يمثّلون الدعامة الأساسيّة لهذه الحركات .
والملاحظة التي تستحقّ التأمّل أنّ هذه الحركات الشعبيّة المستلهمة من واقعة عاشوراء، رغم أنّها لم تؤدّ أبداً إلى حكم الإسلام الأصيل بقيادة أهل البيت عليهم السلام ، إلّا أنّها أدّت دوماً دوراً مؤثّراً في الحؤول دون تقوّض أساس الإسلام .
تأثير وقعة كربلاء على ثوراتٍ أربع
من البديهيّ أنّ دراسة وتبيين دور واقعة عاشوراء في الحركات الشعبيّة والدفاع عن كيان الإسلام الأصيل ، منذ ذلك الحين وحتّى انتصار الثورة الإسلامية ، ليس فقط أنّه لا يمكن استيعابها في هذا المقال، بل إنّها خارج نطاق هذا الكتاب أيضاً ، ولذلك فإنّنا سنكتفي بإشارة عابرة إلى أربع حركات انطلقت في العقد الأوّل بعد نهضة سيّد الشهداء، تحت التأثير المباشر أو غير المباشر لأمواج واقعة عاشوراء السياسيّة والاجتماعيّة :
۱ . ثورة أهل المدينة (واقعة الحرّة)
في السنة الثانية من حكم يزيد، وبعد سنتين من واقعة عاشوراء تقريباً، و في أواخر ذي الحجّة سنة ۶۳ ه ، ۱ ثار أهل المدينة بقيادة عبد اللَّه بن حنظلة غسيل الملائكة ۲ ضدّ حكومة يزيد، فبعث لهم يزيد جيشاً من الشام إلى المدينة بقيادة مسلم بن عقبة، وقمع بكلّ قسوةهذه الثورة الشعبيّة، ۳ وقد سُمّيتهذه المعركة بواقعة الحرّة؛لحدوثها
1.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۴، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۵۰، الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۸.
2.تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۵، أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۳۸، الطبقات الكبرى: ج ۵ ص ۶۶.
3.تروي المصادر المعتبرة أنّ مسلم بن عقبة أباح نفوس أهل المدينة وأموالهم وأعراضهم لجنوده مدّة ثلاثة أيّام، وقتل الكثير من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقارئي القرآن، كما تمّ الاعتداء على الكثير من النساء، فولدن بسبب ذلك أولاداً سمّوا فيما بعد بأبناء الحرّة، واختلفت المصادر في عدد قتلى هذه الواقعة بين ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف، وبعد ثلاثة أيّام أخذ مسلم بن عقبة البيعة من الأهالي باعتبارهم عبيداً خالصين ليزيد، له الحقّ في أن يتصرّف في أموالهم وأعراضهم كما يشاء (راجع: أنساب الأشراف: ج ۵ ص ۳۴۵- ۳۵۰ وتاريخ الطبري: ج ۵ ص ۴۹۵ ومروج الذهب: ج ۳ ص ۷۸ ومعجم البلدان: ج ۲ ص ۲۴۹ وتاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۲۵۰).