555
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

حتّى سكن غضب يزيد اللعين وحصل له الاطمئنان ، وأذن للإمام السجّاد بالرجوع مع النساء والأطفال ، فكيف يمكن أن يحدث ذلك الإياب والذهاب في مدّة أربعين يوماً؟!
فالمراد هو أربعين السنة اللّاحقة قطعاً ، والتي هي سنة اثنين وستّين للهجرة، وكلّ من نظر بتدبّر فسوف يصدّق كاتب الرسالة ، وأنّ جابر بن عبد اللَّه تشرّف بالزيارة في الأربعين من عام ۶۲ . ويعود شرف جابر إلى أنّه أوّل كبار الصحابة المخلصين والمعزّين الذين شدّوا الرحال لزيارة سيد الشهداء، ونال هذه السعادة وكفاه فخراً ، وإنّ كاتب الرسالة منفرد في هذا القول، أقول ذلك وأخرج من عهدته، واللَّه وليّ التوفيق . ۱
وممّا يجدر ذكره أنّ الكاتب لم يقم دليلاً على إثبات رأيه، ومن البديهيّ أنّ القرائن المؤدّية إلى استبعاد وصول أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الاُولى لا تُثبِت أنّه كان في الأربعين الثانية .

د - عودة أهل البيت إلى كربلاء في غير الأربعين

يُعدّ الآثار الباقية لأبي الريحان البيروني (م ۴۴۰ه . ق) وترجمة الفتوح - بالفارسيّة للمستوفي الهروي (القرن ۶ ه) - هما المصدران الوحيدان بين المصادر القديمة ، اللذان صرّحا بأنّ أهل بيت سيّد الشهداء عادوا إلى كربلاء في الأربعين ۲ ، ولكن ليس من السهل قبوله هذا الكلام نظراً إلى ما تقدم بيانه ، خاصّة وإنّ أيّاً من المصادر لم تطرح هذا الرأي حتّى القرون الأخيرة .
إلا أنّ عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في غير الأربعين قد ذُكرت في مصادر مثل: أمالي الصدوق ، ۳ اللهوف ، ومثير الأحزان . ۴ ولعلّ الإشكال الوحيد الذي

1.قمقام زخار (بالفارسية): ص ۵۸۶.

2.راجع : ص ۵۴۴ ح ۱۶۷۹ و ص ۳۷۶ (القسم السادس / الفصل الرابع / كربلاء) .

3.راجع : ص ۵۴۵ ح ۱۶۷۹ . ويُستفاد منه رجوع الإمام السجّاد عليه السلام إلى كربلاء وأمّا بقية أهل البيت فهو ساكت عنه .

4.راجع : ص ۵۴۴ ح ۱۶۷۷ و ۱۶۷۸ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
554

من صفر... . ۱
ويتّضح من خلال التأمّل في هذا الكلام ، أن لا تعارض بين كلام السيّد ابن طاووس هنا وبين ما نقله في كتاب اللهوف ، من أنّ أهل البيت مرّوا بكربلاء خلال عودتهم من الشام ، وما استبعده هو وصول أهل البيت في الأربعين الاُولى إلى كربلاء، لا مجيئهم مطلقاً. وبناءً على ذلك ، فما قيل من أنّ السيّد ابن طاووس عدل في كتاب الإقبال عن كلامه في اللهوف ۲ ، ليس صحيحاً ، وسببه هو عدم التأمّل في كلامه .

ج - عودة أهل البيت إلى كربلاء في الأربعين الثانية

يرى البعض، استناداً إلى القرائن الدالّة على عدم إمكان عودة أهل بيت سيّد الشهداء إلى كربلاء في الأربعين الاُولى ، أنّ وصولهم ووصول جابر بن عبد اللَّه الأنصاري إلى كربلاء كان في الأربعين الثانية وفي عام ۶۲ للهجرة، يقول صاحب كتاب قمقام زخّار في هذا المجال :
من الصعب تصديق مجي‏ء أهل بيت سيّد الشهداء في يوم الأربعين من سنة ۶۱ للهجرة إلى كربلاء المقدّسة ، إذا لاحظنا المسافة والسفر المتعارف ، بل هو خلاف العقل ، ففي يوم عاشوراء فاز الإمام عليه السلام بدرجة الشهادة الرفيعة ، ومكث عمر بن سعد يوماً لدفن قتلاه ، وانطلق في اليوم الحادي عشر ، وتبلغ المسافة بين كربلاء المقدّسة والكوفة إذا لوحظت بخطّ مستقيم ثمانية فراسخ تقريباً ، وقد أبقى اللعين عبيد اللَّه أهل بيت العصمة بضعة أيّام في الكوفة كي يشتهر عمله ويدخل الرعب في قلوب قبائل العرب ، حتّى بلغه الخبر من يزيد، بإرسال الاُسارى إلى دمشق ، وأرسلهم عن طريق حرّان وزيرة وحلب، وهي مسافة بعيدة وتبلغ من الكوفة إلى دمشق بخطّ مستقيم حوالي ۱۷۵ فرسخاً .
وبعد وصولهم إلى الشام أبقوهم فيها ستّة أشهر استناداً إلى إحدى الروايات ،

1.الإقبال : ج ۳ ص ۱۰۰.

2.راجع : حماسه حسيني (بالفارسية) : ج ۱ ص ۳۰، منتهى الآمال (بالفارسية): ص ۴۸۱.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 10148
صفحه از 952
پرینت  ارسال به