشد الاُمور ، بدأتَ بحمد اللَّه والثناء عليه والصلاة على نبيّه صلى اللَّه عليه وآله ، ودعوتَ إلى جهاد الفاسقين ، وإلى التوبة من الذنب العظيم ، فمسموع منك مستجاب لك مقبول قولك ، قلتَ : ولّوا أمركم رجلاً منكم تفزعون إليه وتحفّون برايته ، وذلك رأيٌ قد رأينا مثل الذي رأيت ، فإن تكن أنت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيّاً ، وفينا متنصّحا في جماعتنا محبّاً ، وإن رأيت ورأى أصحابنا ذلك ولينا هذا الأمر شيخ الشيعة ، صاحب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وذا السابقة والقدم سليمان بن صرد ، المحمود في بأسه ودينه ، والموثوق بحزمه ، أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه لي ولكم .
قال: ثمّ تكلّم عبد اللَّه بن وال وعبد اللَّه بن سعد ، فحمدا ربّهما وأثنيا عليه، وتكلّما بنحوٍ من كلام رفاعة بن شدّاد ، فذكرا المسيّب بن نجبة بفضله ، وذكرا سليمان بن صرد بسابقته ورضاهما بتوليته .
فقال المسيب بن نجبة : أصبتم ووُفّقتم ، وأنا أرى مثل الذي رأيتم ، فَوَلّوا أمرَكم سليمانَ بنَ صرد . ۱
وذكر الطبري في رواية اُخرى :
كان أوّل ما ابتدعوا به من أمرهم سنة ۶۱ ه ، وهي السنة التي قُتل فيها الحسين رضي اللَّه عنه ، فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ، ودعاء الناس في السرّ من الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين ، فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفر ، فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتّى مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل سنة ۶۴ ه ، وكان بين قتل الحسين وهلاك يزيد بن معاوية ثلاث سنين وشهران وأربعة أيّام ، وهلك يزيد وأمير العراق عبيد اللَّه بن زياد وهو بالبصرة ، وخليفته بالكوفة عمرو بن حريث

1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۵۲.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
578

إلى خمسة نفر من رؤوس الشيعة : إلى سليمان بن صرد الخزاعي ؛ وكانت له صحبة مع النبي صلى اللَّه عليه وآله ، وإلى المُسيّب بن نجبة الفزاري ؛ وكان من أصحاب عليّ وخيارهم ، وإلى عبد اللَّه بن سعد بن نفيل الأزدي ، وإلى عبد اللَّه بن وال التيمي ، وإلى رفاعة بن شدّاد البجلي .
ثمّ إنّ هؤلاء النفر الخمسة اجتمعوا في منزل سليمان بن صرد وكانوا من خيار أصحاب عليّ ، ومعهم اُناس من الشيعة وخيارهم ووجوههم . قال: فلمّا اجتمعوا إلى منزل سليمان بن صرد بدأ المسيّب بن نجبة القوم بالكلام ، فتكلّم فحمد اللَّه وأثنى عليه وصلّى على نبيّه صلى اللَّه عليه وآله، ثمّ قال :
أمّا بعد، فإنّا قد ابتُلينا بطول العمر والتعرّض لأنواع الفتن ، فنرغب إلى ربّنا ألّا يجعلنا ممّن يقول له غداً: (أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَ جَآءَكُمُ النَّذِيرُ)۱ ، فإنّ أمير المؤمنين قال : «العُمرُ الَّذي أعذَرَ اللَّهُ فيهِ إلَى ابنِ آدَمَ سِتُّونَ سَنَةً» ، ۲ وليس فينا رجل إلّا وقد بلغه ، وقد كنّا مغرمين بتزكية أنفسنا وتقريظ شيعتنا ، حتّى بلا اللَّه أخيارنا فوجدنا كاذبين في موطنين من مواطن ابن ابنة نبيّنا صلى اللَّه عليه وآله ، وقد بلغتنا قبل ذلك كتبُه وقدمَت علينا رُسلُه ، وأعذر إلينا يسألنا نصره عوداً وبدءاً ، وعلانية وسرّاً ، فبخلنا عنه بأنفسنا ، حتّى قُتل إلى جانِبنا ؛ لا نحن نصرناه بأيدينا، ولا جادلنا عنه بألسنتنا ، ولا قوّيناه بأموالنا ، ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا!! فما عذرُنا إلى ربّنا وعند لقاء نبينا صلى اللَّه عليه وآله ، وقد قتل فينا ولده وحبيبه وذرّيته ونسله؟! لا واللَّه لا عذر دون أن تقتُلوا قاتلَه والمُوالين عليه ، أو تُقتَلوا في طلب ذلك ، فعسى ربّنا أن يرضى عنّا عند ذلك، وما أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن . أيّها القوم ، ولّوا عليكم رجلاً منكم؛ فإنّه لابدّ لكم من أميرٍ تفزعون إليه ، وراية تحفّون بها ، أقول قولي هذا وأستغفر اللَّه لي ولكم .
قال : فبدر القوم رفاعة بن شدّاد بعد المسيّب الكلام ، فحمد اللَّه وأثنى عليه وصلّى

1.فاطر:۳۷

2.نهج البلاغة ، الحكمة ۳۲۶ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14223
صفحه از 952
پرینت  ارسال به