575
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

الأعداء الألدّاء لأهل البيت عليهم السلام، بحيث إنّه أجبر أباه الزبير على معاداة هذا البيت ، كما نُقل عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال :
مازالَ الزُّبَيرُ رَجُلاً مِنّا أهلَ البَيتِ حَتّى‏ نَشَأَ ابنُهُ المَشؤومُ عَبدُ اللَّهِ . ۱
ويقول ابن أبي الحديد:
وعبد اللَّه هو الذي حمل الزبير على الحرب ، وهو الذي زيّن لعائشة مسيرها إلى البصرة، وكان سبّاباً فاحشاً ، يُبغِض بني هاشم . ۲
دخل عبد اللَّه مكّة قبل وصول الإمام الحسين عليه السلام إليها؛ بهدف تهيئة الأرضيّة للاستيلاء على مقاليد الحكم، ولكنّ الناس لم يرحّبوا به ترحيباً كبيراً ، خاصّة بعد وصول الإمام الحسين عليه السلام إلى مكّة ، حيث استقطب وجوده الرأي العامّ، ولذلك لم يكن يرغب في بقاء الإمام الحسين عليه السلام فيها . كما لم تتهيّأ الأرضيّة المناسبة للاستنفار العامّ ضدّ حكومة يزيد بقيادة ابن الزبير بعد خروج الإمام منها ، وإنّما أصبح الجوّ العامّ مهيّأً للثورة ضدّ حكومة يزيد بعد واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام ، فاستغلّ ابن الزبير هذا الجوّ غاية الاستغلال لبلوغ الحكم ، رغم أنّه كان العدوّ اللدود لأهل بيت الرسالة، وهذا هو نصّ رواية الطبري في هذا المجال :
لمّا قتل الحسين عليه السلام قام ابن الزّبير في أهل مكّة ، وعظّم مقتله ، وعاب على‏ أهل الكوفة خاصّة، ولام أهل العراق عامّة، فقال - بعد أن حمد اللَّه وأثنى‏ عليه، وصلّى‏ على‏ محمّد صلى اللَّه عليه وآله - :
إنّ أهل العراق غدر فجر إلّا قليلاً ، وإنّ أهل الكوفة شرار أهل العراق ، وإنّهم دعوا حسيناً عليه السلام لينصروه ويولّوه عليهم ، فلمّا قدم عليهم ثاروا عليه ، ۳ فقالوا له : إمّا أن

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۲۰ ص ۱۰۲، اُسد الغابة: ج ۳ ص ۲۴۴، الاستيعاب: ج ۳ ص ۴۰ وليس فيهما«المشؤوم».

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۴ ص ۷۹.

3.في المصدر: «إليه» وما أثبتناه من الكامل في التاريخ ، وهو الأنسب للسياق.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
574

ويرى البعض أنّ سبب واقعة الحرّة هو الحقد الذي كان يحمله بنو اُميّة ضدّ قبيلتي الأوس والخزرج وأهل المدينة؛ ذلك لأنّهم هبّوا لنصرة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقتلوا الكثير من بني اُميّة وقريش في الحروب المختلفة. ۱
ويمكن القول إنّ جميع هذه العوامل كان لها دور بشكلٍ مّا في ثورة أهل المدينة، ولكن إلى جانب العوامل المذكورة ، فإنّ الذي نشر الوعي بين الناس ومنحهم الجرأة وشجّعهم على الثورة ضدّ حكومة يزيد، هو واقعة عاشوراء دون شكّ ؛ ذلك لأنّ الإمام الحسين عليه السلام عندما أعلن معارضته لمبايعة يزيد قبل واقعة عاشوراء وصرّح قائلاً :
وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ . ۲
فلم يُبدِ أهل المدينة أيّ ردّ فعل تجاه ذلك ، فغادر المدينة ، ولكنّ الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة لهذه الحادثة قلبت أجواء المدينة بعد واقعة كربلاء.
ويصف السيّد ابن طاووس أوضاعَ المدينة عند عودة أهل بيت سيّد الشهداء بعد واقعة عاشوراء، نقلاً عن بشير بن حذلم، قائلاً:
فما بقيت في المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلّا برزن من خدورهنّ ، مكشوفة شعورهنّ ، مخمشة وجوههنّ ، ضاربات خدودهنّ ، يدعون بالويل والثبور . [قال الراوي :] فلم أرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه بعد وفاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله . ۳
ولا شكّ في أنّ هذا الوضع خلق موجة من الغضب، وأيقظ الناس، ومنحهم الجرأة كي يثوروا ضدّ حكومة يزيد ، إلى جانب العوامل الاُخرى .

۲ . ثورة أهل مكّة

قائد هذه الثورة هو عبد اللَّه بن الزبير ، وهو ممّن لم يبايع يزيد ، و كان مثل بني اُميّة من

1.راجع: كتاب تأملي در نهضت عاشوراء«بالفارسية» .

2.راجع : ج ۱ ص ۳۳۱ ح ۲۰۰ .

3.راجع : ص ۷۴۹ ح ۱۹۵۹ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10189
صفحه از 952
پرینت  ارسال به