فَقَتَلَ مِنهُم ثَمانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً ثُمَّ قُتِلَ ، فَأَتاهُ الحُسَينُ عليه السلام ودَمُهُ يَشخَبُ ۱ ، فَقالَ : بَخٍ بَخٍ يا حُرُّ ، أنتَ حُرٌّ كَما سُمِّيتَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، ثُمَّ أنشَأَ الحُسَينُ عليه السلام يَقولُ :
لَنِعمَ الحُرُّ حُرُّ بَني رِياحِونِعمَ الحُرُّ مُختَلَفُ الرِّماحِ
ونِعمَ الحُرُّ إذ نادى حُسَيناًفَجادَ بِنَفسِهِ عِندَ الصَّباحِ ۲
۹۲۸.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي عن أبي مخنف : صاحَ [الحُسَينُ عليه السلام] : أما مِن مُغيثٍ يُغيثُنا لِوَجهِ اللَّهِ تَعالى . أما مِن ذابٍّ يَذُبُّ عَن حَرَمِ رَسولِ اللَّهِ !
فَلَمّا سَمِعَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ هذَا الكَلامَ ، اضطَرَبَ قَلبُهُ ، ودَمَعَت عَيناهُ فَخَرَجَ باكِياً مُتَضَرِّعاً مَعَ غُلامٍ لَهُ تُركِيٍّ . وكانَ كَيفِيَّةُ انتِقالِهِ إلَى الحُسَينِ عليه السلام أنَّهُ لَمّا سَمِعَ هذَا الكَلامَ مِنَ الحُسَينِ عليه السلام أتى إلى عُمَرَ بنِ سَعدٍ ، فَقالَ لَهُ : أمُقاتِلٌ أنتَ هذَا الرَّجُلَ ؟ قالَ : إي وَاللَّهِ ! قِتالاً شَديداً أيسَرُهُ أن تَسقُطَ الرُّؤوسُ وتَطيحَ الأَيدي ، فَقالَ : أما لَكُم في واحِدَةٍ مِنَ الخِصالِ الَّتي عَرَضَ عَلَيكُم رِضىً ؟ فَقالَ : وَاللَّهِ لَو كانَ الأَمرُ إلَيَّ لَفَعَلتُ ، ولكِنَّ أميرَكَ قَد أبى ذلِكَ .
فَأَقبَلَ الحُرُّ حَتّى وَقَفَ عَنِ النّاسِ جانِباً ومَعَهُ رَجُلٌ مِن قَومِهِ يُقالُ لَهُ : قُرَّةُ بنُ قَيسٍ ، فَقالَ لَهُ : يا قُرَّةُ ! هَل سَقَيتَ فَرَسَكَ اليَومَ ماءً ؟ قالَ : لا ! قالَ : أما تُريدُ أن تَسقِيَهُ ؟ قالَ قُرَّةُ : فَظَنَنتُ وَاللَّهِ أنَّهُ يُريدُ أن يَتَنَحّى فَلا يَشهَدَ القِتالَ ، ويَكرَهُ أن أراهُ يَصنَعُ ذلِكَ مَخافَةَ أن أرفَعَ عَلَيهِ ، فَقُلتُ لَهُ : لَم أسقِهِ ، وأنَا مُنطَلِقٌ فَأَسقيهِ .
قالَ : فَاعتَزَلتُ ذلِكَ المَكانَ الَّذي كانَ فيهِ ، وَاللَّهِ لَو أطلَعَني عَلَى الَّذي يُريدُ لَخَرَجتُ مَعَهُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام . فَأَخَذَ يَدنو قَليلاً قَليلاً ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن قَومِهِ : يا أبا يَزيدَ ! إنَّ أمرَكَ لَمُريبٌ ، فَمَا الَّذي تُريدُ ؟ قالَ : وَاللَّهِ إنّي اُخَيِّرُ نَفسي بَينَ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، ووَاللَّهِ لا