551
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني

الوثوق من كلام ذلك الراوي المجهول الذي نقل عنه في اللهوف بالمرّة ، والذي هو من أهل السير والتواريخ ، وإذا ما ضممنا إليه تلك الشواهد في المقدّمة ، فإنّ اُصول هذا الاحتمال تنهدم من الأساس . وعلى هذا فإنّ ما يذكره قرّاء المآتم بنحو قطعي بشأن حدوث هذه الواقعة لمجرّد الكلام المذكور، ينمّ عن نهاية الجهل والتجرّؤ، وليتهم قنعوا بالأسطر القليلة الواردة في اللهوف ، أو مقتل أبي مخنف، ولم يزرعوها في قلوبهم كما تزرع الشجرة في أرض سبخة قاحلة، ولَما تشعّبت منها كلّ تلك الأغصان والأوراق، ولما قطفوا منها ثمار الأكاذيب المختلفة ، ولما نقلوا على لسان حجّة اللَّه البالغة الإمام السجّاد عليه السلام كلّ ذلك الكذب بشأن اللقاء المزعوم مع جابر... . ۱
وكتب المحدّث القمّي أيضاً تبعاً لاُستاذه المحدّث النوري قائلاً :
اعلموا إنّ ثقاة المحدّثين والمؤرّخين متّفقون، بل إنّ السيّد الجليل عليّ بن طاووس نفسه روى أيضاً أنّ عمر بن سعد اللعين بعث بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام رؤوس الشهداء أوّلاً إلى الملعون ابن زياد ، ثمّ حمل بعد ذلك اليوم أهل البيت إلى الكوفة ، فحبسهم ابن زياد الخبيث بعد معرفته بأهل البيت عليهم السلام والشماتة بهم ، وبعث كتاباً إلى يزيد بن معاوية بشأن ما عليه أن يفعله بأهل البيت والرؤوس ، فأجابه يزيد بأنّ عليه أن يبعثهم إلى الشام.
ولا جرم أنّ ابن زياد الملعون أعدّ سفرهم وأرسلهم إلى الشام ، والذي يظهر من القضايا العديدة والحكايات المتفرّقة المنقولة بشأن تسييرهم إلى الشام والمرويّة في الكتب المعتبرة أنّه تمّ تسييرهم من الطريق السلطاني والقرى والمدن العامرة ، حيث يبلغ هذا الطريق حوالي أربعين منزلاً ، وإذا غضضنا النظر عن ذكر منازلهم وقلنا إنّ سيرهم كان من الصحراء في غرب الفرات ، فإنّه يستغرق عشرين يوماً أيضاً ، فقد ذكر أنّ المسافة بين الكوفة والشام إذا كانت بخطٍّ مستقيم هي مئة وخمسة وسبعين فرسخاً ، وأقاموا في الشام ما يقرب من شهر ، كما ذكر السيّد في

1.اللؤلؤ والمرجان (بالفارسية) : ص ۱۶۱ - ۱۶۲.


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
550

بجابر، في حين أنّ المصدر الوحيد له هو كتاب اللهوف ، والذي كذّب مؤلّفه - السيّد ابن طاووس - ذلك في كتبه الاُخرى ، أو على الأقلّ لم يؤيّده ، ولا يوجد أيّ دليل عقلي يؤيّده . وهل يمكن منع مثل هذه القضايا التي تذكر كلّ سنة؟! لقد كان جابر أوّل زائر للإمام الحسين عليه السلام، والأربعينيّة لا تتضمّن شيئاً سوى زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام . فالموضوع ليس هو تجديد عزاء أهل البيت، وليس هو مجي‏ء أهل البيت إلى كربلاء، بل إنّ طريق الشام لا يمرّ بكربلاء أساساً، فطريق الشام إلى المدينة يفترق عن طريق كربلاء من الشام . ۱
ويبدو أنّ هذا الرأي يقوم على ما قاله المحدّث النوري في كتاب اللؤلؤ والمرجان في هذا المجال، حيث يقول ضمن بيان أدلّته لإثبات عدم عودة أهل البيت إلى كربلاء:
لا يخفى على كلّ ناظر في كتب المقاتل ، أنّه بعد الندم الظاهري للرجس الخبيث يزيد ، والاعتذار ، وتخيير آل اللَّه بين البقاء في الشام والعودة إلى الوطن الأصلي المدينة المنورة ، واختيارهم الرجوع ؛ أنّهم خرجوا من الشام متّجهين إلى المدينة، ولا نجد ذكراً للعراق وكربلاء ، ولم يكن من المقرّر أن يتّجهوا نحو تلك الجهة ، فطريق الشام إلى العراق يفترق من نفس الشام عن طريق الشام إلى الحجاز ، ولا يجمعهما قدر مشترك كما سمعناه من المتردّدين ، ويتّضح من اختلاف الطول الجغرافي لهذه البلدان الثلاثة ، فمن يعزم الذهاب من الشام إلى العراق فإنّ عليه أن يتّجه من هناك ويسير في طريق العراق، وإذا ما خرج أهل البيت من هناك بهذا القصد كما يبدو من ظاهر عبارة اللهوف ، فلا يتيسّر لهم ذلك من دون علم يزيد الخبيث وإذنه ، ولم يرد في تلك المجالس ذكر لهذا القصد ، ويبدو أنّهم لم يكونوا يقصدون من السير إلى العراق سوى زيارة التربة المقدّسة ، ولا نظنّ أنّ يزيد - مع خبث سريرته ورجاسة فطرته - يرضى بذلك لو أظهروا له هذا العزم ويأذن لهم في ذلك ويضاعف نفقات السفر مع دناءة طبعه وقلّة حيائه، بحيث يقدّم لهم مئتي دينار ويقول لهم : إنّ هذا بدل عمّا فاتكم. وعلى أيّ حال فإنّ هذا الاستبعاد يسلب

1.حماسه حسيني (بالفارسية) : ج ۱ ص ۳۰ وراجع: بررسي تاريخ عاشوراء (بالفارسية) : ص‏۱۳۹.

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام - المجلّد الثّاني
    سایر پدیدآورندگان :
    سيّد محمود طباطبايي‌نژاد، سيّد روح الله سيّد طبائي، محمّد احسانى‏فر لنگرودى، عبدالهادي مسعودي، سيد محمّد كاظم طّباطبائي، مجتبي غيوري
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1392
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 13782
صفحه از 952
پرینت  ارسال به