حتّى سكن غضب يزيد اللعين وحصل له الاطمئنان ، وأذن للإمام السجّاد بالرجوع مع النساء والأطفال ، فكيف يمكن أن يحدث ذلك الإياب والذهاب في مدّة أربعين يوماً؟!
فالمراد هو أربعين السنة اللّاحقة قطعاً ، والتي هي سنة اثنين وستّين للهجرة، وكلّ من نظر بتدبّر فسوف يصدّق كاتب الرسالة ، وأنّ جابر بن عبد اللَّه تشرّف بالزيارة في الأربعين من عام ۶۲ . ويعود شرف جابر إلى أنّه أوّل كبار الصحابة المخلصين والمعزّين الذين شدّوا الرحال لزيارة سيد الشهداء، ونال هذه السعادة وكفاه فخراً ، وإنّ كاتب الرسالة منفرد في هذا القول، أقول ذلك وأخرج من عهدته، واللَّه وليّ التوفيق . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّ الكاتب لم يقم دليلاً على إثبات رأيه، ومن البديهيّ أنّ القرائن المؤدّية إلى استبعاد وصول أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الاُولى لا تُثبِت أنّه كان في الأربعين الثانية .
د - عودة أهل البيت إلى كربلاء في غير الأربعين
يُعدّ الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني (م ۴۴۰ه . ق) وترجمة الفتوح - بالفارسيّة للمستوفي الهروي (القرن ۶ ه) - هما المصدران الوحيدان بين المصادر القديمة ، اللذان صرّحا بأنّ أهل بيت سيّد الشهداء عادوا إلى كربلاء في الأربعين ۲ ، ولكن ليس من السهل قبوله هذا الكلام نظراً إلى ما تقدم بيانه ، خاصّة وإنّ أيّاً من المصادر لم تطرح هذا الرأي حتّى القرون الأخيرة .
إلا أنّ عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في غير الأربعين قد ذُكرت في مصادر مثل: أمالي الصدوق ، ۳ اللهوف ، ومثير الأحزان . ۴ ولعلّ الإشكال الوحيد الذي
1.قمقام زخار (بالفارسية): ص ۵۸۶.
2.راجع : ص ۵۴۴ ح ۱۶۷۹ و ص ۳۷۶ (القسم السادس / الفصل الرابع / كربلاء) .
3.راجع : ص ۵۴۵ ح ۱۶۷۹ . ويُستفاد منه رجوع الإمام السجّاد عليه السلام إلى كربلاء وأمّا بقية أهل البيت فهو ساكت عنه .
4.راجع : ص ۵۴۴ ح ۱۶۷۷ و ۱۶۷۸ .