571
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

أمّا بَعدُ ، فَإِنَّكَ كَتَبَت في يَومِ كَذا ، في ساعَةِ كَذا، في شَهرِ كَذا، في سَنَةِ كَذا بِكَذا وكَذا، وإنَّ اللَّهَ تَعالى‏ قَد شَكَرَ لَكَ ذلِكَ ، لِأَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أتاني في مَنامي فَأَخبَرَني أنَّكَ كَتَبتَ في يَومِ كَذا ، في ساعَةِ كَذا، وأنَّ اللَّهَ تَعالى‏ قَد شَكَرَ لَكَ ذلِكَ ، وثَبَّتَ مُلكَكَ ، وزادَكَ فيهِ بُرهَةً . ۱
وعندما وصل كتاب الإمام زين العابدين عليه السلام إلى عبد الملك ، رأى أنّ تاريخه يتزامن مع إرسال كتابه إلى الحجّاج ، ولذلك لم يتردّد في صدق تنبّؤ الإمام عليه السلام وأبدى ارتياحه الكبير . ۲
وممّا يجدر ذكره أنّ سياسة عبد الملك هذه لم تستمرّ في الذين خلفوه ، فإنّ جرائم بني مروان وإن لم تبلغ مستوى جرائم معاوية وابنه يزيد ، إلّا أنّها لم تكن تختلف عنها اختلافاً كبيراً، بل إنّ السياسات نفسها تواصلت بشكل عام، ولذلك يصرّح الإمام الصادق عليه السلام في الرواية التي نقلت بشأن انتقال الحكم من بني سفيان إلى بني مروان، قائلاً وهو يخاطب الخليفة العبّاسيّ المنصور :
فَلَمّا قَتَلَ هِشامُ زَيداً ، سَلَبَهُ اللَّهُ مُلكَهُ فَوَرَّثَهُ مَروانَ بنَ مُحَمَّدٍ ، فَلَمّا قَتَلَ مَروانُ إبراهيمَ ، سَلَبَهُ اللَّهُ مُلكَهُ فَأَعطاكُموهُ . ۳
وكما وردت الإشارة في هذه الرواية، فقد زالت حكومة بني اُميّة التي كانت تمثّل أكبر خطر على الإسلام ، تماماً سنة ۱۳۲ ه ؛ أي بعد ۷۱ سنة من واقعة عاشوراء، وأمسك بنو العبّاس عمّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بزمام حكم العالم الإسلامي .
ولم تمضِ مدّةٌ طويلة حتّى انتهج حكّام بني العبّاس سياسات حكّام بني اُميّة نفسها. وتعاملوا بقسوة مع الأمواج السياسيّة الاجتماعيّة المطالبة بالإصلاح ، والتي كانت تمتدّ جذورها إلى وقعة عاشوراء، كما واجهوا آل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الذين كانوا

1.الكافي: ج ۲ ص ۵۶۳ ح ۲۲، بحار الأنوار: ج ۴۷ ص ۲۰۹ ح ۵۱.

2.الثاقب في المناقب: ص ۳۶۱ح ۳۰۰ ، كشف الغمة: ج ۲ ص ۳۲۴، بحار الأنوار: ج ۴۶ ص ۴۴ ح ۴۴ .

3.نفس المصادر .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
570

بشكل طبيعيّ أن يستمرّ الحكم في اُسرة أبي سفيان لأجيالٍ عديدة ، إلّا أنّ الجريمة التي ارتكبها يزيد أزالت هذه الأرضيّة .
وبتعبير آخر فإنّ نسبة استمرار حكم بني سفيان أو عدم استمراره وانتقاله إلى بني مروان ، إلى اللَّه تعالى في الحديث المذكور هي من باب التوحيد في الأفعال ، حيث لا تتحقّق أيّ ظاهرة في العالم من دون مشيئته ، ولكنّه مع ذلك لا ينفي إرادة الإنسان ، ولا يدلّ على مشروعيّة الظاهرة .
وقد جاء في رواية اُخرى عن الإمام الصادق عليه السلام :
لَمّا وَلِيَ عَبدُ المَلِكِ بنُ مَروانَ الخِلافَةَ ، كَتَبَ إلَى الحَجّاجِ بنِ يوسُفَ : بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِن عَبدِ المَلِكِ بنِ مَروانَ أميرِ المُؤمِنينَ إلَى الحَجّاجِ بنِ يُوسفَ .
أمّا بَعدُ ، فَانظُر دِماءَ بَني عَبدِ المُطَّلِبِ فَاحتَقِنها واجتَنبِها ؛ فَإِنّي رَأَيتُ آلَ أبي سُفيانَ لَمّا وَلَغوا فيها لَم يَلبَثوا إلّا قَليلاً ، وَالسَّلامُ . ۱

كما ذكر ابن عبد ربّه في العقد الفريد :
كتب [عبد الملك بن مروان‏] إلى الحجّاج بن يوسف: «جنّبني دماء بني عبد المطّلب ، فليس فيها شفاء من الحرب ، ۲ وإنّي رأيت بني حرب سُلبوا ملكهم لمّا قتلوا الحسين بن عليّ» . فلم يتعرّض الحجّاج لأحد من الطالبيين في أيّامه. ۳
وجاء في رواية أنّ هذا الكتاب بعثه عبدالملك بشكل سرّي إلى الحجّاج ، وبعد إرسال هذا الكتاب بقليل ، بعث الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام ، كتاباً إلى عبد الملك قال فيه :

1.كشف الغمّة: ج ۲ ص ۳۲۴، الثاقب في المناقب: ص ۳۶۱ ح ۳۰۰ نحوه، بحار الأنوار: ج ۴۶ ص ۴۴ ح ۴۴.

2.الحَرَب: الغَضَب (راجع : النهاية: ج ۱ ص ۳۵۹ «حرب» ).

3.العقد الفريد: ج ۳ ص ۳۸۲، المحاسن والمساوئ: ص ۵۵، جواهر المطالب: ج ۲ ص ۲۷۸ كلاهما نحوه.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14306
صفحه از 952
پرینت  ارسال به