569
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

بل حتّى إلى اُسر المجرمين . ۱ ولم تمرّ فترة طويلة حتّى اضطرّ أعدى أعداء أهل البيت يزيد الذي هو أوّل مجرم تسبّب في هذه المأساة، إلى أن يعتبر ابن زياد المسؤول المباشر عن هذه الجريمة ؛ وذلك كي يبقى بمأمنٍ من غضب الناس ، وبهدف استمرار حكمه، حيث قال :
لعن اللَّه ابن مرجانة فإنّه أخرجه واضطرّه ... وقتله ، فبغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع لي في قلوبهم العداوة ، فبغضني البرّ والفاجر . ۲
كما أبدى الأشخاص الذين لعبوا دوراً في مأساة كربلاء ندمهم على ما فعلوه، كلٌّ باُسلوبٍ معيّن . ۳
ومن جهة اُخرى، فقد لحقت الآثار التكوينيّة لهذه الجريمة من قام بها وشارك فيها من المجرمين. ۴ وبعد ثلاث سنوات من حادثة عاشوراء، هلك يزيد وانتقل الحكم بموته من آل أبي سفيان - الذين كانوا ينوون التسلّط على رقاب المسلمين وحكمهم لقرون - إلى بني مروان .
وقد جاء في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام يخاطب فيها المنصور الدوانيقي:
إنَّ هذَا المُلكَ كانَ في آلِ أبي سُفيانَ ، فَلَمّا قَتَلَ يَزيدُ حُسَيناً سَلَبَهُ اللَّهُ مُلكَهُ ، فَوَرَّثَهُ آلَ مَروانَ . ۵
ولا شكّ في أنّ الإمام عليه السلام لا يريد بهذا الكلام أنّه لو لا شهادة الإمام الحسين عليه السلام لكانت حكومة بني سفيان شرعيّة ، أو أنّ انتقالها إلى بني مروان كان شرعيّاً ، بل يعني أنّه في ظلّ الجوّ السياسيّ الاجتماعيّ الذي كان معاوية قد أوجده، كان بالإمكان

1.راجع: ص ۶۲۳ (الفصل الثالث : صدى قتل الإمام عليه السلام في ذوي قاتليه).

2.راجع : ص ۵۳۴ ح ۱۶۵۲ .

3.راجع: ص ۶۱۵ (الفصل الثاني : صدى قتل الإمام عليه السلام فيمن شارك في قتله).

4.راجع : ص ۶۴۱ (الفصل السادس : مصير من كان له دور في قتل الإمام عليه السلام وأصحابه) .

5.الكافي: ج ۲ ص ۵۶۳ ح ۲۲، بحار الأنوار: ج ۴۷ ص ۲۰۹ ح ۵۱.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
568

ومخطّطه للقضاء على هذا الدين الإلهي .
يقول مطرف بن المغيرة بن شعبة:
وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية، فكان أبي يأتيه يتحدّث عنده، ثمّ ينصرف إليَّ فيذكر معاوية ويذكر عقله، ويعجب ممّا يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، فرأيته مغتمّاً ، فانتظرته ساعة، وظننت أنّه لشي‏ء حدث فينا أو في عملنا، فقلت له: مالي أراك مغتمّاً منذ الليلة؟ قال: يا بنيّ ، إنّي جئت من عند أخبث الناس! قلت له: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به : إنّك قد بلغت منّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلاً ، وبسطت خيراً ؛ فإنّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فواللَّه، ما عندهم اليوم شي‏ء تخافه، فقال لي: هيهات هيهات!! ملك أخو تَيْمٍ فعدل وفعل ما فعل، فواللَّه، ما عدا أن هلك فهلك ذكره، إلّا أن يقول قائل: أبوبكر، ثمّ ملك أخو عَدِيٍّ ، فاجتهد وشمّر عشر سنين، واللَّه، ما عدا أن هلك فهلك ذكره، إلّا أن يقول قائل: عمر، ثمّ ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه، فعمل ما عمل [وعمل به‏] ، فواللَّه، ما عدا أن هلك فهلك ذكره، وذكر ما فعل به، وإنّ أخا هاشم يُصرَخُ به في كلّ يومٍ خمس مرّات: «أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه»، فأيّ عمل يبقى مع هذا لا اُمّ لك؟! واللَّه، إلّا دفناً دفناً . ۱
وقد أدّى الانعكاس الاجتماعيّ والسياسيّ لشهادة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في المجتمع الإسلامي، إلى أن تواجه الحكومة الاُمويّة مشكلة حادّة. فقد أدانت الشخصيّات البارزة في العالم الإسلامي هذا العمل الإجراميّ . ۲ وقد سرت أمواج المظلومية التي لحقت بشهداء كربلاء ، وإدانة هذه المأساة إلى خارج العالم الإسلامي ، ۳

1.مروج الذهب: ج ۴ ص ۴۱، الأخبار الموفقيات: ص ۵۷۶ الرقم ۳۷۵، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۳ ص ۲۸۸ ؛ كشف اليقين: ص ۴۶۶ الرقم ۶۵۴، كشف الغمة: ج ۲ ص ۴۴ كلها نحوه، بحار الأنوار: ج ۳۳ ص ۱۶۹الرقم ۴۴۳ وراجع: موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ: ج ۳ ص ۲۸۸ (القسم السادس / الحرب الثانية / الفصل الثاني / أهداف معاوية).

2.راجع: ص ۵۸۷ (الفصل الأوّل : صدى قتل الإمام عليه السلام في الشخصيات البارزة).

3.راجع: ص ۶۳۷ (الفصل الخامس: صدى واقعة كربلاء في غير المسلمين).

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14309
صفحه از 952
پرینت  ارسال به