ويرى البعض أنّ سبب واقعة الحرّة هو الحقد الذي كان يحمله بنو اُميّة ضدّ قبيلتي الأوس والخزرج وأهل المدينة؛ ذلك لأنّهم هبّوا لنصرة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقتلوا الكثير من بني اُميّة وقريش في الحروب المختلفة. ۱
ويمكن القول إنّ جميع هذه العوامل كان لها دور بشكلٍ مّا في ثورة أهل المدينة، ولكن إلى جانب العوامل المذكورة ، فإنّ الذي نشر الوعي بين الناس ومنحهم الجرأة وشجّعهم على الثورة ضدّ حكومة يزيد، هو واقعة عاشوراء دون شكّ ؛ ذلك لأنّ الإمام الحسين عليه السلام عندما أعلن معارضته لمبايعة يزيد قبل واقعة عاشوراء وصرّح قائلاً :
وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ . ۲
فلم يُبدِ أهل المدينة أيّ ردّ فعل تجاه ذلك ، فغادر المدينة ، ولكنّ الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة لهذه الحادثة قلبت أجواء المدينة بعد واقعة كربلاء.
ويصف السيّد ابن طاووس أوضاعَ المدينة عند عودة أهل بيت سيّد الشهداء بعد واقعة عاشوراء، نقلاً عن بشير بن حذلم، قائلاً:
فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزن من خدورهنّ ، مكشوفة شعورهنّ ، مخمشة وجوههنّ ، ضاربات خدودهنّ ، يدعون بالويل والثبور . [قال الراوي :] فلم أرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله . ۳
ولا شكّ في أنّ هذا الوضع خلق موجة من الغضب، وأيقظ الناس، ومنحهم الجرأة كي يثوروا ضدّ حكومة يزيد ، إلى جانب العوامل الاُخرى .
۲ . ثورة أهل مكّة
قائد هذه الثورة هو عبد اللَّه بن الزبير ، وهو ممّن لم يبايع يزيد ، و كان مثل بني اُميّة من